يبدو أن تدخلات تركيا وتهديدها الأمن لم تعد مقتصرة على تحرّكات سياسية أو عسكرية فقط، بل تخطّت ذلك لأن تتحرك جاليتها حول العالم وتمشي مشيها. فبعد يوم من تنظيم احتجاج مماثل قرب ليون، استخدمت الشرطة الفرنسية الغاز المسيل للدموع، الخميس، ضد أفراد من الجالية التركية تظاهروا في مدينة ديجون شرق البلاد، وفق ما أعلنت سلطات المنطقة. وانتشرت مقاطع فيديو توضح عشرات المتظاهرين يلوحون بأعلام تركية، يسيرون قبل أن تبعدهم قنابل الغاز المسيل للدموع.ليست أول مرة وهذه ليست أول مرة، فمساء الأربعاء، تدخلت الشرطة لمنع أفراد الجالية التركية من الاشتباك مع أرمن في ديسين-شاربيو وهي بلدة في ضواحي ليون، تضم نصباً تذكارياً للإبادة الأرمينية. فقد تجمّع أكثر من 200 شاب من الجالية التركية في شوارع مدينة فيين في إقليم إيزير ثم في مدينة ديسين في إقليم الرون في فرنسا يبحثون عن أرمن لـ"عقابهم" على خلفية الصراع الدائر بين أذربيجان وأرمينيا في إقليم ناغورنو كاراباخ. بدورها، حاولت الشرطة ضبط الانفلات الأمني، إلا أن الأتراك قابلوها بالمقذوفات النارية. "غارة على الأرمن".. "أردوغان إرهابي" وتداولت مواقع التواصل فيديوهات وصوراً لما سمّوها "الغارة على الأرمن" على نطاق واسع. وجاءت هذه التظاهرة بعد محاولة إغلاق طرق جنوب ليون من قبل ناشطين مؤيدين لأرمينيا، حيث تجمع حوالي 300 مواطن أرميني وهتفوا "أردوغان إرهابي"، حاملين أعلاماً أرمينية، مطالبين بالاعتراف الدولي باستقلال ناغورنو كاراباخ. وأثناء الاشتباكات، خرج أتراك من سياراتهم وتحول الأمر إلى معركة ضارية سحبت خلالها السكاكين وسقط فيها شاب على الأرض، ثم نقل إلى المستشفى بواسطة مروحية لإجراء جراحة طارئة بسبب كسور في الجمجمة. وانتهى التجمع بأعمال عنف أدت إلى سقوط 4 جرحى باستعمال أدوات حادة. إلى ذلك، حمّلت الصحف المحلية الجالية التركية مسؤولية هذه المواجهات. وقالت السلطات إن تحقيقاً فتح في ارتكاب أعمال عنف ضد الشرطة والإضرار بالمصلحة العامة، مؤكدة أن النتائج ستكشف سريعاً لأن الفيديوهات التي نقلت ما جرى كثيرة، كما أن الفاعلين لم يغطوا وجوههم.كاراباخ تحت النار يشار إلى أن اشتباكات عنيفة بين المقاتلين الأرمن والجيش الأذربيجاني تدور منذ أكثر من شهر في إقليم ناغورنو كاراباخ المتنازع عليه بين أذربيجان وأرمينيا منذ عقود، رغم إعلان الجانبين عن هدنةٍ إنسانية ثلاث مرات خلال شهر أكتوبر الحالي برعايةٍ مباشرة من الولايات المتحدة وروسيا. وأرغمت المواجهات نحو نصف سكان الإقليم إلى الفرار نحو أرمينيا أو التنقل بين مقاطعات الإقليم الثماني. كما لم تنجح الوساطات الدولية بإيقاف الحرب الحالية رغم الدعوات المتكررة التي وجهتها واشنطن وموسكو وباريس ومجموعة مينسك وطهران، لباكو ويريفان لوقفٍ فوري لإطلاق النار والعودة لطاولة المفاوضات. واتهمت يريفان مراراً، أنقرة، بتقديم أسلحة متطوّرة للجيش الأذربيجاني، بالإضافة لجلبها مرتزقةٍ سوريين وخبراء أتراك للإشراف على المعارك المتواصلة مع المقاتلين الأرمن في "آرتساخ".
مشاركة :