الأب متى المسكين.. الراهب الأحمر والطريق إلى الرهبنة العلمانية

  • 7/4/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الأب متى المسكين.. الراهب الأحمر والطريق إلى الرهبنة العلمانية، لعب دورًا مؤثرًا في تاريخ الرهبنة، وأثار الجدل حيًا وبعد رحيله، دفع ثمنا غاليا في معركته مع رأس الكنيسة، البابا شنودة الثالث هاجمه علانيةً بشدة في عظاته، البابا تواضروس أعاد عرض كتب "المسكين" بمكتبات الأديرة والكنيسة. كان الأب متى المسكين، من أوائل الرهبان الذين ذهبوا للدير، وهو يحمل مؤهلا علميا، بكالوريوس الصيدلة عام 1948، ولعب دورًا مؤثرًا في تاريخ الرهبنة. وقد أثار الأب متى المسكين، الجدل حيًا وبعد رحيله، فهو حالة خاصة في الطريق إلى الرهبنة، ويصف الكثيرون مسلكه بأنه الأصعب في طريق الرهبنة، والتي تفضل البعد عن السلطة الكنسية، ورفض أن يكون الراهب "كاهنًا"، ما عدا الظروف الإجبارية، مثل: رسامة الراهب كاهنًا لإقامة طقوس قداسات مجمع الرهبان. ومع ذلك تم ترشحه للكرسي البابوي، وتم تصنيفه أنه راهب شيوعي، ووصفته أجهزة الدولة، بأنه الراهب الأحمر. تلميذ البابا كيرلس السادس ترك متى المسكين حياته ونجاحه المهني، حيث كان صيدليًا، وطلب الرهبنة من أب اعترافه القمص مينا المتوحد، بصفته رئيسًا لدير الأنبا صموئيل، وجمعتهما علاقة قوية، تحولت بعد اختيار القمص مينا بطريركا، إلى صدام وحرمان كنسي. وتم بالفعل استبعاد الأب متى المسكين، لمدة ٩ سنوات، تمت فيها محاولات صلح كثيرة، لكنها فشلت، والغريب أن البابا كيرلس السادس، البابا الـ١١٦، أصدر قرارا بعودة جميع الرهبان المحرومين، ومنهم  الأب متي المسكين، ولكن الأخير لم ينفذه إلا بعد وساطات من الأنبا ميخائيل، مطران أسيوط، واعتذار رسمي من الأب متى، وعودته في مشهد محفور في تاريخ حياة متى المسكين. فقد كانت فترة الحرمان قاسية، جعلت الشعر الأبيض والمرض يغزو جسد متى المسكين، ومع ذلك كانت كلمات البابا كيرلس السادس في اللقاء: "شعرك ضربه الشيب يا أبونا متى"، فرد الأخير "البركة فيك"، فأجابه البابا كيرلس "حللني"، أي سامحني، وتم الصلح. المسكين يخسر البطريركية دفع الأب متى المسكين ثمنا غاليا في معركته مع رأس الكنيسة، عندما رحل البابا كيرلس السادس، وتم ترشحه للكرسي البابوي، خسر الترشح بسبب عدم حساب سنوات الرهبنة التسع، وكان من شروط الترشح مرور خمسة عشر عامًا في الرهبنة، وأشاع البعض وقتها أن عدم توفيقه هي وصية من البابا كيرلس السادس، وهو ما نفاه الأنبا غريغوريوس، الذي كان له دور كبير في إخماد نار المعركة، بين الراهب والبطريرك. وترك الأمر في نفس الأب متى، جرحا تحدث عنه بأنه حرم من الرهبنة والكهنوت كنسيا، ولكن رهبنته وكهنوته كان وما زال مثبت من الله. كتب مثيرة للجدل استغل الأب متى فترة الحرمان، وقام بإعداد كتب تم إعادة طباعتها، بعد رحيل البابا كيرلس السادس، ويعتبر أصعبها وأكثرها إثارة للجدل كتاب "الكنيسة والدولة"، وهو كتاب من ضمن مجموعة كتب صدرت أثناء وجوده ببيت التكريس في حلوان، وهو البيت الذي ذهب إليه مع رفاقه من الرهبان، بعد صدام مع الأنبا اثناسيوس، القائم على دير السريان. وعندما عاد ليعمر دير أبو مقار، بدأت رحلة جديدة، لكنها حملت صدامًا مع البطريرك الجديد البابا شنودة، الذي كلف وهو ما زال راهبا، ومعه الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي، بعمل تقارير للبابا كيرلس السادس، حول كتب متى المسكين، لنقدها والرد عليها. الصدام مع البابا شنودة الثالث بداية ونهاية علاقة الأب متى المسكين، تشبه إلى حد كبير نفس سيناريو المعركة مع البابا كيرلس، خاصة وأن البابا شنودة الثالث هاجمه بشدة، وبشكل علني في عظاته، لكن الصدام الحقيقي بدأ مع توقيت طباعة كتاب الكنيسة والدولة، في عام ١٩٨٠م، ومع بداية تدهور علاقة السادات والبابا شنودة، خاصة وأن الكتاب كان يشير إلى نزاع بين الكنيسة والدولة في أدوارها، وانحسار الأقباط داخل الكنيسة، ومرت الأيام عصيبة، وتم التحفظ على البابا شنودة الثالث، وإلغاء تعيينه بطريركيا. ويؤكد الأب متى المسكين، في كتاب سيرة حياته، أنه رفض بشدة، الإساءة إلى رأس الكنيسة، وقال للرئيس السادات إنه لا يصح مناداته مجردًا من لقبه الكنسي، لأنه اختيار إلهي، بينما يروج معارضو  متى المسكين إلى أنه طمع في الكرسي البابوي، وأن وجود لجنة خماسية منعه من ذلك لأن قانون الكنيسة يرفض تنصيب بطريرك جديد والبطريرك الحالي على قيد الحياة. الرئيس السادات اقترب من الأب متى، ومن الأنبا صموئيل، وكان الأنبا صموئيل الأقرب إلى البابا شنودة، والأكثر تأثيرا، وانتهت حياة الأنبا صموئيل، في حادث المنصة، وتبقي أربعة من أعضاء اللجنة، حتى عاد البابا شنودة الثالث. وفي عام ١٩٩٥م، زار البابا شنودة، دير أبو مقار، وتم استقباله بحفاوة كبيرة، وهدأت الأمور بين المسكين والبطريرك. الكنيسة ترفض محاكمته كتبه نشأ عنها معركة استمرت، حتى بعد رحيله، عام ٢٠٠٦، مئات العظات والمقالات الدينية، تصدر مشهد الرد عليها الأنبا بيشوي، مطران كفر الشيخ، والذي وصفه بـ"المهرطق"، وأنه وقع في أخطاء عقائدية البابا شنودة الثالث، أصدر كتبًا للرد، منها: "اللاهوت المقارَن"، و"بدع حديثة"، ومع ذلك رفضت الكنيسة محاكمته. وقال البابا شنودة: "نحن لا نحارب شخصًا، بل نحارب فِكرًا"، وبالفعل بدأت خطة رسامة رهبان جدد داخل دير أبومقار، بعد رحيل الأب متى المسكين، وسميت بدفعة البابا شنودة الثالث، ورغم ذلك فشلت الكنيسة في اختيار رئيسا للدير بعد رحيله، بسبب رفاق مسيرة "المسكين"، ونشأ عن ذلك عزلة للرهبان الجدد، حتى تم ترشح الراحل الأنبا ابيفانيوس، وتمت رسامته بيد البابا تواضروس الثاني، وبعد وفاة الأنبا ابيفانيوس، أشرف البابا بنفسه على الدير، خاصةً وأن صدمة رحيل الأنبا ابيفانيوس، كشفت حجم الصراع. عودة كتب متى المسكين رفض البابا تواضروس الثاني، منع كتب الأب متى المسكين، وأعاد عرضها داخل مكتبات الأديرة والكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ليعيد الأب متى المسكين، إلى المشهد، رغم اعتراض البعض.

مشاركة :