من أعظم نعم الدنيا.. الصديق الوفي

  • 8/12/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

الصديق الوفي يعتبر عملة نادرة، خصوصاً في عصرنا الحاضر، زمن الماديات. والعرب قديماً قالوا إن الصديق الوفي هو أحد المستحيلات الثلاثة، مثله مثل الغول والعنقاء. إذاً فإننا نتحدث عن أمر عظيم، وتتجلى أهميته في الدنيا وفي الآخرة، لأنه لابد لأحدنا أن يتأثر بصاحبه سلباً أو إيجاباً, كما جاء في الأثر «استكثروا من الأصدقاء، فإن لكل مؤمن شفاعة يوم القيامة». وذلك يؤكد أن وجود الأصدقاء الأوفياء في حياتنا مكسب لا يقدر بثمن، ومن الغباء التفريط بهم، بل يفترض أن نبادلهم الود والإيثار ونكران الذات لتستمر علاقة الصداقة معهم، وتكون بالمبادرة من قبلنا بالسؤال عنهم وتفقد احتياجاتهم والسعي لقضائها بقدر المستطاع. إن الإنسان في وجود الصديق الحقيقي، سيشعر أنه مع نفسه، يتحدث اليه دون أي تحفظ أو خوف، متيقناً أنه سوف يجد آذاناً صاغية، وقلباً مقبلاً، وصدقاً في التجاوب، وتوجيهاً مخلصاً, سواء كان معه بالرأي أو ضده، ساعياً الى أن لا يخذله، بل يأخذ بيده إلى كل خير، لأن وجود الصديق الوفي في حياتنا يحقق اعظم السرور في نفوسنا. إن الصداقة الحقيقية هي التي تقوم على العلاقة الشخصية بعيداً عن المصالح المادية، وحب الصديق لصديقه في حد ذاته يعتبر شخصياً، لأن حب المصلحة ينتهي بنهاية تلك المصلحة، بل قد تنقلب الأمور إلى عداوة إذا لم يحصل على ما كان يخطط له من قبل. كم من صديق تكالبت عليه الظروف حتى فقد الأمل بالنجاة منها، فإذا بالعناية الإلهية ترحمه بصديق صدوق يقف إلى جانبه بكل حب وإخلاص يبذل الغالي والنفيس لمساعدته، مستشعراً أهمية الصداقة التي تربطهما، وبأن الصديق وقت الضيق، لذلك نجد في كثير من الأحيان أن الصديق قد يكون أقرب من الأهل والأقارب، يقول الإمام الشافعي (سلام على الدنيا إذا لم يكن بها... صديق صدوق صادق الوعد منصفا). إن ما أصاب المجتمعات من تفكك وتباعد وحب الذات أثر كثيراً في علاقات الناس بعضهم ببعض، حتى وصل الأمر إلى الأقارب والأصدقاء، بل تجاوزت هذا الأمر إلى التنافر والكراهية وتفشي العداوة والحقد بين أفراد المجتمع الواحد. لذلك أصبحت الصداقة الحقيقية اقرب الى المستحيل، وقد عبر (ونستون تشرشل) عن صعوبة الحصول على صديق وفي وأنها تماثل (البحث عن قطة سوداء في غرفة سوداء يبحث عنها رجل كفيف). فمن رزق بصديق فليعلم أنه امتلك ثروة لا تقدر بثمن، فعليه أن لا يكثر من عتابه، وعليه أيضا إيجاد المبررات له في حال أخطائه غير المقصودة، وأن يذكر نفسه دوما وأبدا بالمواقف الإيجابية التي وقفها إلى جانبه. ونظراً لندرة الأصدقاء، فإنه يجب أخذ الحيطة والحذر بعدم التساهل باعتبار المعارف والزملاء أصدقاء يمكن الوثوق بهم واطلاعهم على جميع الأسرار، التي قد تستخدم سلاحاً ضده في مستقبل الأيام.

مشاركة :