واشنطن - أعاد مسار الانتخابات الرئاسية الأميركية تسليط الضوء على شخصية الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب الذي يبدو أنه لن يسلم بالهزيمة بسهولة وأنه ماض في معركة الطعون حتى نهايتها. وفي كل الحالات فإنه وبحكم نهجه الصدامي وشخصيته التي تتميز بالعناد قد يلجأ إلى سياسة الأرض المحروقة خلال الأشهر القليلة المتبقية لتسليم السلطة والتي يفترض أن تكون في 20 يناير/كانون الثاني 2021.وبعد إعلان فوز الديمقراطي جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأميركية، تحول ترامب إلى أحد "الفاشلين" الذين يُحمل عليهم بانتظام، غير أنه يرفض الإقرار بهزيمته مبديا تعنتا قد لا يكون من ميزات شخصيته فحسب، بل رهانا سياسيا يقوم به.وفيما يتواصل تعداد ما تبقى من الأصوات في الانتخابات الرئاسية، يضاعف المعسكر الجمهوري الطعون القضائية، وسط اتهامات وجهها ترامب بنفسه إلى الديمقراطيون بـ"سرقة" الانتخابات بدون أن يقدم أي دليل على عملية "التزوير" التي يندد بها.وأوضحت أستاذة التاريخ في جامعة نيويورك روث بن غيات أن "الميزات التي سمحت لدونالد ترامب بفرض نموذجه المتسلط على الرئاسة وهي العجرفة والقسوة وفكرة أنه ينبغي الدفاع عنه بوجه أعدائه، تجعل من الصعب أن يقبل بهزيمته".وتابعت الأستاذة المتخصصة "من الأسهل القول إن الانتخابات كانت مزوّرة، على الاعتراف بأن سياسته نفّرت عددا من الناس كافيا ليخسر" الانتخابات، مشيرة إلى أن خطاب إقرار بالهزيمة سيكون بالنسبة لترامب "إذلالا علنيا".وقال عالم النفس في بالتيمور جون غارتنر إن الرئيس المنتهية ولايته "نرجسي مضرّ" محذرا بأنه قد يتبع سياسة "الأرض المحروقة" طوال الفترة الانتقالية التي تستمر حتى تنصيب بايدن رئيسا في يناير/كانون الثاني. ورفض ترامب مرارا القول ما إذا كان سيترك السلطة بهدوء.وأوضح أستاذ القانون في جامعة أمهيرست لورانس دوغلاس الذي صدر له قبل فترة قصيرة كتاب عن الرئيس بعنوان "هل سيرحل؟"، أن دونالد ترامب "يجب أن يضمن بأنه لن يعتبر فاشلا بل ضحية قوى دولة الظل الشريرة المتحالفة ضده منذ توليه السلطة".وبحسب عالمة النفس ماري ترامب ابنة شقيق الرئيس التي أصدرت كتابا تنتقد فيه العائلة، فإن رجل الأعمال السابق ورث طباع والده "المستبدّة".وماري ترامب هي ابنة فريد ترامب جونيور الذي توفي في العام 1981 في الثانية والأربعين من العمر جراء تبعات إدمان الكحول.وأوضحت أن عمها تعلم كيف "يكذب ليبرز نفسه" بعدما شهد الإذلال الذي لحق بشقيقه الأكبر، ما ساهم على حد قولها في تحويله إلى كاذب نرجسي.وأوردت مجلة "ذي أتلانتيك" في مطلع سبتمبر/أيلول في تقرير أن الرئيس نعت في 2018 الجنود الأميركيين الذين قضوا خلال الحرب العالمية الأولى بأنهم "فاشلون" و"أغبياء".ونفى ترامب والبيت الأبيض التقرير بحزم، غير أنه أحيا جدلا يعود إلى الحملة الانتخابية للعام 2016.وفي ذلك الحين، هاجم رجل الأعمال النيويوركي علنا السناتور الجمهوري جون ماكين بطل حرب فيتنام التي أسر خلالها وتعرض للتعذيب طوال أكثر من خمس سنوات.وقال ترامب عن السناتور الذي يحظى باحترام كبير في الولايات المتحدة"إنه بطل لأنه تم أسره. أنا أحب الذين لا يتم أسرهم".وبحسب طباعه التي تملي عليه عدم الإقرار بالهزيمة، فإن موقف ترامب قد يكون خيارا عمليا في مواجهة الآفاق القضائية التي قد لا تكون مطمْئنة بعد خروجه من البيت الأبيض، فهو مستهدف بتحقيقين في نيويورك، واحد في قضية تهرب ضريبي واحتيال في مجال التأمين وتلاعب في الحسابات، والثانية تتعلق بقروض وامتيازات ضريبية عن طريق الاحتيال، قد تفضي كل منهما إلى ملاحقات أمام القضاء. كذلك تتهمه عدة نساء بالتحرش أو التعدي جنسيا عليهنّ.وأخيرا، فمع رفض التنازل بعد فوزه بأصوات أكثر من سبعين مليون ناخب يحافظ ترامب على صورة الرجل القوي التي قد تخدمه في حال قرر الترشح لولاية جديدة في العام 2024.وقال لورانس دوغلاس إن ترامب نجح على مدى أربع سنوات في "إقامة وتوطيد رابط نقمة مشتركة مع ناخبيه". وبالرغم من هزيمته، فهو يرى أن "أسلوب" ترامب سيواصل اجتذاب أنصاره.
مشاركة :