قالت المفوضية الأوروبية ببروكسل، إن العالم يواجه في الوقت الحالي أسوأ أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية، وجاء ذلك أثناء طرح المفوضية، للخطوات التي تقوم بها حاليا لدعم اليونان، في التعامل مع أزمة الهجرة، إلى جانب دعم دول أعضاء أخرى تواجه الأمر نفسه، وذلك في إطار جدول الأعمال الأوروبي للتعامل مع ملف الهجرة. وجاء ذلك في مؤتمر صحافي عقده، أمس (الجمعة)، بمقر المفوضية، ديمتري افراموبولوس المفوض الأوروبي لشؤون الهجرة، وخلاله دعا أوروبا، التي تشهد بعض دولها تدفقا هائلا من المهاجرين غير الشرعيين، إلى استقبالهم بشكل «حضاري» و«لائق». وأضاف المسؤول الأوروبي، أن أوروبا قائمة على مبدأ «التضامن مع من يحتاج إلى ذلك. وما يتعين علينا فعله هو تنظيم الأوضاع لمواجهة هذه المشكلة بطريقة (لائقة حضارية وأوروبية)»، مشيرا إلى «الوضع الطارئ في اليونان وكذلك في إيطاليا والمجر». وجاءت تصريحات افراموبولوس بعد يوم واحد من زيارته لليونان، وأشار في مباحثاته مع السلطات اليونانية، إلى تعقد المشكلة، وقال: «الوضع في اليونان أصبح غير محتمل فقد تدفق على بعض الجزر في هذا البلد 50 ألف طالب لجوء ومهاجر خلال شهر يوليو الماضي وحده»، واعتبر أن السلطات اليونانية تتعامل بشكل جيد مع مشكلة تدفق المهاجرين، مشيرًا إلى أن الوضع في جزيرة كوس يتحسن وهو تحت السيطرة، ورأى أنه «يجب أن نتعامل مع اللاجئين بشكل لائق بما يتناسب مع قيمنا، وهذا ينسحب على اليونان وغيرها من الدول التي تتعرض لهذه المشكلة»، وأكد أنه توافق مع السلطات اليونانية على برنامج عمل لإدارة مشكلة اللاجئين، مشيرًا إلى أن المفوضية ستحرر مساعدات مالية عاجلة تصل إلى 2.72 مليون يورو لتحسين إمكانيات استقبال المهاجرين. وأشار المفوض إلى أن اليونان ستقوم بتفعيل آلية الحماية المدنية، و«نحن سنتدخل حينها عبر توفير خبرات وأدوات وفرق عمل للتعامل مع اللاجئين وتسجيلهم»، حسب قوله. ودافع المفوض الأوروبي، وهو يوناني الجنسية أيضًا، عن موقف اليونان، مشيرًا إلى أن أثينا تتحمل تبعات مشكلة أوروبية عامة، وتبذل قصارى جهدها للتعامل مع مشكلة أوروبية. وناشد المسؤول الأوروبي الدول الأعضاء الوفاء بتعهداتها لجهة ضخ مزيد من الإمكانيات في عمليات وكالة حرس الحدود الأوروبية فرونتكس، والعمليات المتفرعة عنها، مثل بوسيدون وتريتون. ورأى أنه يتعين على الدول الأعضاء أن تظهر «قدرًا أكبر من التعاون» في مجال إعادة توزيع 16 ألف طالب لجوء على باقي الدول لتخفيف العبء عن اليونان. وتطرق المفوض إلى ضرورة التعامل مع دول الجوار، خصوصا تركيا، بما أن بحر إيجه يشهد حاليًا تدفقًا للمهاجرين بين السواحل التركية واليونانية، معلنا أنه سيزور أنقرة لهذا الغرض. أما بشأن موعد زيارته لتركيا، فقد أكد المسؤول الأوروبي أن الأمر يتعلق بالوضع الداخلي التركي «خاصة أن هذا البلد يجتاز مرحلة سياسية صعبة، وسأقوم بالزيارة حينما ينتهي ذلك، وقد يكون خلال الشهر المقبل»، على حد قوله. ولم يفت المفوض مطالبة أنقرة بذل مزيد من الجهد من أجل ضبط حركة اللاجئين على أراضيها قبل وصولهم إلى شواطئ بحر إيجه، تمهيدًا لعبورهم بشكل غير شرعي لليونان. وأكد المفوض الأوروبي أن تحركاته لن تقتصر فقط على تركيا واليونان، فهو يعتزم القيام بزيارة إلى ميناء كالييه (شمال فرنسا)، حيث توجد أزمة من نوع آخر تتمثل في رغبة اللاجئين الموجودين في فرنسا التوجه إلى إنجلترا عبر نفق المانش. وقال إنه ينتظر من السلطات الفرنسية والبريطانية طلبات مساعدة إضافية لترى المفوضية ما يمكن أن تقدمه في هذا الاتجاه. وردًا على سؤال حول قيام المجر ببناء جدار عازل على حدودها، وقيام السلطات البريطانية أيضًا بإقامة حواجز، أكد أفراموبولوس، أن أي عمل أوروبي على معالجة مسألة ضبط الحدود يجب أن يتناسق مع القيم والقوانين الدولية، فـ«نحن هنا لهدم الجدران وليس لإقامة المزيد منها». وقبل أيام قليلة قالت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية، إن بروكسل تراقب الوضع عن كثب وتحرص على العمل من أجل احترام كل القوانين الأوروبية النافذة بهذا الشأن. وأضافت ناتاشا برتود أن المفوضية، وافقت خلال الشهر الحالي على 23 من البرامج الوطنية متعددة السنوات للتعامل مع ملف الهجرة واللجوء، وبقيمة إجمالية تصل إلى 2.4 مليار يورو، وذلك في إطار عمل صندوق التكامل من أجل الهجرة واللجوء، وصندوق الأمن الداخلي. وإن هذه المبالغ أصبحت الآن جاهزة لتوزيعها على الدول الأعضاء، وخصوصا تلك التي تعتبر في خطوط المواجهة الأمامية مثل اليونان وإيطاليا، كما تستفيد منها دول أخرى أعضاء في الاتحاد تتعامل مع تدفقات الهجرة المتزايد. في غضون ذلك، ذكرت المنظمة الدولية للهجرة أمس أن نحو 239 ألف شخص فروا من الصراعات والفقر عبروا البحر المتوسط إلى أوروبا حتى الآن هذا العام، وأضافت منظمة الإغاثة ومقرها جنيف أن عدد الوافدين في جنوب أوروبا تجاوز الآن إجمالي عددهم العام الماضي وهو 219 ألف شخص. وكانت أغلبية كبيرة من المهاجرين قد وصلت إلى اليونان وإيطاليا، بينما شهدت إسبانيا ومالطة فقط أعدادا صغيرة من المهاجرين منذ يناير (كانون الثاني) الماضي. وزاد تدفق المهاجرين إلى اليونان بشكل كبير خلال الأشهر الماضية، مما أثار أزمة إنسانية في الجزر التي بها أغلبية يونانية. من جهة أخرى، وصلت سفينة نقل أرسلتها الحكومة اليونانية لتسريع إجراءات التسجيل الإدارية لآلاف اللاجئين السوريين إلى جزيرة كوس بعد ظهر أمس (الجمعة)، وفق ما نقله صحافيون من وكالة الصحافة الفرنسية. ومن المفترض أن تبقى السفينة «اليفثيريوس فينيزيلوس» 15 يوما في كوس، وفق ما قال زكارولا تسيريغوتي، رئيس القسم المعني بإدارة شؤون الأجانب في الشرطة اليونانية، لوكالة الصحافة الفرنسية. ولن تستقبل هذه السفينة التي تتسع لـ2500 شخص المهاجرين بل ستخصص لإدارة الهجرة لتسجيل اللاجئين السوريين وإجراء المقابلات معهم، وفق تسيريغوتي. وبحسب قوله، فإن المهاجرين من جنسيات أخرى، من أفغان وعراقيين وإريتريين وصوماليين، وهم «مهاجرون» وليسوا «لاجئين»، سيواصلون القيام بالإجراءات الإدارية الخاصة بهم عبر مركز الشرطة المحلية. وقررت الحكومة اليونانية إرسال هذه السفينة بعد سلسلة حوادث بين شرطيين ومهاجرين وصل عددهم إلى سبعة آلاف بداية الأسبوع، بسبب بطء إجراءات التسجيل أمام تدفق المهاجرين. وأدى غياب هيكلية واضحة لاستقبال اللاجئين وإيوائهم في كوس إلى ظهور حالة من الفوضى خلال الأسابيع الماضية. وقال كونستانس تيسن من منظمة أطباء بلا حدود وكالة الصحافة الفرنسية: «ما نريده هو حل طويل الأمد يتعلق بإقامة مركز استقبال. إذا كانت السفينة هنا للبقاء، فهذا جيد، وإنما إذا كان بقاؤها مؤقتا فهذا سخيف». أما قوات الشرطة وخفر السواحل في جزر الدوديكانيز الواقعة في جنوب شرقي بحر إيجه وتشمل جزيرة كوس، فأعربت في بيان عن قلقها إزاء وصول هذه السفينة وطالبت بـ«الإجلاء الفوري للمهاجرين والسفينة من جزيرة كوس إلى مناطق أخرى منظمة ومفتوحة على البر اليوناني».
مشاركة :