واشنطن وأنقرة .. تناقض المصالح يغالب الاتفاق

  • 8/11/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

منذ توقيع الاتفاق الأميركي التركي الأخير، شن الأتراك حرباً على الأكراد فقط، بينما انطلقت القاذفات الأميركية من قاعدة إنجرليك الجوية التركية أخيراً بعد طول انتظار. والاتفاق الذي يسمح للقاذفات الأميركية باستخدام القاعدة، بينما تتحرك تركيا ضد تنظيم داعش بات يبدو أكثر غرابة شيئاً فشيئاً. ولدى الإعلان عن الأمر، أخيرا، تحدث مسؤولون أميركيون بفخر عن أن الاتفاق يعد تغييراً في قواعد اللعبة في الحرب ضد تنظيم داعش. وفي الحقيقة، فإن الحرب التي شنت من قبل تركيا خلال الأيام القليلة الماضية كانت ضد الأكراد وحدهم في الداخل والخارج. الاختلاف بشأن الاتفاق وقد أصبح من الواضح الآن أنه لم يتم الاتفاق على جزئين أساسيين من الاتفاق خلال الإعلان التاريخي عنه. وكانت القوات الأميركية الجوية حريصة على استخدام قاعدة انجرليك الجوية التي تبعد 60 ميلا عن الحدود السورية، لكي تكثف قصفها لتنظيم داعش. وكان يتعين على الطائرات الأميركية التحليق مسافات طويلة من حاملة طائرات في الخليج ومن قواعد في دول عربية لكي تقصف عناصر داعش. ويعتبر فشل الحملة الأميركية الجوية في منع مقاتلي تنظيم داعش من السيطرة على مدينتي الرمادي وتدمر في مايو الماضي أحد أسباب تزايد الشعور بأهمية هذه القاعدة الجوية. ولم تستخدم الطائرات الأميركية بعد قاعدة إنجرليك الجوية، والسبب في ذلك هو أن تركيا لا تريد استخدامها لشن حملات جوية لدعم الأكراد السوريين الذين كانوا أكثر الحلفاء الأميركيين العسكريين تأثيرا في قتالهم تنظيم داعش في سوريا. ونجح كل من حزب الاتحاد الديمقراطي السوري الكردي والمليشيا الحازمة والمنضبطة التابعة له بالإضافة إلى وحدات حماية الشعب في حماية مدينة كوباني بدعم من القوات الجوية الأميركية خلال 134 يوما من الحصار المفروض من قبل تنظيم داعش. وتطالب تركيا حاليا بأن لا يتم استخدام الطائرات الأميركية الموجودة في قاعدة انجرليك الجوية لدعم وحدات حماية الشعب وحزب الاتحاد الديمقراطي، لأنهما يعدان الفرع السوري من حزب العمال الكردستاني الذي تحاول تركيا بحزم تدميره بالحملة الجوية الخاصة بها. إلا أن القصف الأميركي في سوريا شكل غالباً دعماً لوحدات حماية الشعب شمالي شرقي سوريا وضد حقول النفط والغاز التي يسيطر عليها تنظيم داعش في محافظات أخرى. ومن المحتمل أن تواصل الولايات المتحدة دعمها أكراد سوريا بالطائرات التي لا تنطلق من قاعدة انجرليك الجوية، إلا أن استخدام القواعد التركية قد يكون أمراً ذا فائدة كبيرة. وحتى لو أن الإمكانية الأميركية لعمل ذلك أمر مشكوك فيه في حال تم نقل حاملة الطائرات الموجودة في الخليج يو اس اس تيودور روزفلت ولم يتم استبدالها بطائرة أخرى لأشهر عدة. تناقض السياسة الأميركية وحتى لو حُل النزاع الأخير في نهاية المطاف، فإنه يلقي الضوء على التناقض الموجود في السياسة الأميركية، وتشكل واشنطن فريقاً مع الحكومة التركية التي يتمثل هدفها الرئيسي في منع توسع المناطق التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب وحزب الاتحاد الديمقراطي، والممتدة لنحو 250 ميلاً أو 550 ميلاً على طول الحدود السورية التركية. بإيجاز، فإن هدف أنقرة يعد في الاتجاه المعاكس تماما لنهج واشنطن، ويختلف قليلا عن ذلك الخاص بتنظيم داعش، الذي يقاتل لمنع تقدم القوات الكردية. وتتمثل نقطة الاختلاف الثانية بين الولايات المتحدة وتركيا في خطة لتأسيس منطقة خالية من تنظيم داعش في المنطقة بين الحدود التركية وحلب، وهذه ستحول دون تقدم داعش نحو تركيا. ولكن من الذي سيفعل ذلك؟ تقول تركيا إنها لن ترسل قوات برية، والرأي العام الأميركي أيضا سيحول دون اشراك القوات في الحرب على الأرض، بحيث يكون الضغط العسكري على داعش معتمدا بشكل كلي على قوة الضربات الجوية. ويرغب الأتراك وحلفاؤهم في بعض الدول العربية في إعادة تصنيف جبهة النصرة وأحرار الشام والحركات التي تختلف معتقداتها وأفعالها قليلا عن تنظيم داعش. قلق أوروبا يُعد مبلغ الاهتمام الدولي الأوروبي فيما يخص تنظيم داعش هو انخراط المواطنين الأوروبيين في التنظيم المتطرف أو في جبهة النصرة، والذين قد يعودون إلى بلدانهم ليقترفوا مجموعة من المجازر. وبالنظر إلى هذه الوقائع فإن الحكومات قد تأخذ في الاعتبار أي أمر تقدم عليه الحكومة التركية أو لا تقدم عليه، ومن ثم فقد تفرض حراسة أكبر على الحدود السورية التركية مستقبلاً. وفيما يتعلق بالاستقرار في المنطقة، فإن الرئيس الأميركي باراك أوباما قد يكون توصل لاتفاق بائس مع تركيا، لا يقضي على تنظيم داعش ولا يتسبب بضعفه، إلا أنه يؤثر في الأكراد الذين يعتبرون أشد معارضي تنظيم داعش ضراوة.

مشاركة :