عند أطراف قريته في شمال شرق سوريا، يتجول محمد درباس على متن دراجته النارية محاطاً بكلاب نحيلة من فصيلة السلوقي اتخذ من تربيتها مهنة له... فلم يحل النزاع المستمر في بلاده ووباء كوفيد-19 دون بيعها للمشاركة في سباقات في دول الخليج. تشتهر منطقة الدرباسية، الواقعة منذ سنوات تحت سيطرة المقاتلين الأكراد، بتربية هذه الفصيلة، التي تعد من كلاب الصيد الأكثر شهرة والأقدم في الشرق الأوسط، تمهيداً لبيعها إلى دول الخليج، ولا سيما قطر والإمارات العربية المتحدة، حيث لا تزال سباقات كلاب السلوقي شائعة فيها. وتعد هذه الفصيلة من أقدم الكلاب المدجنة في العالم. وكانت تعتبر في مصر القديمة من الكلاب الملكية حتى أنه كان يجري تحنيطها بعد نفوقها. غير أن النزاع المستمر في سوريا منذ 2011 ثم قيود الإغلاق التي فرضت العام الحالي للحد من انتشار وباء كوفيد-19، أدت إلى إعاقة عمليات تصدير تلك الكلاب، وإن كانت لم توقفها تماماً. بيع عبر الإنترنت ويقول درباس، الذي يربّي كلاب السلوقي منذ 15 عاماً، "قبل الأزمة، كان الخليجيون يزورون المنطقة بحثاً عن أفضل أنواع الكلاب" المخصصة للصيد. واعتاد المربي قبل اندلاع النزاع تصدير قرابة 150 كلباً سنوياً، لكن هذا الرقم تراجع إلى نحو عشرين كلباً فقط خلال السنوات الماضية. وبرغم ذلك، يجهد درباس للحفاظ على لياقة كلابه التي يقارب عددها المئة. ترحب به فور رؤيته، وتجري خلفه حين ينطلق بدراجته النارية أمامها بغرض تحسين سرعتها وقدرتها على التحمل. وبدلاً من التجارة مباشرة، باتت عمليات البيع تحصل عبر الانترنت، إذ يخصص درباس صفحة على تطبيق "إنستغرام" لنشر صور كلابه او مقاطع فيديو لها أثناء جريها او انهماكها بصيد الأرانب. وبحسب درباس، يُمكن بيع كلب السلوقي رمادي اللون بسعر يتراوح بين مليون وأربعة ملايين ليرة سورية، أي بين 400 و1600 دولار وفق سعر الصرف في السوق السوداء. وباتت الكلاب اليوم مضطرة لقطع طريق طويلة قبل الوصول إلى مالكيها الجدد، فتنطلق من مطار القامشلي إلى مطار دمشق الدولي ثم إلى وجهتها النهائية في دول الخليج. ويقول درباس "توقفت جميع أعمالنا بسبب أزمة فيروس كورونا بعد إغلاق المطارات" لفترات طويلة كجزء من قيود الحد من انتشار الوباء. لكنه يتوقع اليوم تعافياً خجولاً بعد أن يتم استئناف الرحلات الجوية بين سوريا وقطر التي عُلقت لأكثر من سبعة أشهر ضمن إجراءات الإغلاق. "هواية" و"تجارة" ليس درباس وحده من يهوى تربية كلاب السلوقي، بل يتشارك معه العشرات من أبناء قريته، بينهم جهاد محمد (40 عاماً) الذي يقول ""تربية الكلاب هوايتي ... اشتريت جراء أدربها على الركض خلف الدراجات النارية، وحين تصل إلى الخليج يتم تدريبها على الركض في الصحراء فوق الرمال". ويضيف "أصبحت تجارة بالنسبة لي وللكثيرين من أهالي القرية". لكن هذه المهنة ليست مرغوبة من جميع سكان الدرباسية، مثل شكري موسى الذي يقول أثناء جلوسه تحت شجرة محاطاً بأحفاده "أهالي القرية يربّون كلاب السلوقي منذ عشرين سنة". ويضيف الرجل العجوز في الـ70 من العمر "في الماضي، كان الأكراد يستخدمونها للصيد، أما اليوم فتحولت إلى تجارة، وأحياناً تزعج (الكلاب) الأهالي، لأنها تأكل الدجاج". تابعوا فكر وفن من البيان عبر غوغل نيوز طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :