فيما يربط «حزب الله» والتيار «الوطني الحر» ولادة الحكومة بمخاض الانتخابات الأمريكية، على قاعدة أن هوية الرئيس المقبل ستحدد وضعيتهما على الساحة اللبنانية، لناحية أن بقاء دونالد ترامب في سدة الرئاسة الأمريكية يعني المزيد من التضييق على «حزب الله»، أما إذا فاز جو بايدن فقد تنفست إيران وارتاح الحزب.لكن بحسب مصادر مطلعة لـ «اليوم»، فإنه لا علاقة بين الاستحقاقَين، اللبناني والأمريكي. وتعارض الحسابات الداخلية المتعلقة بالحصص الوزارية والتركيبة الحكومية، كما أن فرض عقوبات أمريكية بحق رئيس التيار الوطني الحر وصهر الرئيس اللبناني جبران باسيل في الوقت بدل الضائع قبل حسم مصير الفائز في الانتخابات الأمريكية، دليل على أن المرحلة المقبلة من تاريخ لبنان معقدة للغاية.سياسة مرسومةويوضح الكاتب والمحلل السياسي فادي عاكوم، في تصريح لـ«اليوم»، أنه «من المعروف عن السياسة الأمريكية أنها ترسم كل فترة ويتم السير بتطبيقها مع إبقاء حيز من حرية التصرف للرئيس خصوصًا من ناحية التوقيت والتنفيذ للقرارات الهامة، وفي الفترة الحالية فإن قرار ملاحقة الحرس الثوري الإيراني وأذرعه في منطقة الشرق الأوسط هو قرار قومي أمريكي لا يمكن المساس به، مع إبقاء الباب مفتوحًا لأي مفاوضات قد تفضي إلى الحد من خطورة هذا الطرف».ويقول: «الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لو استطاع البقاء في فترته الثانية فسيكمل ما تم البدء به من ضغوطات، والتي تمثلت بزيادة الحشد والتواجد الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى الضغط بشكل أقوى من خلال العقوبات والتضييق على الحرس الثوري وأذرعه والشخصيات الهامة التي تدير هذه المنظومة، حتى الوصول إلى طاولة المفاوضات والحصول على توقيع إيران على اتفاقية جديدة بدلًا من التي انتهت منذ فترة».تأجيل العقوباتويضيف المحلل السياسي: «أما لو وصل المرشد جورج بايدن إلى سدة الرئاسة فبإمكانه تأجيل فرض العقوبات وليس وقفها باعتبار أنها أساسًا صادرة عن الكونجرس، وبالتالي سيفتح أبواب المفاوضات بشكل أسرع مع الإيرانيين الذين قد يستغلون الفرصة مع الرئيس الجديد لإنجاز اتفاقية سريعة كسبًا للوقت الذي يتيح لهم استكمال مخططاتهم كما جرت العادة».ويتابع: «باعتبار لبنان القاعدة الأساسية لأذرع الحرس الثوري الإيراني والتي انطلقت وانبثقت منها كافة الأذرع الأخرى، فبات من الواضح أن الرهان قائم على وصول بايدن وهو ما يتم ترجمته بشكل واضح على أرض الواقع، من خلال المماطلة بتشكيل الحكومة المعول عليها إنقاذ البلاد اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا وصولًا لاستعادة الثقة الإقليمية والدولية لضخ أموال القروض والاستثمارات والمساعدات بشكل سريع».مصلحة الحرسويلفت عاكوم إلى أن «حزب الله فضّل مصلحة الحرس الثوري على مصلحة لبنان والشعب اللبناني، وهو أمر قد يدفع الإدارة الأمريكية لو كانت بقيادة بايدن إلى التسريع بالتواصل وبالتالي فإن حزب الله سيكون مرتاحًا بعض الشيء من الضغوط، مما قد يدفع الحزب لتشكيل حكومة موالية تمامًا له لإحكام سيطرته أكثر على المفاصل السياسية والاقتصادية والعسكرية، لكن لو بقي ترامب فإن الأمور ستشهد تراجعًا دراماتيكيًا في سيطرة الحزب وسطوته، خصوصًا أن الضغط عليه في لبنان يترافق مع الضغوط المفروضة في سوريا والعراق، وهي ضغوط سياسية وعسكرية تصاعدت في الآونة الأخيرة بضربات جوية شبه يومية تستهدف قواعد الحرس وباقي الميليشيات التابعة له في سوريا».ويختم: «مع الإشارة إلى أن إضعاف حزب الله في لبنان في حال بقي ترامب سيترافق مع إضعاف المنظومة المتحالفة معه من غير الطائفة الشيعية، وعلى رأسهم الوزير السابق جبران باسيل الذي بات من المؤكد أنه سيتعرض للعقوبات مما سيكون ضربة قوية للحزب مع حرمان باسيل بالتالي من حلم الوصول إلى سدة الرئاسة وهو ما سيفقد الحزب أيضًا رئيسًا كان من الممكن أن يصل ويقلص دائرة الاختيار مما سيفقده التجربة على دائرة الاختيارات وستخرج الرئاسة من عهدته».الارتياب والشكورأت مصادر سياسية لبنانية متعددة أن العقوبات على جبران باسيل كانت كالصاعقة؛ لأنها لا تستهدف فقط باسيل بل هي موجهة أيضًا إلى رئيس الجمهورية ميشال عون؛ لأن باسيل الأقرب إلى رئيس الجمهورية ميشال عون ويلعب دورًا سياسيًا إلى جوار الرئيس على الصعيدين الداخلي والخارجي، وبحسب المصادر فإنه من المحتمل أن يكون هناك تصعيد جديد بعد العقوبات خاصة أنه بات من الواضح أن الرئيس عون حسم خياره وربط مصيره ومصير لبنان مع حزب الله وإيران، ويخشى اللبنانيون أن يذهب عون وصهره إلى الرد على خطوة واشنطن وهذا ما قد يتضح إذا عرقل الرئيس وصهره تشكيل الحكومة ورفض التعاون من الرئيس المكلف سعد الحريري.فيما رأت المصادر أن توقيت العقوبات يثير الارتياب والشك من أن تكون فعلًا الإدارة الأمريكية تسعى إلى هذا الخيار أي عدم تشكيل حكومة جديدة، فالعقوبات على باسيل تُعيد إلى الذاكرة العقوبات على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس إثر تكليف د. مصطفى أديب بتشكيل الحكومة، وربما يكون ساهم ذلك في فشل الأديب بتشكيل حكومته بالطبع بالتناغم مع موقف التيار وحزب الله وحركة أمل.
مشاركة :