أحمد اليمني يكتب: النظرية النسبية تثبت إمكانية إعادة المادة

  • 11/14/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

إن المتأمل فى الوجود يجد أن خلق السماوات والأرض وما بينهما أكبر بكثير من خلق الناس،  وذلك لتعلم العقول أن القادر على هذا الخلق قادر أن يُعيد الإنسان مرة أخرى كما بدأه، وعلينا أن نُدرك أن الإعادة لن تكون مطابقة للبدء فى كل تلك الأطوار، فإن الحياة الثانية تعود بغير ما بدئت الحياة الأولى من كيفيات وخصائص. ووجه الشبة فى الإعادة محصور فى معنى إعادة الحياة للإنسان مرةً ثانية بكامل ما كان عليه فى الحياة الأولى، بما لا يعلم كيفيته إلا الله سبحانه وتعالى. والعقل يحكم أن الذى خلق إنسانًا من الطين، وجعل نسله من سلالة من ماء مهين، قادرٌ على أن يُعيده بما شاء وكيف شاء، أو أن يأتى بخلق مثله أو غيره - إن أراد سبحانه ذلك ، أى أن الذى حدث فى النشأة الأولى وما قد علمناه منها بالتعلم هو الذى سيحدث فى النشأة الآخرة، فالذى أنشأ النشأة الأولى التى قد عايناها هو وحده القادر على إنشاء النشأة الآخرة.وقد شاء الله عز وجل أن يُمكن أُناسًا من خارج الدين أن يُصوروا كيفية إعادة المادة معمليًا بعد أن تتحول إلى طاقة، وأن لا يكون الأمر مقتصرًا على معادلات رياضية فقط، بل يتعدى الأمر ذلك بأن نرى تحويل المادة بأعيينًا فى معادلة المادة والطاقة الشهيرة لآينشتاين، والتى كان نتاجها القنبلة الذرية.E = m c²فالمعادلة بمنتهى البساطة هى طرفان يساوى كلا منهما الآخر، الطرف الأيمن يمثل المادة، والطرف الأيسر يمثل الطاقة، وعليه فإنه يمكن تحويل أيا منهما للآخر، وإذا تحررت الطاقة من المادة فإنها لا تفنى، فقط تتحول من صورة إلى أخرى، وهنا يجب علينا أن نفرق بين عملية احتراق للفحم أو او المواد البترولية على سبيل المثال وعملية التفاعلات النووية التى تُفقد المادة ترابطها من الأساس، فعملية احتراق الفحم هى عملية كيميائية تُغير فى ترتيب الجزيئات ولا تفقدنا شيئًا منها، فالذى يحصل هو اتحاد الاكسجين بالمادة المشتعلة فينتج عن هذا انطلاق طاقة فى شكل حرارة، لكننا فى الواقع لم نفقد شيئا من كتلة أحداهما، فلو جرت تلك العلملية فى اناء مغلق على ميزان لما تغير الوزن قبل وبعد الاحتراق. أما فى التفاعلات النووية فتتحول المادة إلى طاقة فتتحر طاقة الترابط داخل الذرة إلى طاقة نووية هائلة، وهذا هو المعنى من تحول المادة من صورة إلى أخرى.وهذا يُثبت أنه لا شيء يذهب للعدم إلا ما شاء الله عز وجل، ولذلك إذا ما حاول أحد أن يفر من كينونته متصورًا أنه ذهب إلى العدم فهو واهم، إذ أنه سيذهب من صورة إلى أخرى- أى من كينونة إلى أخرى - وأيا كان مكان الصورة المتَحوِّلة أو المُتحوَّلة، فالكل واقع فى مُلك الله عز وجل ، والله سبحانه وتعالى هو القادر على أن يأتى بنا جميعا أينما نكون، ففى الماضى كان يُضرب المثل لإحاطة الله عز وجل بالمخلوقات بقولهم "نفر من قدر الله إلى قدر الله" أما الآن وبمفهوم النسبية، "نفر من صورة إلى صورة" أو "نفر من كينونة إلى كينونة أخرى"، والجميع فى كون الله جَل وعَلَّى. ومن ثَمّ إذا تناولنا موضوع البعث بعد الموت من وجهة نظر علمية بحتة، وبالتحديد من وجهة نظر "فيزيائية"، فهل هذا جائز الحدوث أم أن قوانين الفيزياء تتعارض مع قضية البعث بعد الموت؟وبالتأمل فى ميكانيكا البعث نجد أن البعث هو إعادة خلق الجسد مرة أخرى، والجسد لا يُمثل إلا الوعاء الآدمى الذى استقبل النفس فى "الحياة الأولى"، غير أن المُعول عليه فى الذات الإنسانية هو النفس وما حوت من مكنون، والوعاء الآدمى هذا إذا ما قارناه بماهية النفس والروح لتضائل، فالجسد فقط هو الذى يُعاد إنشاؤه، أما النفس والروح فهما باقيتان. وقد ورد في الكتاب المقدس على لسان عيسى عليه وعلى نبينا أفضل وأزكى السلام :  " الروح هو الذي يحيي أما الجسد فلا يفيد شيئًا، الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة "( )  ، لقد قَصُرَ فهم المنكرين للإيمان على مر العصور على ذلك الوعاء الفانى -أى الجسد الأدمى-  كان هذا هو جُل أمر التكذيب للرسل والأنبياء. ويا لِبُّؤس التفكير وقصوره!

مشاركة :