الجزائر - (أ ف ب): عشية الاستفتاء على تعديل الدستور الذي من المفترض أن يلبي مطالبهم، انقسم سكان حي باب الواد الشعبي معقل الحراك، في العاصمة الجزائرية، بين مؤيد ومعارض لاقتراحات الرئيس عبدالمجيد تبون. ورأى رشيد بركاني المتقاعد من شركة النقل العامة، انه «لم يعد هناك أفق أو أمل. طرد الشارع (الرئيس السابق) عبدالعزيز بوتفليقة من السلطة لكن البعض يريد ركوب موجة الحراك للإبقاء على الوضع الراهن». ويطالب الحراك، الانتفاضة الشعبية السلمية غير المسبوقة التي لا قيادة حقيقية لها، منذ فبراير 2019 بتغيير جذري في «النظام» الحاكم منذ الاستقلال في 1962، ولم يتحقّق ذلك حتى الآن وإن تمكن بضغطه المستمر من دفع بوتفليقة إلى الاستقالة بعد عشرين عاما في الحكم. والجزائريون مدعوون إلى التصويت في الأول من نوفمبر على دستور جديد يفترض أن يؤسس لـ«جزائر جديدة» ويستجيب لتطلعات «الحراكين». ولكن بالنسبة لبركاني «تم تحويل مطالب الحراك وتم الزجّ بالكثير من الجزائريين الذين نزلوا إلى الشوارع في السجن». وتحت ظل نخلة في حديقة عامة جلس سعيد مع أصدقائه للعب الدومينو. وأكد وبشكل مباشر أنه قد حسم بالفعل اختياره. وقال غاضبا «سعر كيلوجرام السردين يقترب من 800 دينار (حوالي 4 يورو) ويريدون منا أن نذهب ونصوّت؟!». وكان السردين هذا السمك الموجود بكثرة في البحر المتوسط، طبق الفقراء لكنه أصبح سلعة غالية لا يمكن لأصحاب الأجور الصغيرة الحصول عليه. وتابع سعيد «البلد في حالة يرثى لها والناس يجرؤون على التحدث إلينا عن «جزائر جديدة». ابني البالغ من العمر 32 عاما لا يزال يعيش معي تحت سقف واحد في شقة ضيقة من غرفتين». وحتى هذا السكن لم تمنحه الدولة له إلا بعد الفيضانات القاتلة (800 قتيل) التي أغرقت الحي في نوفمبر 2001. ويراهن علي الذي كان يرتدي وشاحا بألوان نادي مولوديه الجزائر المحبوب في باب الواد، على عزوف الناخبين عن المشاركة في الاستفتاء. وهو يتوقع أن «تصوت قلة من الناس لأن هذا الاقتراع لن يأتي بأي جديد». والتعديل الدستوري الذي أراده الرئيس عبدالمجيد تبون، يطرح سلسلة من الحقوق والحريات مع الحفاظ على أساسيات النظام الرئاسي. وتساءل مرزاق بمرارة «هل هذه هي الجزائر الجديدة؟»، مشيرًا إلى امرأة تنام على مقعد ومغطاة بملاءة بلاستيكية. وأوضح هذا الخمسيني حول هذه المرأة «تبلغ من العمر 38 عامًا وهي من منطقة سيدي بلعباس (شمال غرب). تعيش بمفردها في هذه الحديقة منذ أربعة أشهر». في الجانب الآخر، يؤكد اسماعيل بوداغة (65 عاما) أنه لن يتردد وسيضع ورقة «النعم» في صندوق الاقتراع. وقال مدير وكالة الانتاج «سمعي بصري» إن «الأمور تغيرت كثيرًا منذ انتخاب تبون (ديسمبر 2019). وعد باسترداد الأموال المسروقة (في عهد بوتفليقة) وأعاد فتح نادي الصنوبر للجمهور». ونادي الصنوبر منتجع ساحلي شهير، في الضاحية الغربية الفاخرة للجزائر العاصمة. وقد ظلّ لعقود مخصّصا لرجال السلطة وأبنائهم، حتى قرر الرئيس تبون إعادة فتحه في اغسطس لجميع الجزائريين. واعتبرت هذه المبادرة تعبيرا عن رغبة لدى تبون في القطيعة مع ممارسات عهد عبدالعزيز بوتفليقة وسابقيه. وأوضح أن «هذا الدستور سيغير الكثير من الأشياء. منذ ما يقرب من عام بدأت الأمور تتحرك مع كل هؤلاء الوزراء الذين يجوبون البلاد لمحاولة تحسين الظروف المعيشية للجزائريين». لكن سرعان ما قاطعه مجموعة من الرجال تحدوه بصوت واحد «هل نسيت وزير الشباب والرياضة الذي طلب منا مغادرة البلاد؟». وكان الوزير سيد علي خالدي، دعا مؤخرا خلال تجمع من أجل التصويت بنعم على التعديلات الدستورية، الجزائريين المعارضين لمراجعة الدستور إلى «تغيير البلد»، مما أثار موجة غضب في مواقع التواصل الاجتماعي، واضطره إلى الاعتذار.
مشاركة :