درس الرياضيات والطب والفلسفة والفلك والكيمياء والمنطق والأدب حتى أصبح واحدا من علماء العصر الذهبي للعلوم، حيث وصفته المستشرقة الألمانية سيجريد هونكه -في كتابها شمس العرب تسطع على الغرب- بـ "أعظم أطباء الإنسانية على الإطلاق"، لكن على الرغم من أبو بكر الرازي في المجالات السابقة وعلى رأسها الطب، لم يسلم الطبيب الفيلسوف من الانتقادات التي وجهت إليه ووصلت إلى حد إتهامه بالإلحاد.تحل اليوم ذكرى وفاة الطبيب الفيلسوف أبو بكر الرازي، الذي توفي عام 925 بعدما قدم العديد من الإنجازات والمؤلفات أبرزها كتابه "الحاوي في الطب" الذي كان يضم جميع المعارف الطبية منذ الإغريق حتى عام وفاته وظل المرجع الطبي الرئيسي في أوروبا لمدة 400 عام بعد ذلك التاريخ. تكمن عبقرية الرازي في كونه كسر القاعدة المألوفة بأن يتعلم الإنسان منذ الصغر، حيث مال إلى تعلم الطب على كبر وعمره تجاوز الثلاثين عاما، بل وبرع فيه حتى فاق جميع العلماء في عصره، فلم يقف السن حائلا بينه وبين المعرفة.لذلك قدّس أبو بكر الرازي المعرفة وإعمال العقل الأمر الذي عرضه للانتقادات والاتّهامات لأبي بكر الرازي، حيث وصفه البعض بالزندقة والكفر، ومن الأشخاص الذين انتقدوه أيضا الفيلسوف والطبيب المعروف ابن سينا، الذي رأى أنه تجاوز اختصاصه.جاء ذلك ردا على فلسفة الرازي التي اعتبرت أن العقل كفاية و لا يحتاج الإنسان الى انبياء، فرأى ان بالعقل وحده يستطيع الإنسان بلوغ الحقائق، ويرى الرازي أن الإنسان قادر إن يدرك الله بعقله، دون واسطة تذكر، فضلا عن إدراكه لشتى الصنائع الفكرية والعملية، حيث كان العقل برأيه هو المرشد أخلاقيا وعلميا على حدّ السواء.وفي مناظراته مع حاتم الرازي كان رأي الرازي أن لا يفرق بين الأقوام عن طريق تخصيص قوم بالنبوة دون غيرهن.ويؤكد كامل محمد عويضة في كتابه "أبو بكر الرازي - الفيلسوف الطبيب"، أن الرازي لم ينكر الوحي كما لم ينكر الإسلام، لكن فلسفته تركزت في توصيته بقمع الهوى وتحكيم العقل، حيث يمجده ويعتبره من أعظم نعم الله تعالى التي تستوجب الحمد: "لواهب العقل العمل بلا نهاية كما هو أهله ومستحقه".وقد جهر الفيلسوف الطبيب بهذا الفكر في وقت ظهر فيه المغالاة والمتزمتة، على أن هذا كله لم يمنع من ظهور الرازي وغيره من أعلام الفكر الحر الذين يعتزون بالعقل ويجعلونه الأداة الوحيدة للمعرفة، مما كان سببا في ازدهار العلوم الإسلامية وكما كانوا يقولون: "ربنا عرفوه بالعقل".
مشاركة :