ما الذي نجحت فيه البحرين وفشلت فيه فرنسا؟

  • 11/5/2020
  • 01:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

مايكل هارت عالم الفيزياء الفلكية الأمريكي والمعروف أكثر من خلال كتابه «100» الذي ألفه في عام 1978 وكان فحواه «تصنيف للمائة شخصية الأكثر تأثيرًا في التاريخ»، وبالرغم من أن هارت هذا من الانفصاليين البيض الا انه وضع النبي محمد (ص) في المرتبة الأولى في تصنيفه حيث قال «إن محمدا (ص) كان نجاحه بلا نظير في انتشار الدين الإسلامي».فالإسلام أكثر الأديان انتشارًا في يومنا هذا في القرن الواحد والعشرين وذلك لأن النبي محمدا (ص) خُيِّرَ ان يكون ملكًا رسولاً أو أن يكون عبدًا رسولاً وقد اختار ان يكون عبدًا رسولاً بمعنى أنه كان فقيرًا فلم ينشر هذا الدين لمصلحة شخصية أو ابتغاء مال أو جاه أو غنًى، وإنما فعل ذلك مرضاة لله وابتغاءً للآخرة، فكان الدليل ان هذا دين الله لا محالة. والآن ومع انتشار هذا الدين تواجه بعض الدول غير الإسلامية أمواجا عاتية لا تعرف عنها شيئًا لجهلها بالإسلام ومن ثم خوفها من التغيير الذي بدأ يطرأ على المجتمعات عندها مع دخول هذا الدين فيها. وكسائر دول العالم ففي البحرين، هذه الجزيرة الصغيرة، نجد ان هناك أديانا ومذاهب وأناسا تتعبد في مساجد وكنائس ومعابد، إلا أننا لا نجد مشاكل بسبب اختلاف هذه الأديان والمذاهب بل إن الدولة تشجع وبنجاح على التسامح والتعايش بين هذه الأديان والمذاهب وتتعامل معها بالمساواة. وهذا هو نهج النبي (ص)، ففي زمن النبي (ص) لم يُمنع أصحاب الأديان السماوية من ان يعيشوا في المدينة المنورة بل كان اليهود والنصارى يدخلون المدينة ويعيشون فيها والدليل على ذلك ان نصارى نجران نزلوا في عام الوفود بمسجد النبي (ص) كما أن النبي (ص) مات ودرعه مرهونة لدى يهودي في المدينة، وإن قاتل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، في المدينة كان مجوسيا، وهذا كله يدل على ان التعايش جائز، وإن كان دخول غير المسلمين مكة حراما فإنه ليس كذلك في غير ذلك من المدن، لذا فما الذي فعلته البحرين وفشلت فيه فرنسا؟ وما هو سر تعايش الأديان بعضها مع بعض في البحرين؟ والجواب بسيط، ففي البحرين وضعت قوانين وطبقت بصرامة وهي أن حريتك أنت كفرد تتوقف عند حدود حريتي انا فلا أنت حريتك مطلقة ولا انا، فكلانا لن يتعدى على الآخر وهذه الحدود محددة في قانون العقوبات البحريني بل ومطبقة من قبل السلطات، أما في فرنسا فقد ضاعت بوصلة العمل في خضم المطالبات الحقوقية، فحرية الرأي أصبحت تتنقل حدودها من حد إلى حد، فقبل عام 2008 كانت إهانة الرئيس في فرنسا جريمة يعاقب عليها القانون ولكن ذلك تغير عندما أحيلت قضية «إغفي إيون» إلى محكمة حقوق الإنسان الأوروبية والتي حكمت بأن اللافتة الصغيرة التي رفعها إغفي في وجه الرئيس ساركوزي والتي كتب عليه «اغرب عن وجهنا ايها الشقي» ليست إهانة وإن إهانة الرئيس يجب ألا تكون جريمة ليتغير بذلك قانون ظل صامدًا منذ عام 1881م إلا أن المشرع الفرنسي وجد ثغرة لحماية الرئيس حينما قرر أن بالإمكان معاملة الرئيس كأحد الوزراء أو نواب الشعب، والذين ينطبق القانون على من يهينهم لترجع بذلك حماية الرئيس من الإهانة. والموضوع يكاد يكون نفسه في بريطانيا، فإهانة الملكة أو العائلة المالكة في بريطانيا يعاقب عليها القانون وفقًا للمادة (490) والمادة (491) من قانون العقوبات الانجليزي وإن كان ذلك غير مطبق بصورة فعلية. ولكن حتى محكمة حقوق الإنسان الأوروبية والتي تحكم بحرية الرأي، تركت المجال لتطبيق القانون حين أشارت إلى أن القانون قد يطبق إذا كان لمنع الجرائم والاضطرابات أو لحماية الصحة العامة والأمور الأخلاقية أو لحماية حقوق الآخرين، فهل حماية حقوق الآخرين لا ينطلي تحتها أن لا يهان نبي المسلمين ورسولهم وقدوتهم ومن أرسل رحمة للعالمين والذي وبشهادتهم هو من له أكبر الأثر في تاريخ البشرية وفي انتشار الدين الإسلامي لكرم أخلاقه وتواضعه؟ فإن كان القانون يمنع اهانة الرئيس والملكة والنواب والعَلَم أليس الأجدر ان لا يهان سيد الخلق وسيد وَلَد آدم؟فها هو رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يصرح بأن «حرية التعبير ليست بلا حدود وأنها يجب ألا تسبب إساءة بشكل تعسفي وبدون داع لفئات بعينها»، حيث أكد انه يدافع عن حرية التعبير ولكن بشرط «أن يكون هناك احترام تجاه الآخرين وعدم جرح من نتشارك معهم في المجتمع والمعمورة».والواضح أن فرنسا لم تتعلم من فتح باب حرية التعبير، فمثلاً عندما فتحت الأبواب لزواج المثليين من نفس الجنس جاءت مطالبات جديدة بالسماح لزواج الأخ بأخته وقد يكون الموضوع مقززًا ولكن بالنسبة إلى من لا دين أو مذهب له فلا رادع لذلك بل إن الرئيس الفرنسي قالها في مقابلته الأخيرة حين قال وإن وضعت حدودًا أو رسمت خطوطًا حمراء فإنني سأسِنّ بذلك قوانين قد تشكل نفس ما يشكله الرادع الديني. إذن فما حدود الحريات؟ هل سنصل إلى حد تطبيق قانون الغاب خوفًا من ان يكون لدينا دين؟ ولِمَ كل هذا الخوف من الدين؟ والحقيقة ان الدين لم يكن السبب في أي مشاكل تاريخيًا ولكن من يلوحون باسم الدين ويستغلونه لاغراضهم ومصالحهم الشخصية هم السبب، أضف إلى ذلك من يخافون ان يخسروا كل ما يملكون من خلال ذلك والسبب كله يرجع إلى الجهل. 

مشاركة :