شكلت أحداث الخامس من مايو عام 2008 كابوسا في عقول الشعب اللبناني، حيث فجرت شبكة اتصالات حزب الله فتيل مواجهة عسكرية في بيروت، بين حزب الله الذي أكد أنها سلاح إشارة وعنصر أساسي في استراتيجيته، وبين الحكومة اللبنانية آنذاك، برئاسة فؤاد السنيورة التي اعتبرت الشبكة غير شرعية وغير قانونية، وتشكل اعتداء على سيادة الدولة والمال العام. وجاء ذلك قبل أن تعود الحكومة عن قرارها بعدما اجتاح حزب الله مدينة بيروت عسكرياً، وقرى في جبل لبنان، ما أدى إلى سقوط أكثر من 100 قتيل ومئات الجرحى. وأوضحت تقارير صحفية لبنانية آنذاك أن الشبكة يمكنها ضم حتى 100 ألف خط، فضلا عن دور إيران في مساعدة حزب الله في تقوية الشبكة التي تم إنشاؤها بعد انتهاء الحرب اللبنانية الداخلية أوائل تسعينيات القرن الماضي. وجاءت هذه المساعدة بعد مد شبكة اتصالات تابعة لحزب الله في عدد من المناطق اللبنانية، بعدما ألزم الشركات المتعهدة بأعمال بنية تحتية في المناطق المحسوبة عليه سياسياً بتنفيذ أعمال الحفر لمدّ الكابلات تحت الأرض، على أن يتولى هو بنفسه مهمة الإشراف على مدّ كابلات الاتصالات. وشكلت الشبكة وحدة 4-600 كجزء من المنظومة الأمنية، وتتميز شبكة اتصالات حزب الله في مناطق جنوب البقاع وجنوب لبنان بأنها شبكة سلكية، في حين أن المناطق الأخرى مثل الشمال وبعض المناطق المسيحية في جبال لبنان، شبكة لاسلكية، أي الخطوط المعلقة على عمود كهرباء. وتعرض جزء كبير من شبكة الاتصالات اللبنانية بعد حرب عام 2006 لأضرار جسيمة جراء القصف الإسرائيلي، لكن الهيئة الإيرانية ساهمت في إعادة إعمار بعض المناطق المدمرة في الجنوب، وأرسلت بالتوازي عددا من أعضائها لإعادة إصلاح شبكة إتصالات حزب الله. وأكد رئيس الحكومة اللبنانية السابق، فؤاد السنيورة، أن الدولة اللبنانية لا تملك سلطة على هذه الشبكة، قائلا: “شبكة اتصالات حزب الله لا تزال قائمة ويدخل خلالها الحزب إلى شبكة الاتصالات التابعة للدولة لمراقبة كل شيء في لبنان”. وقال النائب السابق في الحكومة اللبنانية فارس سعيد إن هذه الشبكة بمثابة سلاح الإشارة بالنسبة لتنظيم حزب الله، قائلا “الدولة اللبنانية سلمت بوجود سلاح غير شرعي إلى جانب سلاح الجيش اللبناني، لذا فهي تسلم بأن شبكة الاتصالات هي جزء من هذا السلاح غير الشرعي”.
مشاركة :