القاهرة – بدأ المصريون، صباح السبت، الإدلاء بأصواتهم لاختيار أعضاء مجلس النواب الذي يُتوقع أن يكون داعما لسياسات حكومة الرئيس عبدالفتاح السيسي. وتجري انتخابات البرلمان على مرحلتين تنظم الأولى السبت والأحد في 14 محافظة بينها الجيزة والإسكندرية، والثانية في السابع والثامن من نوفمبر في 13 محافظة، بينهم العاصمة القاهرة. ويصوّت المصريون لاختيار 568 نائبا من أصل 596 عضوا في مجلس النواب، على أن يقوم السيسي بتعيين النواب الباقين. ومن المقرر أن تجرى جولات الإعادة في نوفمبر، وسيتم الإعلان عن النتائج النهائية في ديسمبر. ويتوقع مراقبون انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات، في ظل غياب التنافس الحقيقي وسيطرة أحزاب المولاة على القوائم الانتخابية، واقتصار ترشح أحزب المعارضة على بعض المقاعد الفردية. وانتشرت اللوحات الإعلانية واللافتات العملاقة في جميع أنحاء القاهرة والمحافظات الأخرى للمرشحين في الدوائر المختلفة، تحث المصريين على التوجه إلى صناديق الاقتراع. حتى أن بعض المرشحين قاموا بتصوير وبث أغان مصورة لجذب الناخبين. ويعيد العديد من أعضاء البرلمان المنتهية ولايته ترشيح أنفسهم في الانتخابات التي تشارك فيها أحزاب سياسية عدة لا وزن حقيقيا لها. ويرى مراقبون أنّ ترشح هؤلاء النواب يعدّ بمثابة تجاهل لتوجهات الشارع، إذ لم يحظ البرلمان الماضي برضا شعبي، حيث تراجعت ثقة المواطنين في النواب بسبب انحيازهم للحكومة ومشاركتهم في إقرار قوانين مجحفة، وتخليهم عن مساندة مطالب ومشكلات دوائرهم. ودعي حوالي 63 مليون ناخب من أصل مئة مليون نسمة عدد كان مصر، إلى التصويت في هذه الانتخابات. وكان أغلبية النواب من مؤيدي السيسي في البرلمان المنتهية ولايته ولم يكن يضم سوى كتلة معارضة صغيرة تُعرف باسم 25/30. وانتخب البرلمان السابق في نهاية 2015 بعد عام على تولي السيسي الحكم، في عملية اقتراع استغرقت شهرا ونصف الشهر وفي غياب شبه كامل للمعارضة. وفي مارس 2018، أعيد انتخاب السيسي لولاية ثانية بأكثر من 97 بالمئة من الأصوات في انتخابات استبعد منها المنافسون الحقيقيون أو فضلوا الابتعاد. ويتنافس أكثر من أربعة آلاف مرشح في الانتخابات على 284 مقعدا من أصل 568 بالنظام الفردي. كما تتنافس ثماني قوائم على 284 مقعدا بنظام القائمة الحزبية. ومن بين القوائم المرشحة "القائمة الوطنية من أجل مصر" التي تمثل ائتلافا سياسيا بقيادة حزب "مستقبل وطن" الموالي للحكومة. واكتسب الحزب الذي يضمّ رجال أعمال نافذين وشخصيات عامة، أهمية في الحياة السياسية منذ 2014. ومؤخرا تم انتخاب رئيسه عبدالوهاب عبدالرازق رئيسا لمجلس الشيوخ المصري. وهذا الاقتراع التشريعي هو الثاني بعد انتخابات مجلس الشيوخ ويجري في ظل جائحة كوفيد-19 التي بلغ عدد المصابين به أكثر من 105 آلاف شخص في مصر توفي منها قرابة 6200 مصاب. ويواجه النظام المصري سلسلة انتقادات جراء طريقة تعاطيه مع الشأن العام وخنقه للحريات العامة، الأمر الذي ساهم في تصحير الحياة السياسية في هذا البلد. واستفاد النظام المصري من وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السلطة وتراجع الانتقادات الأميركية بشأن ملف حقوق الإنسان، لكنه الآن أمام وضع قد يتغير مع إمكانية فوز الديمقراطي جو بايدن، ما سيجبر نظام السيسي على إجراء تعديلات كبرى لضمان الحريات العامة. وكان مجلس الشيوخ ألغى عقب الثورة التي أطاحت بالرئيس الراحل حسني مبارك. لكن تمت إعادته بموجب تعديلات تشريعية أُقرّت في استفتاء شعبي في العام 2019. وتتيح هذه التعديلات للرئيس السيسي البقاء في السلطة حتى العام 2030، وتعزّز من سلطته على القضاء. وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، تعرضت انتخابات مجلس الشيوخ لانتقادات شديدة وصفت الاقتراع بأنه "بلا جدوى" أو "مهزلة". ويقول أستاذ الاجتماع بجامعة النيل سعيد صادق إن "عودة مجلس الشيوخ لم تكن ضرورية". ويرى أن الانتخابات التشريعية ستتسم بنسبة مشاركة ضعيفة بسبب عدم اكتراث الناخبين البالغ عددهم 63 مليونا. ويقول نافعة "المجال العام مليء بحركات وإيديولوجيات وأحزاب تساند سياسات النظام الحاكم"، مشيرا إلى أن ليس هناك الآن ما يسمح بانتخابات "حرة وحقيقية".
مشاركة :