لعلنا ندرك أهمية التعلم الدائم من خلال استحضار القول الشهير للفيلسوف اليوناني هيراقليطس: «الشيء الوحيد الثابت هو التغيير»؛ فطالما أن التغيير دائم فيجب أن يكون التعلم كذلك؛ إذ ليس بإمكاننا أن نجد لأنفسنا موطئ قدم في المستقبل من دون الاكتساب الدائم والممنهج للخبرات والمهارات الجديدة. إن ما نعرفه، مقارنة بما لا نعرفه، ضئيل ومحدود إلى حد كبير؛ واليوم الذي لا نتعلم فيه شيئًا جديدًا هو يوم مفقود، ليس من عداد حياتنا أصلًا. وفي عصرنا الحديث هذا تستبين أهمية التعلم الدائم في أوضح معانيها؛ إذ يشكل التعلم المستمر جزءًا ضروريًا من اكتساب مهارات التفكير النقدي واكتشاف طرق جديدة للتواصل مع أشخاص من ثقافات مختلفة. اقرأ أيضًا: منصات التعلم عن بُعد.. اقتنص الفرصةالأمان الوظيفي يؤرق إنسان العصر العصر الحديث، من بين ما يؤرقه، أمران: البطالة وانعدام الأمان الوظيفي؛ وهي تلك المخاوف التي لن يتم التغلب عليها إلا من خلال إدراك أهمية التعلم الدائم والانخراط الدائم والممنهج في اكتشاف ما هو جديد. وأظهر مسح حديث أن 54% من الموظفين يرون أنه من الضروري بالنسبة لهم الحصول على التدريب وتطوير مهارات جديدة طوال حياتهم العملية؛ من أجل مواكبة التغييرات في مكان العمل، كما أعرب 70% من الموظفين «المبحوثين» عن تأثير فرص التطوير والتدريب المرتبط بالوظيفة في قرارهم بالبقاء في وظائفهم. وعلى ذلك فإن أهمية التعلم الدائم، اعتمادًا على الطرح السابق، تنطوي على بعدين؛ فهي مهمة للموظف كي يضمن استمراره في وظيفته، وعدم التخلي عنه أو طرده؛ لعدم كفاءته أو ملاءمة مهاراته لمتطلبات العمل الحديث، كما أنه مهم بالنسبة للشركات كيما تضمن عدم ترك الموظفين لها بحثًا عن مؤسسات توفر لهم فرص التدريب والتطوير المستمرين. اقرأ أيضًا: أهمية التنوع الثقافي والاستفادة منهأهمية التعلم الدائم ويحاول «رواد الأعمال» تبيان أهمية التعلم الدائم، وذلك على النحو التالي.الاستعداد لغير المتوقع ليس في إمكانك أن تتحكم في الوقائع، ولا أن تُسيّر الظروف وفق هواك، كل ما يمكنك فعله أن تتأقلم، أن تدور مع الواقع حيث دار، وأبرز طريقة لهذا التأقلم هو التعلم الدائم. وسوف يساعدك التعلم مدى الحياة في التكيف مع التغييرات غير المتوقعة، والتي من بينها، على سبيل المثال، فقدان وظيفتك؛ فمن خلال إتقان وتعلم مهارات جديدة يمكنك العثور على عمل جديد في وقت أسرع، كما أنه (التعلم المستمر) سيكون عونًا لك في الخروج من الأزمات والمصاعب التي تعترض طريقك بين آن وآخر. اقرأ أيضًا: مهارات يمكنها تعديل نمط حياتكالنمو المهني عندما تتعلم بشكل دائم ستجد أنك في حالة نمو وتحسن مطردتين في حياتك المهنية؛ ومن ثم ستحصل على وظائف ومناصب جديدة بشكل مستمر؛ اعتمادًا على أحدث المهارات التي حصّلتها. من المرجح أن تغير وظيفتك عدة مرات طوال حياتك؛ ذلك أن ترتقي طوال الوقت، وتحصل على فرص جيدة، ومع كل منصب ستتولاه ستتعلم العديد من المهارات الجديدة، وستظفر بخبرات لم تكن لديك من قبل، وعلى ذلك تمسي حياتك في ترقٍ دائم وتطور مستمر.حل المشكلات يتعرض جميع الناس لمشكلات مختلفة طوال الوقت، سوى أن ما يميز بعضهم عن بعض هو القدرة على حل هذه المشكلات والتخلص من تبعاتها، وهنا تتجلى أهمية التعلم الدائم؛ إذ إن أولئك الذين يتعلمون بشكل مستمر، ويطورون من مهاراتهم وقدراتهم بشكل ممنهج ومطرد هم الأقدر على مواجهة المشكلات، بل تقديم حلول مبتكرة لهذه المشكلات. اقرأ أيضًا: نقطة تميز.. أهم العناصر الأساسية لتحقيق النجاحرؤية أعمق المتحجرون والثابتون عند مجموعة معينة من المهارات والمعارف عادة ما يتسمون بنظرة قاصرة ورؤية محدودة؛ إنهم لا يستطيعون سوى رؤية جانب واحد، هو الجانب الذي أسعفتهم معارفهم الضئيلة في إدراكه. ومن هنا تأتي أهمية التعلم الدائم؛ حيث يتيح لك رؤية أعمق للواقع المحيط بك، ويجعلك منفتحًا دائمًا على كل ما هو جديد، وأكثر مرونة. يفتح التعلم المستمر عقلك ويغير موقفك؛ اعتمادًا على ما حصّلته من معارف وخبرات، وكلما تعلمت أكثر تمكنت من رؤية جوانب مختلفة للموقف الواحد، وهو ما يساعدك في الفهم بعمق أكبر.تعزيز الثقة وأخيرًا يمنحنا تعلم أشياء جديدة شعورًا بالإنجاز الذي بدوره يعزز ثقتنا في قدراتنا وذواتنا. وكلما تعلمت أكثر ستشعر أيضًا أنك أكثر استعدادًا لمواجهة التحديات واستكشاف آفاق جديدة لم تكن تدركها من قبل. اقرأ أيضًا: أسباب فشل ما بعد النجاح.. احذر من الوقوع في الفخ كيف تكون الأفضل في عملك؟ مهارات ريادة الأعمال.. الشغف والعزيمة أبرز السمات
مشاركة :