تنتظر أكثر من 1000 قرية أثرية في منطقة الباحة أن تمتد إليها أعمال الترميم والصيانة والحماية بعدما شوهتها أيادي العبث وتطاول عليها بعض الباحيون عن آثار قديمة أو مكنوزات أو أعلاف أو حطب، فيما يتساءل ساكنوها عن سر إهمال هذه القرى رغم أنها مقصد لسياح العالم على مدار العام. في البدء، أبدى المواطن علي مروان الغامدي دهشته مما طال قرى الباحة من الهدم وعوامل التعرية منذ خرج منها ساكنوها واستبدلوا بها البناء الخرساني المسلح وأهملوا تحفة معمارية، داعيا البلديات والسياحة إلى الالتفات لهذه القرى وإعادة ترميمها شأن قرية ذي عين وقرية الأطاولة. وعبر وكيل إمارة الباحة الدكتور حامد الشمري عن سعادته بجهود المواطنين في الأطاولة وإسهامهم بوعي في إعادة إحياء قريتهم العتيقة، موضحا لـ«عكاظ» أن إمارة الباحة تقف مساندة لكل عمل خلاق وتسهم ماديا ومعنويا في إنجاح المشاريع السياحية والتنموية. كما أشار التربوي محمد درعان إلى أن قرية الأطاولة الأثرية في منطقة الباحة حققت مكانة متميزة في نفوس حشد كبير من الزوار والسواح والأهالي الذين زاروها في صيف هذا العام وتجاوزت أعدادهم (10) آلاف زائر كونها محطة الآثار الأولى في سراة منطقة الباحة، مؤكدا أن الأهالي جمعوا مبالغ تزيد على مليون ريال وأعادوا ترميم ما يحتاج إلى ترميم وتم افتتاح القرية من قبل سمو رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، الذي يحرص شخصيا على زيارتها في كل مرة يأتي إلى المنطقة وأبدى سموه إعجابا بتكاتف الأهالي وما أسهموا به من ترميم وتجديد في بعض المواقع وتحسين الطرقات القديمة وإعادة بنائها، وتجميل مجلس القرية وإعداد المأكولات الشعبية، لافتا إلى أن الجامع القديم للأطاولة بميضأته المميزة على الطريقة التاريخية يرجع إلى قرون بعيدة وربما إلى زمن النبوة ولازال محرابه قائما وسقفه مرصوفا بالأخشاب المحلية دون أن يلحق بها أي تلف. من جهته، أوضح رئيس بلدية محافظة القرى محمد خميس العويفي أن البلدية تولت رصف الطرقات داخل القرية الأثرية بالحجر الجرانيتي في الحي القديم وسط الأطاولة وما يعرف بـ«حي الدار» وأرست المشروع على إحدى الشركات المحلية بمبلغ 1٫2 مليون ريال كمرحلة أولى من مشروع كبير يستهدف تقديم القرية في صورة حضارية للسواح والزوار والأهالي من داخل وخارج المنطقة، إضافة إلى ترميم ممرات المشاة وتهيئة الجلسات للزائرين وإنارة طرقات ومدخل القرية وتسهيل الدخول إليها من أكثر من طريق. وأضاف العويفي أن القرية تضم المتحف الأثري للقرية وغرفا للخدمات منها المقاهي والمطاعم الشعبية ومحلات عرض المقتنيات الأثرية، مثمنا تعاون الأهالي وملاك المساكن القديمة في محيط القرية وحولها. في المقابل، أكد مدير فرع هيئة السياحة والتراث الوطني في الباحة زاهر الشهري أن الهيئة تدعم ماليا القرى الأثرية كشريك للأهالي بعد أن يؤسسوا شركة أهلية تتحمل جانبا من المسؤولية المالية والإدارية شأن قرية ذي عين، واعتبر الشهري قرية الأطاولة من أبرز المزارات السياحية في منطقة الباحة التي تزين مدخل المنطقة الشمالي وتشد مئات الزور لها، فيما عدد المؤرخ علي سدران معالم القرية ومنها حصن دماس الذي يعتقد أنه أول بناء أقيم في الأطاولة قبل عدة قرون، ولاحقا أقيمت حولة عدة مبان حجرية سكنية بعضها مؤلف من 3 طبقات ومازالت قائمة بشكل شبه جيد، إضافة إلى حصن آل عثمان وهو حصن المشيخة الذي سكنه عدد من شيوخ قبيلة قريش من آل عثمان لسنوات كثيرة وهو مبني من الحجر وبشكل فريد ومطلي بمادة «الشيدة» ومبنى المدرسة الأولى في تاريخ الأطاولة وهو بناء حجري كانت للبنين أولا ثم بعد ذلك للبنات.
مشاركة :