اقترب المرشح الديمقراطي جو بايدن أمس الخميس من الفوز على منافسه الرئيس دونالد ترمب في انتخابات متقاربة للغاية يتوقف الحسم فيها على هوامش ضئيلة جداً في بضع ولايات، بينما أقام الرئيس الجمهوري سلسلة دعاوى قضائية على أمل إبطاء خصمه. وتصاعد التوتر في بعض الأماكن، مع استمرار فرز الأصوات بعد يومين من إغلاق مراكز الاقتراع، في يوم ثانٍ من التظاهرات بشأن نزاهة الانتخابات. ويواصل بايدن، النائب السابق للرئيس الأميركي، تقليص الفارق الذي يتقدم به ترمب في ولايتي بنسلفانيا وجورجيا بينما يحتفظ بهامش تقدم طفيف في ولايتي نيفادا وأريزونا. وزعم الرئيس حدوث تزوير دون أن يورد أدلة على ذلك، وأقام دعاوى قضائية ودعا لإعادة فرز الأصوات في ولاية واحدة على الأقل. وكان أحدث تحرك لحملة ترمب الإعلان في وقت لاحق الخميس عن إقامة دعوى قضائية تزعم حدوث تزوير في نيفادا، إحدى الولايات الحاسمة التي يتأخر فيها عن بايدن بفارق ضئيل. ووصف بعض الخبراء القانونيين الطعون بأنها رهان ضعيف ومن غير المرجح أن تؤثر على النتيجة النهائية للانتخابات، وهي من أكثر السباقات الرئاسية الاستثنائية في تاريخ الولايات المتحدة الحديث بسبب جائحة فيروس كورونا. وأدى القلق بشأن الفيروس إلى زيادة هائلة في التصويت عبر البريد مما تسبب في تأخير النتائج. وما زال بايدن متقدماً في ويسكونسن ونيفادا وأريزونا، ويضيق الفارق مع ترمب في جورجيا وبنسلفانيا. ويجب أن تنجح الدعاوى المتعددة التي أقامها ترمب وطلبه إعادة الفرز والعثور، في بعض الحالات، على عشرات الألوف من بطاقات الاقتراع غير السليمة من أجل عكس النتيجة في حالة فوز بايدن. وقالت جين أومالي ديلون مديرة حملة بايدن الانتخابية للصحفيين "ما نراه في هذه الدعاوى القضائية هو أنها بلا جدوى وليست سوى محاولة لتشتيت الانتباه وتأخير ما بات محتوماً الآن: جو بايدن سيكون الرئيس القادم للولايات المتحدة". وتوقعت حملة ترمب الفوز، وقال مدير الحملة بيل ستيبين إن فرص ترمب في السباق "جيدة". وبعض الأصوات التي لم يتم فرزها حتى الآن في جورجيا وبنسلفانيا موجودة في مناطق يُتوقع أنها تميل إلى الديموقراطيين مثل أتلانتا وفيلادلفيا. ويتقدم ترمب بنحو 14000 صوت في جورجيا مع بقاء نحو اثنين في المئة من الأصوات دون فرز حتى الآن. ويتقدم الرئيس أيضاً بنحو 115000 صوت في بنسلفانيا مع بقاء نحو ثمانية في المئة من الأصوات لم يتم إحصاؤها بعد. ويتعين على ترمب أن يفوز في الولايات التي لا يزال متقدماً فيها، بما فيها نورث كارولاينا، بالإضافة إلى أريزونا أو نيفادا للفوز على منافسه وتجنب أن يصبح أول رئيس أميركي يخسر محاولة الفوز بفترة الرئاسة الثانية منذ جورج بوش الأب في 1992. ويبدو أن الرئيس أصبح أكثر انزعاجاً مع تقلص أو تلاشي الهامش الذي يتقدم به في بعض الولايات أثناء الفرز. وفي صباح الخميس كتب على تويتر "أوقفوا الإحصاء" و"أوقفوا التلاعب!" رغم أنه لا سلطة له على فرز الأصوات. وقال مستشاران لترمب إن الرئيس، الذي كثيراً ما استمتع بالمعارك القانونية خلال مشواره المهني الطويل والمليء بالاضطرابات، كان في البيت الأبيض يجري الاتصالات ويراقب التطورات عبر شاشات التلفزيون. وكان يتحدث إلى حكام الولايات والأصدقاء المقربين والمستشارين، وأرسل بعض أقرب مستشاريه إلى الميدان لدعمه. ويتعين على أي مرشح لكي يفوز في السباق إلى البيت الأبيض أن يحصل على 270 صوتاً على الأقل من أصوات المجمع الانتخابي الموزعة على كل ولاية على حدة. وتعتمد أصوات المجمع الانتخابي بشكل كبير على تعداد سكان الولاية. وقال مركز إديسون للأبحاث إن بايدن متقدم على ترمب في أصوات المجمع الانتخابي بحصوله على 243 صوتاً مقابل 213 لترمب. وأعلنت وسائل إعلام أخرى أن بايدن فاز بولاية ويسكونسن وهو ما من شأنه أن يمنحه عشرة أصوات أخرى. ويبرز التقارب الشديد في الانتخابات حالة الاستقطاب السياسي في الولايات المتحدة، والانقسامات العميقة في البلاد على الأصعدة العرقية والاقتصادية والاجتماعية والدينية وبين الأجيال المختلفة، بالإضافة إلى الفجوة بين المناطق الحضرية والريفية أيضاً. ويهيئ الفرز والطعون القضائية الساحة لحالة من عدم اليقين قد تستمر أياماً وربما أسابيع قبل الموعد النهائي لحل النزاعات الانتخابية في الثامن من ديسمبر. ويؤدي الرئيس الجديد اليمين في 20 يناير 2021. هوامش ضئيلة للغاية طالبت حملة ترمب بإعادة فرز الأصوات في ولاية ويسكونسن، التي حقق فيها بايدن تقدما بفارق 21 ألفاً من أصل 3.3 ملايين صوت، وهو هامش ضئيل بما يكفي ليسمح له بإعادة فرز الأصوات. إلا أن خبراء في العملية الانتخابية قالوا إن من المستبعد أن تغير إعادة فرز الأصوات في ويسكونسن النتيجة. وأعلنت حملة ترمب أنها تعتزم رفع دعوى قضائية في نيفادا تزعم وجود سلسلة من المخالفات في التصويت في مقاطعة كلارك كثيفة السكان، التي تضم مدينة لاس فيجاس، مثل تصويت أشخاص غادروا الولاية أو آخرين في عداد الأموات. كما رفعت حملة الرئيس بالفعل دعاوى قضائية في ولايتي ميشيجان وبنسلفانيا لوقف عملية فرز الأصوات. ورفعت الحملة دعوى في جورجيا للمطالبة بأن تفصل مقاطعة تشاتام، التي تضم مدينة سافانا، وتؤمن بطاقات الاقتراع التي تصل متأخراً لضمان عدم إحصائها. كما طالبت الحملة المحكمة العليا الأميركية بالسماح لترمب بالانضمام إلى دعوى قضائية رفعها الجمهوريون في ولاية بنسلفانيا بشأن ما إذا كان ينبغي السماح للولاية بقبول بطاقات الاقتراع التي تصل متأخراً والتي جرى إرسالها عبر البريد يوم الانتخابات. وشهد الخميس ثاني يوم من الاحتجاجات السلمية المتعلقة بالانتخابات، حيث تجمع متظاهرون في مدن مثل فيلادلفيا وواشنطن وفينيكس وديترويت. واحتشدت مجموعات، خاصة من الديموقراطيين، حول شعار "احصوا كل صوت". ورد بعض مؤيدي ترمب بهتافات مطالبة "بحماية التصويت"، دعماً لجهود حملته من أجل التخلص من بعض فئات بطاقات الاقتراع، بما في ذلك تلك التي قدمت من خلال البريد. وتجمع نحو 200 من أنصار ترمب، بعضهم مسلح ببنادق ومسدسات، أمام مركز اقتراع في فينيكس بولاية أريزونا الأربعاء بعد تردد شائعات لا تستند إلى دليل عن عدم احتساب أصوات للرئيس. وجمع بايدن أصواتاً أكثر من ترمب بحوالي 3.6 ملايين صوت على مستوى البلاد. كان ترمب قد تمكن من هزيمة الديموقراطية هيلاري كلينتون في انتخابات 2016 بعد أن فاز في ولايات حاسمة وضمن الفوز في المجمع الانتخابي بالرغم من أن كلينتون جمعت أصواتاً شعبية أكثر منه بنحو ثلاثة ملايين صوت في عموم البلاد. موظف يقوم بفرز الأصوات داخل دائرة انتخابات بمقاطعة ماريكوبا في فينيكس (أ ف ب)
مشاركة :