ياسمين عبد الفضيل تكتب: فعلامَ التكبر؟

  • 10/29/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لقد كان الأجدر بالغَني أن يَعتبِرَ بقصص المستكبرين من أمثاله، وينظر ماذا فعَل الله بهم؛ فقد كان قارون غنيًّا لدرجة أنَّ الله قال فيه: ﴿ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ﴾ [القصص: 76].ولكنَّه لَمَّا طغَى وتكبَّر وأعْرَضَ عن المؤمنين - تطاولًا وتجبُّرًا - حدَثَ له ما ذَكَره الله - تبارك وتعالى - في قوله: ﴿ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ ﴾ [القصص: 81].وكان الأولى بالْحُكَّام المتألِّهين، المستعبِدين للرعيَّة، المحتقرين للشعب - أن يَسْمَعوا القرآن وهو يقصُّ ما حَدَث لأمثالهم؛ حتى يعتبروا ويَزدجروا، فقد كان فرعون قمَّة في الطُّغيان في عصْره، وشرَّ مُتَكَبِّرٍ على شعْبه، أوْهَمَ شعْبَه أن كلَّ خيرٍ وفضْل ونعمة، هو مِن بَحْر جُوده وكَرَمه، فقال: ﴿وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الزخرف: 51]،بل ونظَر إلى شعْبه - الناصح له - بازدراء واحتقار، فقال في موسى - عليه السلام -: ﴿ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ ﴾ [الزخرف: 52]،ولن تصل  بكبرك أيها المتعجرف لتكون كمن ذكره الله - تعالى -: ﴿ فَحَشَرَ فَنَادَى * فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾ [النازعات: 23 - 24].يقول الدكتور في علم النفس الاجتماعي هاشم الحسيني : إن "الغرور هو عبارة عن نظرة خاطئة الى الذات. إذ لا يقدر الانسان قيمة نفسه بالمعيار الصحيح، ويخال انه يتمتع بقدرات لا يتمتع بها أصلًا. الغرور يدفع الشخص الى التصرف بطريقة متعجرفة مع الآخرين،المستندة الى الثقة بالنفس غير المبررة وغير المبنية على أسس صحيحة. اذ ان الغرور هو نوع من سوء تقدير الذات".وقال محمد بن الحسين بن علي: "ما دَخَل قلبَ امرئ شيءٌ من الكِبْر قطُّ، إلاَّ نقَص من عقْله بقَدْر ما دَخَل من ذلك؛ قلَّ أو كَثُر".وسُئِل سليمان عن السيِّئة التي لا تَنفع معها حَسَنة، فقال: الكبر.ولتفزع أيها المتكبر، فحالك يوم القيامة حالك؛ ومن هنا نُدرِك قولَ الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "المتكبرون يوم القيامة أمثالُ الذَّرِّ في صُوَر الرجال، يَغشاهم الذُّلُّ من كلِّ مكان، فيُسَاقون إلى سجنٍ في جهنَّمَ، يُقَال له: "بُولَس"، تَعلوهم نارُ الأنيار، يُسْقَون من عُصَارة أهل النار طينة الْخَبَال"؛ رواه الترمذي، وقال: حَسَنٌ صحيح، وحَسَّنه الحافظ في الفتْح.

مشاركة :