ندوة أدبي أبها تفشل في التنبؤ بـمستقبل الثقافة والأدب في المملكة وتكتفي بالتساؤلات

  • 10/29/2020
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

انتهت ندوة "أدبي أبها" عن مستقبل الثقافة والأدب دون الكشف عنه مع استمرار حالة التساؤل في المجتمع الثقافي المحلي، حيث أجمع متحدثون مختصون عن صعوبة التنبؤ بما ستؤول إليه المؤسسات الثقافية القائمة من أندية أدبية وجمعيات ثقافة وفنون في المستقبل مع عدم دخولها تحت مظلة وزارة الثقافة، مشددين على أهمية توضيح نوع العلاقة المتوقعة بين المؤسسات والهيئات وعن مدى التعاون المتوقع بينها، إضافة إلى أهمية استثمار الوزارة بهيكلتها الجديدة لدعم العمل الثقافي عبر المؤسسات القائمة بشكل مباشر وحيوي. جاء ذلك في ندوة "مستقبل الثقافة والأدب بين المؤسسات القائمة والهيئات الناشئة"، والتي نظمها نادي أبها الأدبي، وتحدث فيها عضوا مجلس إدارة هيئة الأدب والنشر والترجمة الدكتور سعد البازعي، والدكتور خالد الرفاعي، إضافة إلى رئيس نادي جدة الأدبي الدكتور عبدالله بن عويقل السلمي، وأدارها رئيس نادي الرياض الأدبي الدكتور صالح المحمود. وبيّن رئيس مجلس إدارة نادي أبها الأدبي الدكتور أحمد بن علي آل مريع، أن الأمسية لم يكن هدفها صنع شيء من الثنائيات والتقابل أو التماهي بين النماذج والقوالب المؤسسية، بل كانت تهدف إلى إيجاد منصة للحوار والنقاش الحيوي للوعي بالواقع واستشراف مستقبل ثقافي وطني يهم كل المؤسسات الثقافية من أندية أدبية وجمعيات ثقافة وفنون وهيئات متخصصة لصنع حالة من التثاقف والحوار الفعّال، والاستماع لما يهم المشهد الثقافي وطرح الأسئلة القلقة بشفافية وصدق، وإذكاء التفاعل الحيوي بين المجتمع المثقف للإسهام في إيجابية أكبر لتجويد الناتج الثقافي وصنع قوة ناعمة سعودية تستجيب للاستراتيجيات الوطنية وتحديات المرحلة، ولذلك هذا السؤال الذي يطرحه عنوان الندوة يفتح آفاق أسئلة خلاله وبموازاته ومن قبله ومن بعده وما الندوة إلا فاتحة لحوارات ثقافية بين المثقفين من جهة وطموح الوزارة الفتية من جهة أخرى. وأوضح عضو مجلس إدارة هيئة الأدب والنشر والترجمة الدكتور سعد البازعي، أن "وضع المؤسسات الثقافية القائمة مع قيام هيئة الأدب والنشر والترجمة سؤال طرحته من قِبل الأندية الأدبية في المملكة منذ عامين وأكثر، وهو تساؤل وجيه فالوضع بالنسبة لها غير واضح ولغيرها من المؤسسات"، مضيفًا أن "الكثير لا يعرف ما هي أدوار وزارة الثقافة أو الهيئات التابعة لها مما يدعو إلى ضرورة مشاركة الأندية كافة والجمعيات في حوار مفتوح للانتقال لمرحلة جديدة تستفيد من القائم، مع عمل الوزارة لصيغة توافقية تجمع الخبرة مع الجديد، ورأى أنه ليس عيبًا عدم وجود صورة واضحة لما تقوم به الهيئات نظرًا لحداثة تأسيسها وتعرضها لبيوقراطية أخرت انطلاقتها، مما يحتم على الهيئة تحديد علاقتها مع الأندية الأدبية". وكشف "البازعي" عن أنه "لا يوجد تصور واضح لدى وزارة الثقافة أو هيئة الأدب حتى الآن عما ستؤول إليه الأوضاع في المؤسسات الثقافية القائمة وأي علاقة يجب أن تكون بين كل مؤسسة ناشئة وقائمة"، مشيرًا إلى انتشار فكرة عن تحويل الأندية لجمعيات أدبية تتبع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، مع بقاء السؤال الملح عن كيفية عمل الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون في ظل الوزارة، وعن كيفية دعم العمل الأدبي والثقافي في كل منطقة. وأبان أن هيئة الأدب وضعت إستراتيجية خاصة لها لا تتصل ولا توضح علاقتها بأي مؤسسة ثقافية، بل تضع نفسها كجهة فاعلة في توجيه الحياة الثقافية بما يضع أهمية بضرورة إشراكها للمؤسسات في عملها كسبًا لخبرتها وتاريخها، داعيًا لعدم القلق على وضع المؤسسات العريقة فهذه مكتسبات ليس من اللائق انتهاؤها. وطالب رئيس نادي جدة الأدبي الدكتور عبدالله بن عويقل السلمي، بعدم طرح تساؤلات تفرق بين المؤسسات الثقافية الناشئة والقائمة حيث إن الوسط الثقافي متكامل ومتنام ويغذي مراحله، فمشروعية النشوء تتقاطع مع مقومات الخبرة التي تملكها المؤسسات القائمة، لافتًا إلى أهمية استثمار الوزارة بهيكلتها الجديدة لدعم العمل الثقافي حتى لا تخضع لتعقيدات وتكون الثقافة قوة ناعمة للمملكة لكن تحتاج إلى تصنيف وإجابة هل تكون ثقافة لحظية كما هو الآن بين الناشئة والقائمة، أو ثقافة كنزية تربط مراحل الزمن وتستثمر تاريخ المملكة ليكون أمام مشرعي وزارة الثقافة. وتساءل "السلمي" عن ماهية الشيء الذي نرغب في إنتاجه ومساحات العرض وأين تكون ومن المتلقي: هل هو متلق جديد لم يكن عارفًا بالمؤسسات الثقافية أو لم يستجب لرسائلها؟ إضافة إلى حقيقة وجود شريحة تحتاج إلى إعادة إنشاء وإنتاج وعرض محتوى يتلقاه المتلقي بشكل واضح عبر دراسات اجتماعية تتناول كل التضاريس الاجتماعية والثقافية، مشيرًا إلى أهمية متابعة كل نشاط ثقافي وليست حكرًا على مؤسسات معينة بل يصل حتى الأندية الطلابية المسرحية والإبداعية في الجامعات عبر عمادات شؤون الطلاب. وناشد "السلمي" بإعادة النظر في توجه إنشاء مسرح ومكتبة في كل محافظة، حيث إن أمامها تساؤلات عن واقعية احتياجها إلى ذلك في ظل وجود لجان ثقافية تقوم عليها الأندية الأدبية تعمل على تنظيم الأمسيات والفعاليات والمسابقات والترشيح للمعارض المتخصصة. ورأى "السلمي" أن الأندية تمتلك مقومات تمكنها من القدرة على التعاطي مع التطورات الجديدة والتناغم مع الرؤية وتستشرف المستقبل إضافة إلى أنها تحمل ذاكرة الوطن في كل نادٍ أدبي عبر نصف قرن حيث تحمل تاريخًا ثقافيًا لا يستهان به، مع مبانٍ مجهزة لكل عمل ثقافي أو فني من مسارح وقاعات ومكاتب، إضافة إلى خبرة ثقافية متوازنة مع إدارة رائدة للعمل الأدبي صنع نقلة نوعية في عدة مجالات مع توزيع جغرافي لا ينبغي تجاهله أو تهميشه لأجل إنبات جديد الغراس لن يحتمل الاستمرار. وأوضح عضو مجلس إدارة هيئة الأدب والنشر والترجمة الدكتور خالد الرفاعي، أن مفهوم الإدارة الثقافية لم يعد من الأمنيات، بل هو واقع وبشواهد حاضرة، لكنها تغيب بشكل علمي نتج عنه ضعف في التخطيط، ونقص في الدعم، وفراغ تشريعي، وقبل عشر سنوات كانت الرغبة في وضع تنظيم إداري للثقافة واليوم أصبحت لها وزارة مختصة، وكانت هناك محدودية في المجالات الثقافية، واليوم أصبحت ١٦ قطاعًا لها مجالات ومشاركات ثقافية وإبداعية متنوعة، مع توفر لمكونات التخطيط الإستراتيجي بشكل كبير، وأصبح قطاعًا تنمويًا ضمن برنامج جودة الحياة في رؤية المملكة 2030. وبيّن "الرفاعي" أنه على مستوى النشاط الثقافي تم تحقيق مكاسب كبيرة بفضل الدعم لكن يحتاج إلى وقت لاستكمال بنائه الإداري، وتفاعلات ثقافية مختلفة تتناغم مع الدور المحوري في المملكة للثقافة، ملمحًا إلى ضرورة ترتيب الأولويات الثقافية ومنع نشوء ثنائيات لا تخدم الوسط الثقافي عبر تصنيف المجالات وليس تقييم المنتج، فبعض التفاعلات تصنف المسرح والسينما والموسيقى وغيرها ضمن عمل ترفيهي لحظي وليس عملاً ثقافيًا دائمًا ومؤثرًا وفعّالاً. وفي المداخلات طالب الدكتور سعد الرفاعي بعمل ورشة عمل توضح دور الأندية الأدبية في رؤية المملكة 2030 حيث إن مبادرة الثقافة والفنون في برنامج جودة الحياة لم تشر إلى الأدب بشكل واضح بل للفنون البصرية والأدائية، وقال: من المهم التفكير في انصهار يجمع بين الأندية وجمعيات الثقافة والفنون لتشكيل مراكز ثقافية قوية. وعبّر الدكتور صالح الغامدي عن استمرار الغموض في الوضع الثقافي في البلاد ربما لمقاومة أو تشكيك لكنه غموض لم تسع الوزارة لتوضيحه. وأشارت الدكتورة أميرة كشغري إلى أن عنوان الأمسية يظهر انفصامًا وتنافرًا بين المؤسسات القائمة والهيئات الناشئة، على الرغم من أن العكس هو الصحيح حيث إن العلاقة يجب أن تكون استمرارية وحيوية وتتجدد دائمًا. وتساءل "محمد الراشدي" عن آلية تفعيل مبادرات وزارة الثقافة: هل ستكون عبر المؤسسات الخبيرة القائمة أم عن طريق خيارات أخرى؟ وتساءلت "جمعة الفيفي" و"سماهر" عن آلية التعاون الفعّال بين وزارتي الثقافة والتعليم. وتناول الدكتور علي بن موسى بلورة قدرات المملكة في بناء وعي ثقافي وطني، مع أهمية التعاون بين المؤسسات والهيئات ودعم التنوع والإبداع، ومنع أي فرصة للصراع الثقافي بينهما بل عمل مواصلة تراكمية للرفع بالمنجزات الثقافية. وجاءت الندوة ضمن فعاليات المرحلة الثالثة من مبادرة "الثقافة إلى بيتك"، والتي دشنها نادي أبها الأدبي مع بدء الإجراءات الاحترازية للوقاية من وباء كورونا.

مشاركة :