ذات يوم كنت اذهب مع رفاقي إلى المدرسة، نقطع المسافات البعيدة مشياً على الأقدام، نحمل حقائبنا المدرسية على ظهورنا وأحيانا على ظهور الدواب، ومن كان ميسور الحال تجد لديه دراجة نارية ٠ كانت المدرسة بالنسبة لنا تعني الشئ الكثير لما نشاهده في وجوه آبائنا من حب ودفع معنوي لتعليمنا ٠ كانت المدرسة آنذاك تحوي جميع الكتب الدراسية بالإضافة إلى مكتبة صغيرة تحمل بداخلها العديد من الكتب الثقافية وكتب القصة القصيرة ذات معنى تعليمي وتربوي ٠ كانت حقائبنا تعج بالكتب والاقلام والمساطر والبرايات والمحايات وأدوات هندسة كالفرجار والمنقلة والمثلث وغيرها، حتى الطباشير التي ناخذها من المدرسة والتي عادةً ما تكون غير مألوفة عند آبائنا نتباهى بها أمامهم حين الكتابة بها على الألواح الخشبية ٠ كانت حقائبنا لا تخلوا من حَمل بعض الأكل بين طياتها ويكون غالباً بين الكتب وكانت الكتب لا تقل رائحتها عن شكل اغلفتها الخارجية التي تمتص الكثير من دهون الاكل وذلك لطول فترة وجوده داخل الحقائب، وكان حَمل الأكل ضروري لعدم توفر المصروف وندرة المقاصف المدرسية ٠ لم يدر بخلدي أو بخلد رفاقي في مرحلتنا الدراسية أن الحياة ستسير بنا يوما ما إلى نرى أن حقائب أبناءنا الدراسية في جيوبهم ٠ نعم هكذا هي الحياة عندما تكون جميلة وتحمل بين ثنايا أيامها تقدم العلم وإبداع الفكر ٠ ابناءنا اليوم يحملون في جيوبهم حقائب مدرسية صغيرة جميلة الشكل متعددة الألوان ٠ حقائب أبناءنا الدراسية اليوم لا تحمل أقلاماً ولا مساطر ولا برايات ولا محايات ولا أدوات هندسة لأن حجمها صغيراً مقارنةً بحجم حقائبنا الدراسية ولكنها تحمل داخلها موسوعة علمية وتربوية متكاملة ٠ الفرق بين حقائبنا الدراسية وحقائب أبناءنا أن حقائبنا تتميز بنكهة ورائحة الأكل وحقائب أبناءنا تتميز بنكهة وجمال الشكل وتنوع الحجم ومباهاة السعر ٠ وأما المدارس والتعليم فشتان بين الأمس واليوم ٠ ٠٠ بقلم جبران شراحيلي٠٠
مشاركة :