السعودية تستضيف قمة العشرين مرسّخة مكانتها عالميًا

  • 11/17/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تثبت قدرة السعودية على التعاطي مع تحديات العصر بروح المسؤولية، وتوثّق للتاريخ البعد الإنساني لقادتها   في الفترة من 21 نوفمبر إلى 22 نوفمبر الجاري تستضيف الرياض القمة الخامسة عشر لمجموعة العشرين أو ما يطلق عليها اختصارًا G20. وهذا، بلا شك، حدث غير مسبوق في تاريخ المملكة العربية السعودية والبلاد العربية. إذ لم يسبق لأي بلد عربي أن حظي باستضافة هذا التجمع العالمي الذي تتمثل فيه دول متقدمة وأخرى نامية تشكل في مجموعها حوالي 90 بالمئة من الناتج الاقتصادي العالمي وثلثي سكان كوكب الأرض وثلاثة أرباع حجم التجارة العالمية. والمعروف أن مجموعة العشرين تشكلت في واشنطن في سبتمبر من عام 1999 على هامش قمة مجموعة الثمانية بغرض تعزيز الاستقرار المالي الدولي وإيجاد فرص للحوار بين الدول الصناعية والبلدان الناشئة، لكن مسؤولياتها وأهدافها راحت تتضاعف مع المتغيرات الدولية الكثيرة والتحديات الكونية المتعاظمة، وغيرها من تلك التي فشلت المنظمات الدولية في التصدي لها بفعالية بسبب بيروقراطيّتها المنيعة ومناكفة أعضائها الكبار لبعضهم البعض. وبسبب تلك الأهداف والأغراض النبيلة، ولكي تكون المجموعة مختلفة، وديناميكية في قراراتها، وفعالة في تأثيراتها، فقد اقتصرت عضويتها على دول تملك مواصفات خاصة، ولها حضور فعّال على مستوى العالم في مختلف المجالات، وتملك تاريخًا ناصعًا من الاستقرار وعقلانية القرار والعمل الدؤوب من أجل السلام وخير البشرية جمعاء. ومن هنا لم يكن مستغربًا دعوة المملكة العربية السعودية للانضمام إلى المجموعة كأول بلد عربي ينال عضويتها إلى جانب الكبار المؤثرين في صناعة القرار على مستوى العالم. فالسعودية ليست فقط صاحبة ثقل اقتصادي ونفطي ودور مؤثر في منظمة الأوبك، وانما أيضًا صاحبة ثقل روحاني مستمد من خصوصيتها الدينية كقبلة لنحو ملياري مسلم، وصاحبة دور قيادي في محيطها العربي، ناهيك عن ثلاثة عوامل أخرى هي: سجلها الدبلوماسي الحافل بالمبادرات من أجل إشاعة السلام ونبذ الحروب والفتن، وسجلها الخيري الناصع لجهة مد يد العون للدول الأقل نموًا حول العالم ولضحايا الحروب العبثية، ومساهماتها المالية الدائمة في ميزانيات المنظمات الدولية والإقليمية.     انضمت السعودية إلى مجموعة العشرين عام 2008 أي في ذروة الأزمة المالية العالمية، وشاركت في قمتها الأولى بواشنطن وقمّتها الثانية في لندن عام 2009، ثم في كل قممها التالية وصولاً إلى قمة المجموعة السابقة التي استضافتها مدينة أوساكا اليابانية عام 2019، والتي تقرر فيها أن تكون القمة التالية في الرياض. ومنذ تلك اللحظة راحت السعودية تواصل الليل بالنهار كي تكون استضافتها للقمة الـ 15 للمجموعة نوعية ومتميزة ومحققة للغايات والطموحات المنشودة، وعلى رأسها تحقيق توافق عالمي للتصدي لتحديات المستقبل. ولئن فرض انتشار جائحة كورونا استضافة القمة بطريقة افتراضية بديلا عن الطريقة التقليدية ــ علاوة على ما فرضته الجائحة من مسؤوليات وتحديات إضافية لم تكن في وارد الحسبان ــ فإن ذلك لم يخفف من عزيمة الرياض على مواصلة جهودها في إعداد المطلوب منها كرئيسة للقمة، بل قامت في مارس الماضي بعقد قمة استثنائية افتراضية عاجلة لقادة المجموعة للتداول في كيفية مواجهة الجائحة وآثارها على الاقتصاد العالمي بصفة عامة واقتصاديات الدول الأقل تقدما بصفة خاصة.  في تلك القمة الاستثنائية للمجموعة أثمرت جهود الرياض مع شريكاتها في المجموعة عن التزامات بأكثر من 21 مليار دولار لدعم إنتاج اللقاحات والعلاجات المطلوبة وتوزيعها، وضخ أكثر من 11 تريليون دولار لحماية الاقتصاد العالمي المتضرر، وتوفير أكثر من 14 مليار دولار لتخفيف أعباء الديون عن الدول الفقيرة أو لتمويل انظمتها الصحية وبرامجها الاجتماعية. ولعل هذه الواقعة وحدها تثبت قدرة المملكة العربية السعودية على التعاطي الحاسم والفوري مع تحديات العصر بروح المسؤولية، وتوثق في الوقت نفسه للتاريخ البعد الإنساني لقادتها، ومدى تحملهم لمسؤولياتهم حيال البشرية في الأزمات والكوارث. إن انضمام السعودية لمجموعة العشرين، في المحصلة العامة، كان مكسبًا للأخيرة قبل أن يكون مكسبًا للمملكة. فالمملكة بقدراتها الاقتصادية ومكانتها الروحانية وثقلها الدبلوماسي والتنموي، تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، وفي ظل رؤية 2030 الهادفة إلى الانفتاح، ورفع معدل النمو الاقتصادي، وتخليص الاقتصاد الوطني من الاعتماد على النفط، قادرة على لعب دور ديناميكي فعال في الشؤون العالمية لا يقل عن دور اللاعبين الدوليين الكبار.  ومن الأمور اللافتة في قمة الرياض مشاركة دولة الإمارات العربية المتحدة لأول مرة بوصفها رئيسة للدورة الحالية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وكذلك مشاركة فيتنام بوصفها الرئيسة الحالية لمنظمة آسيان الجنوب شرق آسيوية. والأمر الآخر الملفت للنظر أن الرياض استبقت القمة بعقد نحو مائة اجتماع ومؤتمر على مستوى الوزراء والمسؤولين والممثلين، انبثق عنها 8 مجموعات خاصة هي: مجموعة الأعمال، مجموعة الشباب، مجموعة العمال، مجموعة الفكر، مجموعة المجتمع المدني، مجموعة المرأة، مجموعة العلوم، مجموعة المجتمع الحضري، إضافة إلى مجموعة لم تعتمد بعد رسميًا هي مجموعة «قادة اقتصاد الفضاء» التي وقفت خلف فكرتها السعودية.

مشاركة :