يتوقع مراقبون في الجزائر إعادة النظر في أحكام ثقيلة بالسجن أصدرها القضاء العسكري في فبراير (شباط) الماضي، ضد شقيق الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة وقائدي المخابرات سابقاً، مع احتمال تبرئة رئيسة حزب يساري كانت نالت حكماً بالسجن غطى مدة حبسها الاحتياطي وعادت إلى الحياة العادية.وقال القيادي في «حزب العمال» جلول جودي في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إن المحكمة العليا نقضت، أمس، حكم السجن 3 سنوات منها 9 أشهر موقوفة النفاذ، الذي أصدره مجلس الاستئناف العسكري في 10 فبراير الماضي، ضد زعيمة الحزب مرشحة الرئاسة سابقاً لويزة حنون. وأكد بنبرة تفاؤل أن الحزب يتوقع تبرئتها من تهمة «عدم التبليغ عن التآمر ضد رئيس تشكيل عسكري».ويشمل نقض الأحكام 3 متهمين آخرين أدانهم القضاء العسكري في الملف نفسه بالسجن 15 سنة، وهم شقيق الرئيس السابق وكبير مستشاريه سعيد بوتفليقة، وقائد المخابرات العسكرية سابقاً الفريق محمد مدين المدعو «توفيق»، والمدير السابق للمخابرات اللواء عثمان طرطاق المدعو «بشير». ووجهت النيابة العسكرية إلى الأربعة تهمتي «المس بسلطة قائد تشكيلة عسكرية» و«التآمر ضد سلطة الدولة»، وعرفت القضية سياسياً وإعلامياً بـ«قضية التآمر».وتعود الوقائع إلى مارس (آذار) 2019. حينما عقد السعيد ومدين وطرطاق وحنون، اجتماعات بحثت تنصيب الرئيس الأسبق اليمين زروال رئيساً لفترة انتقالية. وكانت حنون مقربة جداً من عائلة بوتفليقة.وعاشت البلاد حينها ظرفاً عصيباً تمثل في انتفاضة الملايين ضد ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، لأنه كان عاجزاً عن إدارة دفة الحكم بسبب المرض. وحضر زروال أحد هذه الاجتماعات ولكنه رفض العرض. وتناول المجتمعون، بحسب النيابة العسكرية، عزل قائد الجيش السابق الفريق أحمد قايد صالح على أساس أنه كان سنداً للرئيس بوتفليقة، ولو أنه انقلب عليه وسار في ركب الحراك للإطاحة به. وعلم قايد صالح بموضوع «التخطيط» لتنحيته من زروال الذي أخبره بذلك بعدما خرج من الاجتماع.وقال محامو المتهمين في مرافعاتهم إن الهدف من تلك الاجتماعات كان إيجاد مخرج للمأزق الذي عاشته البلاد، ونفوا بشدة قضية «التآمر»؛ خصوصاً عزل قايد صالح الذي يقف وراء اعتقالهم ومتابعتهم للقضاء العسكري الذي كان خاضعاً له بشكل كامل بصفته قائد أركان الجيش ونائب وزير الدفاع قبل رحيله.يُشار إلى أن أحكام مجلس الاستئناف العسكري كانت تثبيتاً لحكم صادر عن المحكمة العسكرية الابتدائية، ونقضها يعني إعادته إلى الدرجة الثانية من التقاضي بتشكيل قضاة جديد، بحسب ما ينص عليه قانون القضاء العسكري.وقضى مجلس الاستئناف في الملف نفسه بسجن وزير الدفاع الأسبق اللواء خالد نزار بتهمتي «التآمر» و«إهانة هيئة نظامية»، على إثر تغريدات عبر «تويتر» وتصريحات في الإعلام، هاجم فيها قايد صالح بحدّة، ووصفه بأنه «شخص متهور سيقود البلاد إلى الهلاك»، داعياً ضباط الجيش إلى عزله.وأطلق نزار هجومه من إسبانيا؛ حيث يقيم مع نجله لطفي المدان قضائياً أيضاً. وأصدرت المحكمة العسكرية مذكرة اعتقال دولية ضده. ويعتقد مهتمون بالقضية أن التهم أضحت بلا معنى من الناحية السياسية بعد وفاة قايد صالح.وقال الناشط السياسي المحامي عبد الرحمن صالح لـ«الشرق الأوسط» إنه كان يتوقع نقض الأحكام من دون إحالة الملف على المحكمة من جديد، ما يعني أنه كان ينتظر تبرئتهم من التهم لـ«عدم وجود أساس قانوني للاتهام»، مشيراً إلى أن القضاء العسكري «سيحكم بعدم الاختصاص، لأن المتهمين مدنيون والقضاء المدني هو من ينبغي أن ينظر في القضية».ومعروف أن «توفيق» و«بشير» كانا في تقاعد من الوظيفة العسكرية لحظة اعتقالهما. ويوجد الأول منذ أشهر في مصحة تابعة للجيش بالضاحية الغربية للعاصمة؛ حيث يعالج من إصابة في الكتف على إثر حادث وقع له بالسجن.
مشاركة :