رحبت الجماهير والمسؤولون في الخرطوم بقيادات الحركات المسلحة السودانية التي وقعت «اتفاق جوبا» للسلام مع الحكومة السودانية في الثالث من الشهر الماضي، في استقبال حاشد، أمس، بمطار الخرطوم، قبل إقامة احتفال كبير بالأغاني والأهازيج في ساحة الحرية بالعاصمة، تزامن مع احتفالات مماثلة في الولايات السودانية. وتعهد القادة العائدون إلى السودان بعد سنوات من الحرب والقتال، وعام من المفاوضات، بالعمل مع كل الأطراف من أجل تطبيق اتفاق السلام على أرض الواقع، وتحويل بنوده لصالح كل أبناء الشعب السوداني. وفي المقابل تعهد المسؤولون الحكوميون الذين استقبلوهم بالعمل معهم بجدية من أجل تحقيق شراكة تعبر بالسودان إلى بر الأمان. والتقى الفريق أول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني بقادة «الجبهة الثورية» أمس عقب وصولهم إلى الخرطوم، وبحث معهم سبل تطبيق اتفاق جوبا، وذلك تمهيدا لانخراطهم في هياكل السلطة الانتقالية. ورحب البرهان بقادة الجبهة الثورية السودانية بوصفهم شركاء وصنّاع السلام. وبدوره، رحب رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك بقادة الحركات المسلحة، الذين استقبلهم في مكتبه بالخرطوم عقب وصولهم، ووصف لقاءه بهم بأنه يشكل رمزية تاريخية، وأنه لا يجد كلمات يعبر بها عن مشاعره. وشدد حمدوك على ضرورة الحفاظ على وحدة السودان باعتبارها قضية ذات أهمية قصوى، وقال: إنه بدأت بالفعل أولى خطوات وضع حد لمعاناة النازحين واللاجئين، وأشار إلى أنه لأول مرة يتم التوصل لسلام يخاطب جذور المشكلات، مشيراً إلى أنهم يواجهون تحديات عديدة، تتمثل في المشكلات الاقتصادية وضرورة معالجتها ووضع حد لمعاناة الجماهير، ومجابهة جائحة كورونا، والعمل على بناء مؤسسات الدولة، وإتمام الفترة الانتقالية، وتحقيق غاياتها المرجوة. ووصف حمدوك الحدث في تغريدة على «تويتر» بأنه بداية جديدة لإغلاق صفحة الحروب في السودان، مضيفاً: «وصول رفاقنا وشركائنا إلى أرض الوطن العزيز هو تدشين حقيقي لعملية بناء السلام». وأضاف: «عودة الرفاق تعزز قاعدة التوافقات السياسية الاجتماعية الداعمة للاستقرار، وتطوير هذا الانتقال التاريخي ببلادنا وتدشين حقيقي لعملية بناء السلام، وبداية لإغلاق صفحة الحروب إلى الأبد»، مؤكداً أن السلام أمانة يجب أن يحملها الجميع. ومن جانبه غالب الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) نائب رئيس مجلس السيادة دموعه، وهو يرد على الجماهير التي هتفت مقاطعة كلمة إبراهيم الشيخ ممثل قوى الحرية والتغيير في ساحة الحرية خلال الاحتفال بوصول قيادات السلام. وقال حميدتي: «الظلم ظلمات، والظلم مر، ولا نريدكم أن تظلموا الآخرين، وإبراهيم الشيخ هو من الجناح المعتدل في قوى الحرية والتغيير، ومع السلام». ومن جانبه، تعهد إبراهيم الشيخ في كلمته ببناء سودان جديد تختفي فيه كل المظاهر السلبية، وكتابة تاريخ جديد، يودع فيه السودانيون الحرب، قائلاً: المحافظة على السلام هي التحدي الأعظم، وإن السلام ليس اتفاقاً يبرم، بل هو التزام دائم، ومسؤولية مشتركة، ومرحباً بصناع السلام ورفقاء النضال وشركاء الحكم. فيما أكد رئيس مفوضية السلام سليمان الدبيلو أن «اتفاق جوبا» عمل على تثبيت حقوق أهل الريف السوداني، إلى جانب الاعتماد على التنوع الإثني والثقافي. وأضاف أن وجود قادة الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام في الخرطوم له دلالات تاريخية كبيرة لتحمل العبء مع الحكومة الانتقالية وتأكيد التزام الحركات المسلحة بالمضي قدما في تنفيذ عملية السلام. ودعا الدبيلو الحكومة والحركات المسلحة لمد الأيادي للقائدين عبدالعزيز الحلو وعبدالواحد نور للانضمام إلى ركب السلام. أما مني أركو مناوي رئيس حركة تحرير السودان، فأكد خلال مؤتمر صحفي بالخرطوم أن الجبهة الثورية تعمل من أجل تطبيق اتفاق جوبا على أرض الواقع. وأما الوساطة الجنوبية، فعبر رئيسها توت قلواك عن سعادته بتحقيق السلام في السودان، مؤكداً أنه رغبة الشعب السوداني. وقال لدي استقبال الأطراف الموقعة على اتفاق جوبا: إن وصول عبد الواحد نور رئيس حركة تحرير السودان، التي لم توقع بعد على اتفاق السلام إلى أوغندا، بعد فترة من إقامته في باريس يمثل خطوة إلى الأمام تجاه العملية السلمية في السودان.
مشاركة :