سعوديات في السوبر اللندني

  • 8/16/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

وحدث في المساءات الأوروبية حيث لم يكن هناك أياد خفية لتكبت مرحهم الصغير لحضور احتفال ما، أو ممارسة أبسط الحقوق البشرية أن ابتهج الكثير من السعوديين والسعوديات بحضور السوبر اللندني في عاصمة الضباب. حدث هذا في الوقت الذي بدت فيه لندن في هذه الفترة من العام وكأنها شارع التحلية في الرياض أو شارع الحمراء والشاطئ بجدة بفارق بسيط وهو غياب العباءة السوداء والعقال والشماغ وما يتبعهما من ثياب. ويصبح من مصادفات المرح الكبير لهذا الصيف أن أقيمت مباراة السوبر اللندني وبينما تقام المبارة في تلك الجهة من العالم على الجانب الآخر منه تقام معركة من نوع آخر هي الثورة على وجود عدد قليل من النساء في مدرجات الملعب اللندني. اعتبر هذا الحضور للنساء مسا بـ"المنظومة المقدسة" والمفروضة على المرأة في الداخل والتي من المفروض ألا تمس في الخارج، واعتبر الثائرون أن مخالفتها هو انتهاك لقداسة الدين والقيم، وأن على تلك المنظومة أن تكون سارية النفاذ عبر المحيطات والحدود على كل النساء اللواتي ينتمين إلى هنا. التحرر من التراكمات التي نسجت خيوطاً لعناكب سامة لا يمكن النفاذ منها طالما أن الفرد لم يتصالح مع نفسه؛ ليتحرر من جميع العوائق النفسية، ولم يدرك التعامل مع المرأة إلا كموضوع جنسي وحسي بحت. وهو في الحقيقة ليس فردا فحسب، بل كيانات كثيرة ذات صوت متشابه. إن المتمعن في هذا الفصام الذي يعيشه المواطن بين هنا وهناك، يدرك أنه -بكل ما هو عليه- فصام مادي دافعه الكبت المتولد من ضرورة عدم التصادم مع قيم المجتمع. وبالتالي يندرج الكبت ضمن الممنوع المرغوب. الرؤية المهينة للجسد، والمتمركزة على المرأة بوصفها جسدا مصنفا ومحظورا، وتهميش الكيان الإنساني لها هي ما يفسر الخطاب الديني الذي لا يخرج من إطار مادي متعلق بالمرأة والخطيئة وعقاب الذات! وهو خطاب يجد رواجاً عند فئتين الأولى لا تتقيد بحدود وتعيش حياة صاخبة وغير متزنة خلسة وتظهر بوجوه المحافظين، والثانية تعيش في بيئة منغلقة لا تقبل هذا الطرح حتى من باب التوعية، بل ترى في الحياة الطبيعية خطيئة لا تغتفر وشعورا بالذنب والإثم يمس من قداسة الإيمان عندهم. فشل الكثير في التحاقهم بركب الحياة الطبيعية، وبقاؤهم سجناء الجسد منذ عقود مع عدم محاولتهم التجرد من كل ما هو حسي، هو المحرك الرئيس لكل قضية تثار ويكون وقودها "المرأة".

مشاركة :