تعيش تركيا خلال الفترة الحالية صراعات داخلية وخارجية غير مسبوقة، بسبب تدخلات سياسات رجب طيب أردوغان المُتخبطة المتواصلة داخلياً وخارجياً، والتي ألقت بظلالها على الاقتصاد، الذي تهاوى بشكل كبير وملحوظ خلال الآونة الأخيرة، ووصلت على أثره الليرة التركية إلى مستوى قياسي مُتدنِ. وفقدت الليرة التركية قيمتها خلال السنوات الأخيرة، وارتفعت نسبة التضخم، وزادت مستويات البطالة، ما أدت تلك العوامل إلى عزوف المستثمرين، وتزايد قلقهم حيال الاستثمار في البلاد التركية. وغرق نظام رجب طيب أردوغان في الديون، وذلك نظير تفاقم العجز التجاري، وانحدار العملة المحلية، إضافة إلى إفلاس آلاف الشركات التي قررت إغلاق أبوابها نتيجة التدهور الاقتصادي في البلاد، وأيضًا الديون الخارجية الضخمة للحكومة التركية. وباتت تركيا الآن، بيئة طاردة للاستثمار، وشبحٌ للمستثمرين، بسبب احتيال الشركات المحلية وتلاعب أصحابها، وأيضًا العقود الضعيفة والمُبهمة التي تُعدها تلك الشركات للمستثمرين الأجانب، إضافة إلى الضرائب المتعددة والعالية والمتجددة يومًا تلو آخر بسبب سياسات النظام التركي وتخبطاته بقيادة رجب طيب أردوغان. وعلاوة على سياساته الاقتصادية التي عززت الفساد ونشرته في أرجاء المؤسسات التركية؛ يواصل أردوغان في خلق العداوات وتحطيم جسور العلاقات، ليجني الانتقادات والمقاطعات، تماماً كما حدث بعد استهدافه السعوديين وقيادتهم، حيث انخرط الشعب السعودي في مقاطعة لكافة المنتجات التركية بشكل كامل، على أصعدة الاستثمار والسياحة والتجارة، الأمر الذي زاد معاناة الاقتصاد التركي وضاعفها، وكبدها خسائر بمليارات الدولارات، إذ توقف قرابة المليون ونصف سائح، من السفر للأراضي التركية إلى جانب آلاف المستثمرين في جميع القطاعات، الذين كثفوا حملاتهم الداعمة لمقاطعة تركيا، رفضاً لسياسات رجب طيب أردوغان. وفي سياق متصل، تستعد شركة Aydem Holding التركية المثقلة بالديون، لطرح وحدتها التابعة العاملة في الطاقة المتجددة، للاكتتاب في الربع المقبل، بهدف سداد قروض بقيمة 5 مليارات دولار، وهي ذات الشركة التي خضعت العام المنقضي إلى ثاني أكبر عملية لإعادة هيكلة الديون في تركيا. وتعليقًا للتدهور الاقتصادي الذي تعيشه تركيا، وعزوف المستثمرين، أفاد وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي مصطفى وارنك، "أن تركيا ستُثبت للعالم مرة أخرى، أنها الملاذ الآمن للمستثمرين"، مؤكدًا "مواصلة العمل في القطاعين العام والخاص على جعل بيئة الاستثمار أقوى". وأردف وارنك في حديثه: "بتوجيهات من الرئيس رجب طيب أردوغان، ستستمر السياسات الاقتصادية المُصممة والموجهة نحو النتائج، والمُركزة على الاستقرار دون تباطؤ، وسيعمل مجلس التنسيق لتحسين البيئة الاستثماري، وستكون تركيا ملاذًا آمنًا مرة أخرى للعالم بأسره". في حين أكد نائب حزب الشعب الجمهوري عن منطقة هاتاي محمد غوزال منصور، في المؤتمر الصحافي الذي عقده البرلمان التركي حول دعوات المقاطعة السعودية، تأثر بلاده ومرورها بأزمة اقتصادية خانقة، مضيفًا بقوله: "كنت أحُذر الحكومة التركية منذ سنة ونصف من ردة فعل السعوديين، وأبلغتها للمرة الأخيرة في يوليو 2020 ولم يرد حينها أحدًا، وشدّدت على خطر انتقال هذا الحظر إلى دول متضامنة مع السعودية مثل الإمارات والمغرب وتونس، ولكن حكومتنا لا حياة لمن تنادي".
مشاركة :