محمد حداد مؤلف وناقد موسيقي مهتم بتأليف موسيقى الأفلام السينمائية، حمل آلة العود وجعلها آلته الرئيسة الى أن سافر إلى القاهرة لمتابعة شهادة البكالوريوس في التأليف الموسيقي والقيادة في معهد الكونسرفتوار بالقاهرة، إلى جانب دراسته لآلة البيانو. تعددت تجاربه السينمائية بين الأفلام القصيرة والروائية، ومن أبرز تجاربه السينمائية فيلم «حكاية بحرينية» 2005 وفيلم «الشجرة النائمة» 2014. ومن منطلق إبراز دور الموسيقى في السينما جاء لقائي مع المؤلف الموسيقي محمد حداد.] حدثني عن بداية شغفك الموسيقي في السينما؟كانت الدهشة ترافقنا منذ الطفولة مع التلفزيون بدايةً، كذلك مع السينما باعتبارها صورة متحركة، إذ بدأت كأفلام صامتة تكون الموسيقى فيها هي الراوي، وأذكر في أثناء دراستي في القاهرة ذهابي مع صديقي عازف الترومبيت محمد محيي لحضور عرض فيلم «End of the affair»، ما أوضح لي أن خلفية الموسيقى مرتبطة بصناعة الفيلم، كما عظمتها باعتبارها استثمار لفيلم عظيم له حظ من النقد. ] هل كانت هناك مواد متعلقة بالموسيقى التصويرية في أثناء دراستك في القاهرة؟كان حضور الموسيقيين السينمائيين كبير في المعهد من خلال تدريسهم لنا، كالمؤلف راجح داود وجمال سلامة وأحمد الصعيدي.] كيف تقيس مدى وعي المخرجين السينمائيين في التعامل مع موسيقى الفيلم؟الموضوع متفاوت، إذ إنني أرى أن هناك مشكلة من بعض المخرجين، منهم من ينظر للموسيقى بوصفها مكملاً تقنيًا فحسب، وبعضهم يقحم الموسيقى لتغطي على الأخطاء التي تشوب أداء الممثلين وبالتالي لا تكون منسجمة مع تكوين العمل السينمائي. إلا أن بعض المخرجين لديهم أذن موسيقية ناقدة ذات حس فني يسهم في اختيار الموسيقى المناسبة التي تأطر هوية الفيلم.] كيف ترى المشهد الموسيقي السينمائي في البحرين؟للأمانة المشهد الموسيقي السينمائي ضعيف جدًا، إذ إن أسماء الموسيقيين المطروحة في المشهد السينمائي قليلة جدًا مقارنة بعدد الأفلام والمخرجين، مع أن هناك مؤلفين مبدعين بشكل ملحوظ بالنسبة للدراما التلفزيونية.] كيف تقيّم وجود مهرجانات سينمائية في الخليج؟هذا التجمع يُعد استثمارًا فنيًا يجمع المخرج والمنتج مع المؤلف، بل وموسيقيين من أقطاب العالم، بما يخلق تجربة ناتجة عن فهم تجارب متنوعة إلى جانب أهمية هذه المهرجانات المعززة لثقافة السينما لدى الجمهور.] هل للموسيقى التصويرية ضرورة في الفيلم السينمائي؟هي وجهة نظر تختلف من مخرج إلى آخر، وفي هذا السياق أستذكر مدرسة (الدوجما) وهي مدرسة سينمائية يكون فيها التمرد على القوالب الكلاسيكية مباح، إذ تقوم على أن السينما هي مرآة الواقع وأن الموسيقى التصويرية لا وجود لها في الواقع، وأعتقد أن هناك حالات قد لا تحتاج الأفلام السينمائية فيها إلى موسيقى، فتحل أحيانًا المؤثرات الصوتية محلها.] هل من الممكن أن تكون الموسيقى عاملاً أساسيًا وملهمًا في صناعة فيلم سينمائي؟الموسيقى التصويرية كانت موجودة قبل السينما، مثال ذلك نذكر (السيمفونية العجيبة) للمؤلف هيكتور بريليوز، إذ نلاحظ الحس الدرامي فيها، فقد كان يصوّر مشاهد وحكايات مستلهمة من قصة وأحداث درامية. ] فيلم «حكاية بحرينية» هي تجربتك الأولى في السينما.. حدثني عن كواليسها.في فيلم «حكاية بحرينية» كان هناك متّسع لتأليف ثيمات تحاكي حالة كل شخصية في الفيلم، إذ وظفت آلة التشيللو لتتقمّص حالة الأم، وآلة الكولة للابن الذي يربّي الحمام ممثلة بصوت الهديل، أما عن البنت المكبوتة فقد وظفت الأصوات البشرية والهمهمات لتلائم حالة البنت وتطورات الأحداث التي تمر بها، أما عن آلة العود فهي تمثل شخصية البطل وآلة البيانو كانت تحتضن هذه الثيمات.] ما هي المشكلات التي يمر بها المؤلف في أثناء وضعه لموسيقى الفيلم؟هي ليست مشكلات بقدر ما هي تحديات يخوضها الموسيقي، فكل تجربة تبدأ مبهمة، إذ قد تحل الموسيقى دورًا أو شخوصًا أو موقفًا. متى ما وضحت رؤية المؤلف للثيمة كان الطريق ممهدًا لبناء توافق الموسيقى مع المشهد. ] في رأيك، كيف ترى أهمية المساحة التي قد يحتاجها الموسيقي في أثناء تأليفه لموسيقى الفيلم؟تخلق هذه المساحة من الحوار بين المخرج والموسيقي، فمتى كان الانسجام بينهما واردًا كان الطريق واضحًا لرسم ملامح الثيمة الموسيقية للفيلم، وعلى هذا الأساس تُرسَم المساحة الابتكارية للمؤلف.] هل توجد اختلافات بين تأليف موسيقى الفيلم والمسرح والتلفزيون؟هناك اختلافات، إذ ألاحظ أن الموسيقى الدرامية في التلفزيون لا يتم التعامل معها بدقة أحيانًا على عكس المسرح الذي يرتبط بأداء الممثل باختلافات انفعالاته، أما بالنسبة للسينما فقد تطرقنا إلى التأليف الموسيقي فيها سابقًا.] لماذا يلجأ بعض المخرجين إلى الموسيقى الجاهزة للفيلم؟بعض المخرجين يوفقون في اختيار الموسيقى الملائمة لحالة الفيلم؛ كونهم لا يجدون المؤلفين المناسبين للفيلم. ونستطيع القول إن الموضوع قائم على مدى ذكاء المخرج في إقحام الموسيقى في المشهد، إذ إن المشكلة ليست في مجرد اختيار الموسيقى الجاهزة، وإنما في كيفية توظيفها.] هل من تجارب سينمائية استوقفتك؟تأسرني تجربة المؤلف الموسيقي البولندي «زبيغنييف برايسنر» وتجربته مع المخرج «كريستوف كيشلوفسكي».] ما طموحك في مجال تأليف موسيقى الفيلم؟أطمح لتأليف موسيقى تصويرية لفيلم يحاكي فلسفة الموت، وذلك بناءً على مشاهدتي لأفلام تطرقت لذات الفكرة، آملاً في خلق تأويل آخر للموت.
مشاركة :