«متى المسكين».. من عشق البحر والموسيقى إلى «الرهبنة»

  • 10/25/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يعتبر الراهب القمص متى المسكين من أكثر الشخصيات القبطية إثارة للجدل في تاريخ الكنيسة فهو المعلم الذى ينتهج فكرا خاصا به ومدرسة بها الكثير من التلاميذ، وعلى الرغم من رحيله إلا أن أفكاره ومدرسته باقية حتى يومنا هذا، فقد تحول "المسكين" من شخص محب للموسيقى والألوان والصور وعاشق لبحر الإسكندرية إلى الرهبنة معلنا تركه للعالم وبما فيه من أهواء، إنه الأب متى المسكين.كمال زاخر المفكر القبطى قال: الأب متى المسكين تجربة مصرية متفردة فقد أدرك عمق الرهبنة القبطية، وأعادها إلى دورها البحثى التراثى، ليصبح دير أنبا مقار إلى موقعه المتقدم بين الأديرة، واستقدم خبراء في اللغة اليونانية، القديمة، التى سجل بها آباء الكنيسة كتاباتهم في القرون الأولي.تابع "زاخر" في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز": وتتلمذ عليهم رهبان الدير، وأنتجوا العديد من الكتب المميزة وأعاد للدير دوره التنموى بالدخول في دائرة التصنيع الزراعى، وعنه أخذت بقية الأديرة، وأعاد الانضباط للحياة الرهبانية وعدم اختلاطها بالحياة خارجها، وقدم للمكتبة المسيحية العربية أكثر من مائة مرجع فضلًا عن مئات الكتيبات الروحية واللاهوتية، فالأب متى المسكين لم يكتشف بعد.وعن رأى الأنبا إبيفانيوس أسقف ورئيس ديـر القديس أنبا مقار الراحل والذى قاله في مؤتمر ”بوزى Bose“ بإيطاليا، بمناسبة الذكرى العاشرة لرحيل الأب متى المسكين: قبل رحيل الأب متى المسكين ترك لأولاده ميراثًا غزيرًا روحيًا وإنسانيًا، ما زلنا نغترف منه حتى الآن، ولا ندَّعى أننا قد استطعنا أن نستوعبه كله أو حتى نُدرك أبعاده.تابع: من الصعب على غير الدارسين لتاريخ الكنيسة القبطية في العصر الحديث أن يُدركوا مدى الأثر الذى تركه الأب متى المسكين في نظرة الأقباط للكنائس الأخرى.مضيفا: فكان الأب متى المسكين هو أول من أعاد ”مائدة الأغابي“ التى يجتمع حولها الرهبان كل يوم، كطقس رهبانى أصيل، يُوحِّد الرهبان معًا في خبز المحبة، بعد أن كان هذا الطقس قد اختفى من أديرتنا منذ مئات السنين وقد سعدتُ جدًا عندما استضافنى الرهبان هنا لأخذ بركة الشركة في مائدة المحبة الرهبانية، فوجدتُ فيهم نفس روح الشركة التى علَّمنا إيَّاها أبونا متى، مُناديًا أنَّ الشركة في المائدة الواحدة هو امتدادٌ للشركة في الإفخارستيا كما وضع الأب متى أُسُس العمل اليدوى، كعملٍ مشترك لكلِّ رهبان الدير القادرين على العمل، واضعًا في ذهنه أنه على الراهب أن يعول نفسه، وأن يُقدِّم فائض عمله لخدمة المحتاجين، حسب وصية آباء الرهبنة“."المسكين" من كلية الصيدلة حتى الرهبنة: وُلد متى المسكين باسم "يوسف" يوم ٢٠ سبتمبر عام ١٩١٩ وكانت أسرة "يوسف إسكندر" غنية بالإيمان الشديد وتخرج "المسكين" في كلية الصيدلة عام ١٩٤٤ وكان اجتماعيا جدا فكان يحب بحر الإسكندرية والموسيقى ويرسم الصور بالزيت وله شبكة أصدقاء كبيرة مع شراء الهدايا للمحيطين ولكن رغم ذلك دخل حياة الرهبنة وترهبن في دير الأنبا صموئيل المعترف (القلموني) في الصعيد يوم ١٠ أغسطس ١٩٤٨ واختار هذا الدير لأنه كان أفقر دير وأبعد دير عن العمران وأكثرهم عزلة، فكان يطوى الليالى في قراءة الكتاب المقدس بتعمق شديد وفى الصلاة والتسبيح حتى الصباح وأول ٢٨ يوما في الدير قضاها في البكاء والصلاة من أجل أن يمنحه الله القوة للانقطاع عن العالم وقال له في صلاته عند دخوله الدير لأول مرة "أنا لعازر.. أقمنى يا رب من فضلك".يعتبر عام ١٩٥٤ هو عام اختيار بابا الإسكندرية الأنبا يوساب الثانى لمتى المسكين وكيلًا له في مدينة الإسكندرية حيث مكث نحو سنة وشهرين ترك فيهام أثرا كبيرا في شعب الكنيسة بالإسكندرية إلا أنه في أوائل عام ١٩٥٥ آثر العودة إلى مغارته بالدير ليكمل حياته الرهبانية وأُقيل (تلغراف من أنبا يوساب) وعاد إلى دير السريان وآنذاك ازداد الإقبال على التتلمذ له في طريق الرهبنة وفى عام ١٩٥٦ ترك دير السريان إلى ديره القديم (الأنبا صموئيل) طلبًا لمزيد من الهدوء فتبعه تلاميذه الجدد إلى هناك ظل هناك ٣ سنين رُشح خلالها للمرة الأولى ليكون بطريركا.رحيل المسكين ووصيته للرهبان: رحل المعلم متى المسكين تاركا خلفه العديد من التلاميذ والأفكار يوم الخميس الموافق ٨ يونيو ٢٠٠٦ عن عمر يناهز ٨٧ عامًا ودُفِنَ في مغارة في صخرة ضمن الأسوار المُحيطة بأرض دير أبو مقار، وكان قد اختار مكانها قبل رحيله بثلاث سنوات حيث نشر رهبان الدير في بعض الجرائد أنه ترك وصية بأن لا تصلى عليه أيَّة قيادات كنسيَّة، إنما يصلى عليه رهبان الدير فقط.

مشاركة :