بالقدر الذي حققت فيه بعض "الفيديوهات" المنشورة عبر "YouTube" وتناولت مظاهر خلل أو قصور أو تجاوز في لغة الخطاب مع الناس نتائج إيجابية يرد في مقدمتها ارتفاع درجة الإحساس بالمسؤولية في القطاعات الحكومية والخدمية منها على وجه التحديد.. واختفاء لغة التخاطب الفض بين المواطن والمسؤول.. •• أقول.. بالقدر الذي حققت تلك التسجيلات الحية أهدافاً مفيدة.. بالقدر الذي أوجدت فيه حالتين غير مسبوقتين هما: الارتباك الواضح في الكثير من الأجهزة الحكومية وشيوع حالة عدم الطمأنينة والرضا بين العاملين من جراء تسريب مثل هذه التسجيلات ونشرها والتوسع فيها.. بالرغم من أن بعضها يعكس روح الانتقام والتشفي وربما الصلف ممن يعدونها ويقومون بنشرها. •• أما الحالة الثانية فإنها تتمثل في التمكين لثقافة التهديد لسبب أو لغير سبب من قبل المراجعين لأجهزة الدولة أو حتى لمؤسسات القطاع الخاص.. •• وأخشى ما أخشاه أن تكون النتيجة النهائية لقرارات الوزراء وكبار المسؤولين تجاه كبار الموظفين وصغارهم هي الهرب من تحمل المسؤولية خشية "الإقالة" أو "الإعفاء" أو المحاسبة المتأخرة.. بكل ما قد يترتب عليها من آثار معنوية جسيمة.. •• والحقيقة ان الوضع دقيق وحساس.. •• في الوقت الذي يجب أن نمضي في محاربة الفساد وسوء الإدارة.. والإهمال.. والقصور.. وعدم المبالاة لأنها عاهات ضارة بمصالح الناس وحقوقهم.. فإننا لا يجب أن نشجع سلوك "الصلف" و "التطاول" وعدم الاحترام للوظيفة الحكومية.. باعتبار أن الموظف في أي موقع هو رمز السلطة.. وأن تخطي حدود اللباقة في التعامل معه من شأنه أن يسقط هيبة الوظيفة العامة.. إلا أن يكون هناك خلل أو خطأ أو تجاوز جسيم لا يمكن.. ولا يجب السكوت عليه.. •• وما أراه هو.. أن تدرس هذه الظاهرة بشكل جدي وأن توضع قواعد ملزمة للجميع.. للمسؤول في موقع السلطة الذي يتخذ القرار.. وللمخطئ في عمله أو المقصر في أداء أمانته.. وكذلك للسلوك التعسفي.. أو العدواني الذي يمارسه بعض من استهوتهم لعبة التصوير والنشر لتلك الفيديوهات عبر "اليوتيوب" حتى يكون الجميع تحت طائلة القانون.. ولا يصدر قرار إلا بعد التثبت من الوقائع والأدلة وحصول الاقتناع بضرورة التغيير والإبدال والإحلال توخياً للإصلاح المثمر والبناء. •• وبصورة أكثر تحديداً. •• فإن الوضع بصورته الراهنة قابل للاستغلال من قبل أصحاب النفوس الضعيفة.. ومشجع على تصفية الحسابات.. وهو ما لا يجب أن نسمح باستمراره.. لأن الهدف الذي أرادت الدولة تحقيقه من وراء التجاوب مع تلك التسجيلات المصورة نبيل.. ومفيد.. وهو تطهير الإدارات من كل مظاهر الفساد.. والإهمال.. والتراخي.. •• وحتى تتحقق هذه الغاية السامية.. فإن تنظيم العملية وتقنينها أصبح ضرورة ملحة حتى لا نخرج بها عن سياقها الطبيعي.. والمطلوب. *** ضمير مستتر: •• (الإصلاح وإن كان مطلوباً.. إلا أنه لا يعني بثّ سياسة الانتقام والتشفي بين الناس).
مشاركة :