مشروعات التقسيم من جنوب السودان إلى اسكتلندا - أيمـن الـحـمـاد

  • 8/15/2015
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

الجسد العربي ملقى على طاولة المشرحة وأفكار تقسيمه واردة منذ سايكس بيكو وإلى يومنا هذا، إذ لم تزل مراكز الأبحاث الغربية أو المسؤولين هناك يتحدثون عن إمكانية تقسيم الدول العربية، وتفكيكها لدويلات إما على قاعدة اثنية أو مذهبية أو دينية ويسوقون الحجج لتبرير هذا الطرح. وعندما يتحدث قائد الجيش الأميركي الجنرال ريموند أوديرنو عن تقسيم العراق فإنه يدفع بحجة استحالة المصالحة الطائفية بين مكونات الشعب العراقي، وفي واقع الأمر أن ما حدث في العراق خلال الفترة الماضية أسهم بلا شك في خلق حالة ارتباك في العلاقة بين أبناء الشعب بعضهم ببعض، لكن يجب ألا ننسى أن تلك المكونات تعايشت وتماهت في بوتقة واحدة لقرون مضت، ولم يعكر صفوها سوى التدخلات الأجنبية وكان آخرها غزو العراق 2003 وما تبعه من التدخلات الإيرانية الواضحة. نجزم أن مشروعات التقسيم والتفتيت تخبئ خلفها مطامع السيطرة والتوسع بعيداً عن مصالح الشعوب أو استقرارها، وإن دفع بعض السياسيين من أهل البلد إلى التقسيم، فإن من الضروري أن نعلم بأن لا خلاص من المشكلات فالاستعمار خلف وراءه مشكلات حدودية بين الدول القائمة لم تنته إلى يومنا هذا، ولم يجلب التقسيم في العصر الحديث أي ميزات للدول التي ذهبت إلى اختياره بل إن خيارات التقسيم التي نجحت في العصر الحالي جرت في لحظة صراع وتخلف كما حدث في جنوب السودان الذي قد ينزلق في حرب أهلية قبلية أو تيمور الشرقية التي يكفي أن نعرف بأن نصف سكانها أميّون، لكنه فشل عندما جرى في الدول المستقرة المتقدمة تنموياً وتقنياً على سبيل المثال اسكتلندا التي جرى فيها استفتاء للانفصال خلال العام الماضي عن بريطانيا العظمى وتم رفضه من قبل الاسكتلنديين خشية أن يؤدي ذلك لضعفهم عسكرياً واقتصادياً، وهذا يكشف لنا انعكاس الوعي والاستقرار وعلاقته برجاحة القرار وصحته. في العالم بؤر ساخنة ومناطق توتر في أفريقيا حيث تستوطن النزاعات في أفريقيا الوسطى ونيجيريا وأنغولا وغيرها، وفي آسيا حيث سريلانكا والفلبين وأفغانستان الدولة ذات المساحة الهائلة وتاريخ النزاع والفوضى الطويلين، هذه النماذج تتنوع فيها الاثنيات والأعراق والثقافات والديانات، ولكن ظروف تقسيمها لا تبدو مجدية أو بالأصح تقسيمها لن يجلب فائدة أو مصلحة، وبالتالي فإن بقاءها على هذا النحو مجدٍ وذو مصلحة أكثر من تفتيتها وخسارتها كأداة "جيوسياسية" في لعبة النفوذ. لن يكون الطرح الأميركي هو الأخير بل سنطالع غيره يفدُ إلينا من أوروبا أو ربما نسمعه من سياسيين ينتسبون إلى المنطقة كلما ازدادت منطقتنا توتراً وجهلاً. هذا الطرح الذي يقدمه الغرب ويسوّقه للمنطقة العربية باعتباره طوق نجاتها هو في واقع الأمر طريقها للضعف والانكفاء والانحسار.

مشاركة :