الكرات الرأسية تضع محترفي الساحرة المستديرة أمام مصير مرعب

  • 11/15/2020
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

نجما كرة القدم المشهوران بوبي تشارلتون وغيرد مولر مثالان على محترفي كرة القدم السابقين الذين عانوا من الخرف في الشيخوخة. مصيرهم يؤجج النقاش حول احتمال وجود خطر محدق باللاعبين بسبب الكرات الرأسية. فماذا يقول المختصون؟ أبطال كأس العالم لكرة القدم عام 1966.. خمسة منهم عانوا من الخرف في الشيخوخة ما يزال الكثير من محبي كرة القدم يرون في بوبي تشارلتون كأفضل لاعبي كرة القدم في إنجلترا على الإطلاق. وفي تصريح صادم أعلنت زوجته نورما مؤخراً أن زوجها البالغ من العمر 83 عاماً مصاب  بالخرف. ويبدو الأمر كما لو أن هناك لعنة تطارد لاعبي المنتخب الإنجليزي المتوج بكأس العالم عام 1966، ففي العامين الماضيين توفي أربعة من "أبطال ويمبلي" الأحد عشر إثر حالة مرضية شديدة وهم: راي ويلسون، ومارتن بيترز، وشقيق بوبي تشارلتون، جاك ومؤخراً في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول، نوبي ستايلز. في هذا السياق يقول الباحث في جامعة غلاسكو ويليام ستيوارت في حوار مع DW: "هذه ليست مصادفة"، مضيفاً بالقول: "من المؤكد أن الأمر ينطوي على الخطر المتزايد للأمراض التنكسية العصبية في كرة القدم الاحترافية." قبل عام، قام الباحث من جامعة غلاسكو وفريقه بتقييم أسباب وفاة أكثر من 7500 لاعب كرة قدم اسكتلندي سابق. وكانت نتيجة الدراسة: خطر وفاة لاعبي كرة القدم المحترفين جراء  مرض الزهايمر  أو باركنسون أو غيرهما من أنواع الخرف أعلى بثلاث مرات ونصف من المعدل الطبيعي. "قتلهالعمل" بدورها تشعر داون أستل بمعاناة عائلة بوبي تشارلتون، وتقول: "ليس من السهل نشر مثل هذه الأمور الخاصة"، مضيفة: "إنه زوج، أب وجد، يعاني من هذا المرض الوحشي. ولكن عندما تتحدث عائلات هذا الفريق البارز عن ذلك علناً، فإنهم يمنحون للنقاش زخماً إضافياً". وكان والد داون، جيف أستل، محترفاً هو الآخر في نادي ويست بروميتش ألبيون الإنجليزي، وكان مشهوراً بضربات الرأس. في عام 2002 توفي أستل بعد إصابته بالخرف الشديد عن عمر ناهز 59 عاماً، بسبب اعتلال الدماغ الرضحي المزمن CTE، المعروف أيضاً بـ "متلازمة الملاكمين"، كما أكتشف الأطباء بعد تشريح جثة لاعب كرة القدم المحترف السابق. بوابة جيف أستل تذكر بمهاجم وست بروميتش ألبيون السابق عن ذلك تقول داون أستل: "وصف الطبيب الشرعي مدى الضرر الذي لحق بدماغ والدي، بدا وكأنه دماغ ملاكم. السبب الأكثر احتمالاً لهذه الصدمة هو لعبة كرة الرأس المتكررة". وتضيف أستل قائلة: "جاء في تقرير الطبيب الشرعي: مرض مهني. بعبارة أخرى، كانت وظيفة والدي هي التي قتله". وتكشف داون أستل أنه في ذلك الوقت تم السكوت عن الأمر. لكنها ظلت لسنوات طويلة تقاتل مع مؤسستها الخيرية "جيف أستل" للتأكيد على ضرورة أخذ اتحادات كرة القدم موضوع  إصابة لاعبي كرة القدم المحترفين بالخرف  على محمل الجد والقيام باللازم. من بوشكاش إلى مولر تقول أستل: "الآن أصبحت الأمور واضحة، فاليوم نعلم أن هناك مخاطر كبيرة على لاعبي كرة القدم. يجب أن تستجيب المسؤولون الآن". حظر اتحاد كرة القدم الإنجليزي لكرة القدم التدريب على الكرات الرأسية في فرق الأطفال حتى أقل من 12 عاماً في نهاية فبراير/ شباط ، وتبعه الاتحادان الاسكتلندي والأيرلندي الشمالي. لكن عالم الأمراض العصبية ويليام ستيوارت من جامعة غلاسكو يعلق غاضباً أن أكثر من 200 اتحاد لرياضة كرة القدم حول العالم، لم تأخذ قراراً مشابهاً، "حتى الآن، لا يبدو أن هذه القضية العالمية قد تخطت حدود بريطانيا". ليس فقط في إنجلترا، ولكن في جميع أنحاء العالم هناك حالات عديدة لإصابة نجوم كرة قدم سابقين بالخرف. النجم العالمي المجري فيرينك بوشكاش الذي توفي عام 2006 ، كان يعاني من مرض الزهايمر. كما تم تشخيص هيلديرالدو بيليني، قائد منتخب البرازيل عام 1958، بعد وفاته عام 2014 بأنه مصاب بمرض الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن. حاله في ذلك حال جيف أستل. توفي خوسيه لويس براون الذي سجل هدفه التاريخي في مرمى هولنداً مانحاً الأرجنتين لقب كأس العالم عام 1978، بسبب مرض الزهايمر في عام 2019 عن عمر يناهز 62 عاماً. سجل الأسطورة الألماني غيرد مولرهدف الفوز 2-1 في نهائي كأس العالم 1974 ضد هولندا عانى جويو بينيتو، المدافع الأسطوري لنادي ريال مدريد الإسباني، من نفس المرض قبل أن يتوفى جراء إصابته بفيروس كورونا في أبريل/ نيسان الماضي عن عمر يناهز 73 عاماً. أما في ألمانيا، فهناك حالات خرف بارزة بين المحترفين السابقين مثل بطلي العالم عام 1974، غيرد مولر وهورست-ديتر هوتغيس اللذان يتم الاعتناء بهم في دور رعاية المسنين. إضافة إلى هيلموت هالر: صاحب الهدف الأول في نهائي كأس العالم  1966 في ويمبلي، إذ توفي عام 2012 بعد معاناة كبيرة من مرض باركنسون والخرف الشديد. تغير بنية الدماغ يرفض الاتحاد الألماني لكرة القدم حتى الآن فرض حظر التدريب على كرة الرأس والاقتداء بالنموذج الإنجليزي. وينصح بالتدريب الموجه لهذا الغرض فقط للشباب اعتباراً من سن 13عاماً، وفق الاتحاد. إضافة إلى ذلك، ما تزال البيانات العلمية بهذا الشأن، قليلة للغاية. "لا يوجد حتى الآن أي دليل على أن الكرات الرأسية المكثفة تؤدي تلقائياً إلى الإصابة بالاعتلال الدماغي الرضحي المزمن والخرف"، كما يذكر إنغو هايملت الذي يتعامل كخبير رياضي في معهد الرياضة الألماني بجامعة كولونيا مع حالات الارتجاج المرتبطة بالرياضة. ويضيف الخبير الألماني بالقول: "ولكن كلما زادت الدراسات التي تؤكد على وجود علاقة، أصبح الوضع أكثر مأساوية". إنغا كورت، الأستاذة في جامعة لودفيغ ماكسيميليان بميونيخ، تقول بدورها في حوار مع DW: "لقد ثبت أن الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 12 عاماً بالكاد يلعبون الكرات الرأسية، بينما يؤديها المراهقون بكثرة. وفي دراساتنا وجدنا أدلة على حدوث تغيرات في بنية الدماغ ووظيفته لدى المراهقين". ووفقاً لكورت، تجري حالياً دراسة أوروبية واسعة النطاق تضم حوالي 130 شاباً ومن المتوقع أن تظهر النتائج في الأشهر المقبلة. ما خطورة الكرات الرأسية في رياضة كرة القدم؟ درست العالمة الألمانية تأثيرات ضربات الرأس على الدماغ لسنوات ووجدت أن المادة البيضاء في الدماغ قد تغيرت أكثر لدى لاعبي كرة القدم المحترفين الذين يلعبون كرات رأسية غالباً أكثر من غيرهم. وتتكون المادة البيضاء بشكل أساسي من خطوط عصبية تنقل  الإشارات بين خلايا الدماغ. غير أنه لا يمكن تقديم بيان حول زيادة خطر الإصابة بالخرف بين المحترفين في سن الشيخوخة على أساس دراساتهم، كما تقول كورت. تقنية ضربة النينجا السحرية البحث في هذا الموضوع ما يزال في بدايته، كما يقول إنغو هايملت، ويضيف: "من الصعب تحديد عدد الكرات الرأسية التي تؤدي إلى الافتراض بأنها ستصيب اللاعب بالخرف مستقبلاً". ويوضح الخبير الألماني بالقول: "لا يوجد خط أحمر واضح حتى الآن. مثل هذه الأرقام ستكون ضرورية". ولا يرى هايملت في حظر تدريب صغار لاعبين كرة القدم على الكرات الرأسية علاجاً سحرياً، ويضيف: "في الوقت الراهن أنصح بعدم الترويج للضربات الرأسية بطريقة ممنهجة. ومن ناحية أخرى، أرى خطراً في أن تؤدي ضربة رأسية نُفذت بشكل سيئ دون تدريب مناسب إلى الأذى أيضاً. لذا فإن السؤال الذي يطرح نفسه: ألا يؤدي عدم التدريب على الكرات الرأسية إلى تأثيرات سلبية أخرى؟". بوبي تشارلتون مع زوجته نورما في بطولة ويمبلدون للتنس 2018 بدوره يقول فيليام ستيوارت إن هذا لا ينطبق على المحترفين، إذ يجد أن حظر التدريب على الكرات الرأسية هو "اقتراح أكثر حكمة لتقليل الضربات غير الضرورية للدماغ. كذلك من الفرضية الخيالية القائلة بأن هناك تقنية تسمى ضربة النينجا السحرية، التي لم تُفك شفرتها بعد، ولكن في طريق اكتشافها". كما تطالب داون أستل وزملاؤها من "جمعية جيف أستل الخيرية" بتقليل هذا النوع من التدريبات في مرحلة البلوغ أيضاً. على المرء أن يتعلم من مصير أبطال العالم أمثال بوبي تشارلتون، حيث تقول: "يظل الفريق الإنجليزي منذ عام 1966 هو الأفضل في كرة القدم البريطانية، وهو أعظم فريق على الإطلاق. إصابة خمسة لاعبين بالخرف. أخشى أن ترتفع أعداد المصابين مستقبلاً في بقية فرق القدم بجميع أنحاء البلاد". شتيفان نستلر/ إ.م

مشاركة :