يتوجه ملايين المصريين اليوم الأحد (18 أكتوبر/ تشرين الأول 2015) للتصويت في المرحلة الاولى من اول انتخابات برلمانية في البلاد منذ اطاحة الرئيس الاسلامي محمد مرسي، وهو برلمان متوقع ان يرسخ سلطة الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي اسكت كل اصوات المعارضة. وتجرى هذه الانتخابات، وهي الاولى منذ حل مجلس الشعب الذي هيمن عليه الاسلاميون في 2012، في غياب كامل للمعارضة لان السلطات تقمع كل الاصوات المخالفة الاسلامية والعلمانية على حد سواء لها منذ اطاحة مرسي في يوليو/ تموز2013. ويبدأ التصويت الاحد في تمام التاسعة صباحا (7,00 ت.غ) وحتى التاسعة مساء (19,00 ت غ) في نحو 19 ألف مركز اقتراع في 14 مرحلة تضم 27 مليون ناخب. ستجري الانتخابات المنتظرة على مرحلتين بين 17 أكتوبر/ تشرين الأول و2 ديسمبر/ كانون الأول لشغل 596 مقعدا في أكبر بلد عربي والذي يبلغ تعداد سكانه أكثر من 88 مليون نسمة. وسيجرى انتخاب 448 نائبا وفق النظام الفردي و120 نائبا وفق نظام القوائم، فيما سيختار الرئيس السيسي 28 نائبا. لكن الخبراء لا يعتقدون ان هذا البرلمان سيشكل فارقا او توازنا في الحياة السياسية في مصر التي يطغى عليها سلطة الرئيس عبد الفتاح السيسي قائد الجيش السابق الذي يحظى بتاييد اغلبية المرشحين للبرلمان أنفسهم. ويقول يسري العزباوي الخبير في مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية "مصر دولة مركزية ورئيس الدولة يلعب دورا كبيرا على صعيد السلطة التنفيذية وايضا التشريعية والرئيس السيسي لديه سلطات كبيرة. كبيرة جدا". واستبعد العزباوي ان يُحدث البرلمان الجديد التوازن "في ظل الشعبية الكبيرة للسيسي". وغالبية المرشحين الذين يخوضون هذه الانتخابات يدعمون الجنرال المتقاعد الذي يحظى بشعبيه كبيرة ويرى فيه عدد كبير من المصريين انه الرجل القوي الذي استطاع ان يعيد قدرا من الاستقرار للبلاد والذي يمكنه انعاش اقتصاد متأزم بفعل الاضطرابات الامنية والسياسية التي عصفت بمصر منذ ثورة يناير/ كانون الثاني2011 التي اسقطت حسني مبارك. وبالرغم من ان الدستور المصري الجديد يعطي للبرلمان صلاحيات كبيرة منها سحب الثقة من الرئيس وايضا مراجعة كافة القوانين التي اصدرها في غيابه خلال 15 يوما. الا ان حازم حسني استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة يعتقد ان هذا البرلمان "لن يكون ثوري او اصلاحي ولن يشكل معارضة حقيقية تكبح جماح سلطة الرئيس". واضاف حسني "سيكون هناك نوع من انواع الاتفاق بين السلطة التنفيذية والتشريعية على هامش حركة محدود ولكن بعيدا عن صلب القرارات المصيرية التي يتخذها النظام". والساحة السياسية في مصر الان بلا اي معارض حقيقي للسيسي. وحظرت السلطات المصرية جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها مرسي والتي فازت في كل الانتخابات التي نظمت عقب اطاحة مبارك كما صنفتها "تنظيما ارهابيا" وحظرت ترشيح كوادرها في الانتخابات. وفي الاشهر التي تلت عزل مرسي، شنت قوات الامن المصرية حملة قمع على جماعة الاخوان المسلمين ادت الى سقوط 1400 قتيل من انصارها كما تم توقيف عشرات الالاف من المنتمين اليها وحوكم مئات، من بينهم مرسي في قضايا جماعية دانتها الامم المتحدة. اما الحركات الشبابية العلمانية واليسارية التي كانت رأس الحربة في ثورة 2011، فتم قمعها فضلا عن انها غير منظمة وستقاطع هذه الحركات الانتخابات او ستمثل تمثيلا ضعيفا اذ ان لها قرابة مئة مرشح فقط من اجمالي 5000 مرشح. وفي غياب الاخوان المسلمين عن المشهد، يبرز حزب النور السلفي، الذي ايد عزل مرسي، كالحزب الاسلامي الوحيد في هذه الانتخابات. ويتنافس مئات من الاعضاء والنواب السابقين للحزب الوطني الديمقراطي، حزب مبارك، في الانتخابات بعد ان ألغي القضاء قرارا سابقا بمنع ترشحهم. واكد تقرير لصحيفة الاهرام اليومية المملوكة للدولة ان قرابة نصف المرشحين كانوا اعضاء في حزب مبارك الذي تم حله. وتنحصر المنافسة بين تكتلات مؤلفة من احزاب موالية للسيسي أو من "مستقلين" مؤيدين له ستنافسون على 596 مقعدا نيابيا. وتسعى قائمة "في حب مصر" التي تضم احزابا من يمين الوسط ورجال اعمال ووزراء سابقين واعضاء سابقين في الحزب الوطني، الى الحصول على ثلثي مقاعد البرلمان مع حلفائهم. اما القائمة الثانية الموالية للسيسي والتي تتمتع بثقل فهي "الجبهة المصرية" التي يقودها مؤيدو احمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد مبارك. والسبت، دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المصريين "للاحتشاد بقوة امام لجان الاقتراع" مع بدء التصويت للمصريين المقيمين في الخارج في الانتخابات. وقال السيسي في كلمة متلفزة "ادعو جميع المصريين للنزول إلى لجان الاقتراع والاحتشاد بقوة مرة اخرى لتنفيذ استحقاقنا الاخير". وتأمل الحكومة المصرية ان تشهد هذه الانتخابات مشاركة كبيرة خاصة ان اخر انتخابات برلمانية والتي اكتسحها الاسلاميون حققت نسبة مشاركة 54.9% من اصوات الناخبين المسجلين. ويعتقد الخبير السياسي حسني ان "المصريين فقدوا الاهتمام بالانتخابات" متوقعا نسبة مشاركة ضعيفة في الانتخابات. وخصصت الحكومة المصرية نحو 360 ألف شرطي وجندي لحماية مراكز الاقتراع عبر البلاد التي تواجه قوات الامن فيها هجمات متواصلة من الجماعات الجهادية المتشددة. وتنطلق المرحلة الثانية للانتخابات والمقررة في 22 و23 من نوفمبر/ تشرين الثاني في 13 محافظة تضم 28 مليون ناخب.
مشاركة :