تتميز مدينة العين الجميلة بقلاعها الأثرية والأصيلة.. إلا أن قلعة الجاهلي تعتبر من أكبر القلاع وأشهرها، وتعد من القلاع ذات الطراز الرائع والفريد في فن العمارة العسكرية الإسلامية المحلية. كما تعد رمزا للقوة والسيطرة، فقد شيدت لأسباب سياسية من أجل لم شمل القبائل القاطنة في مدينة العين، وتتمتع القلعة من الناحية التاريخية بأهمية كبيرة لارتباطها بتاريخ أسرة آل نهيان. وتحتوي قلعة الجاهلي اليوم على مركز معلومات للزائرين، ومحلا تجاريا لبيع الكتب والهدايا التذكارية والخرائط والأدلّة الإرشادية، ومقهى إلى جانب مرافق خاصة لاستضافة الأحداث الثقافية التي تجري بالخارج ومساحات عرض أوسع.. وتقع قلعة الجاهلي في القسم الجنوبي الشرقي من مدينة العين بالقرب من متحف قصر العين. تاريخ عريق إن السائح لمدينة العين عموما، ولقلعة الجاهلي بشكل خاص سيستمتع بلا شك بزيارة ممتعة ومليئة بالإثارة والتراث القديم الذي يحكي عظمة هذه القلعة الجميلة. وسيتعرف على البداية الفعلية لعملية بناء قلعة الجاهلي في العام 1891 وذلك تحت حكم الشيخ زايد الأول وانتهى بناؤها في العام 1898. حيث استخدمت لأغراض سكنية، إلى جانب كونها موقعا نموذجيا للأعمال العسكرية لاسيما وأنها تقع على مقربة من مصادر المياه وتحيط بها الأراضي الخصبة للزراعة. مأوى في فصل الصيف حرصت أسرة آل نهيان آنذاك على زيارة القلعة في فصل الصيف، كونها المكان المناسب بعيدا عن المناخ الرطب في ساحل أبوظبي، وأيضا كمأوى لسكان واحة العين في زمن الاضطرابات السياسية. وظلت القلعة السكن الخاص بأسرة آل نهيان حتى بعد وفاة الشيخ زايد الأول في العام 1909. وفي بداية خمسينات القرن الماضي اتخذت القوات البريطانية قلعة الجاهلي قاعدة لجنود ساحل عُمان ووسعت المرافق وأضافت الإنشاءات إلى جانب إقامة مستشفى صغير، ووضع سياج كبير حول القلعة الأصلية. كما استخدم الجيش الإماراتي لاحقاً تلك المرافق كمركز لإحدى فرقه. مقصد سياحي تاريخي تحظى قلعة الجاهلي بزيارة السياح الذين يزورون الدولة من الخارج، فالزائر للقلعة سيرى بأن الجزء الأساسي منها يتكون من مبنيين مع ساحة مربعة الشكل تبلغ مساحتها نحو 1300 متر مربع، وجدران يبلغ ارتفاعها 6.5 متر، وبرج دائري منفصل يقع على بعد 50 مترا إلى الشمال الغربي من القلعة، ويتكون من أربع طبقات متحدة المركز. ويتميز تصميم البرج المنفصل بكونه يشبه طريقة بناء أحد الأبراج من العصر البرونزي والذي اكتُشف في منطقة هيلي. كما توجد بالقلعة ثلاثة أبراج صغيرة تقع بزوايا الساحة بارتفاع 12.5 مترا لكل منها، بينما تشمل الزاوية الشمالية الشرقية بناء من طابقين استُخدِم لاستقبال ضيوف الشيخ. وقد وُضِع على المدخل الرئيسي للساحة في الجدار الجنوبي قصيدة مخصَّصة لمؤسس القلعة، الشيخ زايد الأول. وتجدر الإشارة إلى أن القلعة تستخدم بين حين وآخر لتنظيم الفعاليات المجتمعية المختلفة، خاصة وأنها تقدم تجربة متنوعة يمتزج فيها التاريخ مع إبداع الهندسة وسكون المحيط. وتنظيم الفعاليات في القلعة من شأنه أن يغرس بذورا من التواصل بين المكان وزواره، وبين أفراد العائلة الواحدة الذين سيرتبطون بذكريات جميلة مع المكان وفعالياته الأجمل، بعد استمتاعهم بالمناشط العديدة التي ترضي جميع الأذواق الثقافية أو الفنية أو التراثية. ترميم القلعة تم تسليم القلعة في وقت لاحق إلى مديرية العين للآثار والمتاحف التي أجرت عليها أعمال ترميم خلال منتصف ثمانينات القرن الماضي من أجل إعادة القلعة إلى وضعها الأصلي. ومن أجل المحافظة على الأهمية التاريخية لها كما خضعت القلعة لمرحلة أخرى من الترميم الشامل بين العام 2007 و2008، وذلك بإشراف هيئة أبوظبي للثقافة والتراث. وكان متحف شيكاغو الأثيني للعمارة والتصميم والمركز الأوروبي لفنون التصاميم المعمارية والدراسات الحضرية اختار قلعة الجاهلي لجائزة العمارة الدولية، ضمن أفضل الإنجازات المعمارية الحديثة لعام 2010. الجاهلي تحتضن معرضا للرحالة ويلفريد ثيسجر خُصِّص في قلعة الجاهلي معرض لـ ويلفريد ثيسجر المستكشف والرحالة الإنجليزي، ويضم المعرض صورا بالأبيض والأسود التقطها ثيسجر خلال رحلاته. وأقام الرحالة الانجليزي في مدينة العين واستضافه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عدة مرات خلال أربعينات القرن الماضي. وللعلم فإن الرحالة الانجليزي عبر مرتين صحراء الربع الخالي في الأربعينات، حيث عرف منطقة العين، وتمتع بالصيد والاستكشاف عند سفوح جبل حفيت.
مشاركة :