حياتنا ما هى إلا علاقات متعددة، تعد كشريان الحياة بالنسبة لنا ودائما نسعى فى طريقنا للوصول الى العقول والقلوب، وتكوين معارف وأصدقاء متعددين لتتسع دائرة نشاطنا ودائرة ثقتنا بأن هناك فى الحياة من يشاركنا اللحظة ويهتم لأمرنا ونرى اثر تلك العلاقات ينعكس على حياتنا وإنجازتنا العملية والمجتمعية فكل ذلك يشرق ويزهو بجمال وصحة تلك العلاقات . ولكننا هنا نسأل هل وجدت نفسك يوما متعبة مرهقة أو منهكة مستنزفة بكل المقاييس؟ هل وجدث أن بريقك خافت منطفئ النفس والقلب ، متألم ولا تعرف اين الألم ومتى ينتهى ترى نفسك داخلها أسئلة كثيرة وليس لها إجابة ، فاقد الثقة فى ذاتك مهزوز النفس خائف من اى لفظ او فعل قد تقوم به ؟ عندما تصل الى هذه المرحلة فأنت بنفسك تعلن استسلامك وانهزامك ، وتعلن رحيلك فى صمت ، وموتك ببطىء وذوبانك فى علاقة تستنزفك. وكما قال الشاعر: قد كنت في يوم بريء الوجهزار الخوف قلبي فانتحروحدائقي الخضراء ما عادت تغني مثلما كانت وصوتي كان في يوم عنيدا وانكسر... إن اى علاقة تبقيك عطشا للبهجة والمتعة والسلام والأمان وتجعلك غالبا تقف امام مرآتك لا تعرف نفسك لانك لست انت ، او علاقة تنعدم فيها المودة والألفة والتفاهم والمشاعر وينحنى لها ظهرك من ثقل همها او قساوة مافيها ، هى علاقات مسمومة مدمرة مميتة،و باستمرارك فيها تقتل نفسك بسم بطىء المفعول.فلا تسمم روحك بعلاقة منتهية الصلاحية،هل فكرت يوما ما الذى يحدث فى جسدك عند تناول وجبة غذاء فاسدة منتهية الصلاحية ؟ إن الجسد عندها يخبرك بأنينه وشعوره بالألم والإعياء وفقدان الشهية ، هكذا هى نفسك وروحك ونبض قلبك ينهك ويتعب ويسمم من علاقات تستنزف كل جميل فيك وتلتهم كل عطاء لك دون مقابل ، وهنا نرى ان المشكلة التى تجعلنا ننساق او نكون فى تلك العلاقات هو الحب ومرآته العامية، التى لا ترى اى عيب رغم وضوحه، فنغمض اعيننا عن قصد ، ونتوسم فى الغد التغير للأفضل ، ونستمر بانتظار الغد الأفضل وهو لا يأتى الا بكل تمادى فى الضغط على الروح وعلى النفس واستنزاف لكل ما تبقى من عطاء ، حتى تصل الى حد الأنفجار .وهنا يجب ان نقف وقفة ونأخذ القرار الحاسم بأن لا مزيد من الإستنزاف لا مزيد من التنازلات هى لحظة ثورة الروح والنفس على خلايا الجسد المنهك بالتوقف عن اى صلة بهذه العلاقات والتوقف عن اى شىء يعطيها حياة او روح ، ويصدر حينها الحكم من ذاتك بإعدام هذه العلاقة ، وتعود الى نفسك تسامحها وتهون عليها وتضمد جراحها وتسمو بها الى عالم النور والثقة فيشرق فيك روح التسامح ، وامضى قدما بطريق النور والحرية وانظر من بعيد الى هذه العلاقة وكانها ذرة من ذرات هذا الكون الفسيح لا تدرى سبب وجودها على الارض ، فكم من الوجوه مرت علينا و فى آخر الدرب صاروا بقايا صارو ذكرى لا تذكر ، وادخر لحظات السعادة والبهجة والحياة لمن يستحقها. العلاقات الصحيحة هى كحبة القمح لا ينعم بها الا من زرعها ، واضحة كشمس الصبح ، حقيقة كنور الفجر ، صافية كقطرة ندى بعيدة عن اى زيف او تغيير ، تزيدها الأيام تماسكا وصلابة وثبات ، قائمة على الثقة والسعادة والاحترام المتبادل والتعامل الناضج. هى علاقات مريحة داعمة تدفع الطرفين الى تحقيق أهدافهم دون ضغوط او تنمر..لذا عندما تنهى اى علاقة اى كان مسماها وتأخذ القرار بالنجاة منها ، فاهجر بدون أذية ، واهجر هجرا جميلا ، لتنجو فقط بنفسك وتلحق ما تبقى من ايام العمر ، لتشعر فقط بالحياة وتتنفس عزا وكرامة ، وتشعر بذاتك تتحقق وتعود الثقة لنفسك فى قولك وفعلك ، ولنترك القدر يحقق عدالة السماء فيمن سرق ايام عمرنا وطاقتنا وعطائنا وتركنا اشلاء ممزقة دون رحمة ، فإن الدنيا دوارة وكما تدين تدان . فمن المهم عند الوصول لحالة الاستقرار والثبات النفسى ان لا نؤذى غيرنا ونذكر دائما المحاسن فكل انسان به ما به من عيوب وحتى وان انتهت العلاقة يبقى صون الود والذكر بالخير من شيم النبلاء. قال تعالى: ( وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )
مشاركة :