ربوهن على الثقة وأخلاق الدين وكفى

  • 9/11/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

أضحت إنجازات المرأة السعودية نبراسا يحتذى به، كونها الشريك الأساسي بعلمها النيّر وحضورها الفعّال في تنمية المجتمع والنهوض به في كل المجالات، ما دفع صنّاع القرار لوضع خطط فعلية لتمكينها الذي ليس ترفا، بل ضرورة حتمية ينعكس تأثيرها على المجتمع وثقافته واقتصاده، وجاء قرار إلغاء شرط المحرم في برنامج الابتعاث الخارجي من ضمن هذه الخطط الداعمة لنجاح مستقبلها ورفعة وطنها ووضع بصمتها بتميز وريادة.وقد لا يكون هذا الشرط سابقا معضلة لدى البعض، ولكنه حتما بدد طموحا وأطفئ شغفا وأنهى مسيرة تميز قبل أن تبدأ لدى البعض الآخر، في حين كان لوضعه هدف أسمى وهو الدعم والرعاية والتشجيع، ولكن جعله البعض مقبرة إنجازات الطموح بالتعنت والتزمت في آرائه المشبعة بقناعات شائبة غير منطقية، هذه القناعات التي للأسف تمارسها هذه الفئة كمعايير أخلاقية وأسس تربوية تنشئ جيلا بعد جيل، يراها مسلمات يعمل بها بالوعي واللا وعي.أخص بالذكر الأم والجدة والزوجة والأخت وسيدة المجتمع، اللواتي كن تحت لقب الابنة قبل تحملهن مسؤوليات هذه الأدوار المجتمعية، التي يفترض أنها أوهلت للقيام بها بوعي واتزان وثقة في بيئة أسرية، جعلت منها كيانا مستقلا ذاتيا وفكريا بصواب الفعل، وحكمة القول، بمنطق تعاليم الدين ومُثل الأخلاق، وليس بما نصت عليه تقاليد وأعراف ليست بالضرورة منطقية، ولكن حتما معظمها لا يلائم حاضر الأيام ووعي الأجيال فيما يخص المرأة تحديدا.لا يختلف اثنان على أن التربية مسؤولية عظيمة، أسهل الأمرين فيهما صعب، ولكنه أصعب حين يتبلور في العقل ويجسد في السلوك ما لا يحمد عقباه، حتى وأن كان حبا وحرصا, فمن الحب ما قتل أفكار وطباع وسلوكيات وأحلام فتيات عاصرن قرونا مضت، وأبرزها القرن العشرين، الذي كان تحت ظل سيطرة خطاب الصحوة, بسبب ما غرس من قناعات في والديهن نشأوا عليها ومورست عليهم، مسببة تطرفا فكريا من إحدى صوره الشاذة عدم تقبل الانفتاح والتطور والتعايش مع متغيرات ومستجدات الأيام، أو رفضه لمجرد الرفض دون تبصر أو بُعد نظر مستقبلي بشكل إيجابي, ولقد قيل «لا تُكرهوا أولادكم على آثاركم، فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم»فنحن نعيش في زمان وطور نهضة، دور المرأة فيه لا يقتصر على خيارين، إما عاملة أو ربة منزل، بل لا بد أن تكون جديرة في كلاهما بعلمها وثقافتها ووعيها، ففي الأولى تنمي مجتمعها وتخدم وطنها، وفي الثانية تنشئ جيلا هي مدرسته الأولى مرجعتيها ما نشأت عليه، إما صوابا بالحكمة والتعقل والصلاح أو اضطرابا تنتج عنه ثقة مهزوزة وشخصية تابعة، لا متبوعة يوهنها شعور عابر، وتستمد طاقتها وقيمتها من الآخرين، نتيجة ذلك في كلا الأمرين تتجلى في نمط الحياة والعلاقات وشخصيات أبنائها.المسألة ليست دعوة للتمرد أو التحدي أو التحرر، بل على العكس الاستقلالية مسؤولية لا يتحلى بها إلا من هو على قدر كبير من الثقة والوعي والردع الذاتي، النابع من التحلي بالقيم الأخلاقية والإنسانية، فتلك تجعل من الصعب أن يفعل الشخص ما لا يرضاه على نفسه، مخالفا ما زرعه فيه ذووه من مبادئ وأخلاقيات قويمة، وما تعلّمه من مناهج تعليمية جعلت التربية قبل التعليم إيمانا بأن التعليم لا قيمة له بدونها.فلا يمكنك حجب أشعة الشمس عن العالم لأن حرارتها تؤذيك أنت فقط، هو الأمر ذاته، لا يمكن منع حق أصيل للمرأة، سواء في التعليم أو العمل أو حتى ممارسة الحياة الطبيعية في ظل وجود تشريعات وقوانين تسمح وتدعم ذلك، وفقا لخطط ودراسات واستراتيجيات تمنحها هذا الحق كمواطنة أولا وشريكة في تنمية الوطن ثانيا، فالمرأة تعيش عصرها الذهبي في المساواة والتمكين، مثلها مثل الرجل بالقوانين والضوابط التي يخضع لها كلاهما دون تمييز بينهما، وما ذلك إلا تأكيد لما قاله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان «أنا أدعم السعودية ونصف السعودية من النساء، لذا أنا أدعم النساء».

مشاركة :