حافظت المنطقة التاريخية بمحافظة جدة على هويتها التاريخية والحضارية، عاكسة اهتمام الدولة في الحفاظ على الهوية الأصيلة للمملكة عبر المنازل العتيقة، وحاراتها، ومساجدها الأثرية التي تحيط بها الساحات الصغيرة، والأزقة المتعرجة الممتدة من قرون مضت، وما زالت تحافظ على رونقها البدائي، والحياة الاجتماعية على نهج الآباء والأجداد.رعاية المنطقة وقامت وزارة الثقافة بدورها في رعاية هذه المنطقة، وما تتميّز به من بيوت شهيرة ضاربة في عمق التاريخ، التي تزيّنها الرواشين كنمط بناء سائد بجدة منذ القِدَم، إضافة لمحال الحِرف اليدوية المنتشرة بالأسواق القديمة التي ما زال بعضها موجودًا حتى الوقت الحالي، والتي تعتبر شريان «التاريخية» الاقتصادي والحيوي، ومن أشهرها: «سوق العلوي»، و«سوق قابل»، و«سوق الندى»، و«سوق السمك» المعروف بـ «البنقلة»، إلى جانب عدد من الخانات التاريخية التي تتكوّن من مجموعة دكاكين تفتح وتغلق على بعضها، ومن أهمها خان الهنود، والقصبة «محل تجارة الأقمشة»، وخان الدلالين، وخان العطارين.الحجر والطينواستعان أهالي جدة في بناء بيوتهم بـ«الحجر المنقبي» الذي كانوا يستخرجونه من بحيرة الأربعين، والأخشاب التي كانت ترد إليهم من المناطق المجاورة كوادي فاطمة، أو ما كانوا يستوردونه من الخارج عن طريق الميناء، خاصة من الهند، إضافة لاستخدام الطين الذي كانوا يجلبونه من «بحر الطين»، ومن أشهر وأقدم المباني الموجودة حتى الآن بيت آل نصيف، وبيت آل جمجوم، ودار آل باعشن، وآل قابل، ودار آل باناجة، وآل الزاهد، وآل الشربتلي، كما ظلت بعضها لمتانتها وطريقة بنائها باقية بحالة جيدة مع مرور حقب زمنية طويلة.البيت الحجازيويتميز «البيت الحجازي» بالمنطقة التاريخية بالتصميم التقليدي ذي الخصوصية بين فنون العمارة، والأشبه بالتحفة المعمارية التي تجمع بين التراث الحجازي وفن العمارة الإسلامي، وتميّزت هذه المنطقة بحاراتها الأربع وهي: المظلوم، واليمن، والبحر، والشام التي شيّدت منذ قديم الزمن، وسكنها قامات من رجال لهم بصماتهم الكبيرة في المجتمع الجداوي.ملامح جماليةوعُرفت جدة بالعادات والتقاليد الأصيلة التي ما زالت متوارثة بين الجيل الحالي، حيث شكّلت الملامح الجمالية للمدينة، من خلال تزيين الأهالي المنازل بالأنوار، وترديد الأهازيج استقبالًا للزوار، ومما يدلل على عناصر البساطة لدى الأهالي تشابه المباني في عدد طوابقها، حيث يتراوح ارتفاعها بين 4 و5 طوابق، لتصبح أمام الجيل الحالي نافذة على عبق التاريخ وأصالته.مخزون تاريخيوتقف شواهد جدة ومخزونها التاريخي، دليلًا على عراقة المنطقة، حيث تجد الأحياء محتفظة بلمسات من الحياة التقليدية ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي، وعرفت جدة قديمًا بالمجتمع الواحد، وتزايد عشق أهلها للبحر الذي هو مصدر رزقهم وحياتهم، وتم تقسيمها داخل سور كان يحيط بها، وتمت إزالته بعد دخول المدينة في منطقة العمران عام 1947م، كما اشتهرت بمساجد لها مكانتها في ذاكرة الأهالي منها: «مسجد الشافعي»، و«مسجد عثمان بن عفان»، و«مسجد الباشا»، و«مسجد عكاش»، و«مسجد المعمار»، و«مسجد الرحمة»، و«مسجد الملك سعود»، و«مسجد الجفالي»، و«جامع حسن عناني».التراث العالمييُذكر أن اعتماد منطقة جده التاريخية في قائمة التراث العالمي من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو»، يأتي ضمن الجهود الرامية للحفاظ على التراث الوطني وتنميته؛ ليبقى مصدرًا للاعتزاز، وموردًا ثقافيًا واقتصاديًا، وفي إطار إبراز المكانة التاريخية للمملكة، وما تزخر به من تراث عريق ومكانة تاريخية.
مشاركة :