كيف يُحدث الوباء التغيير السريع والعميق في سوق العقارات العالمي؟

  • 11/19/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

في غضون بضعة أشهر فقط، تغير المشهد تمامًا في سوق الإسكان في الاقتصادات الكبرى، حيث أدخل وباء "كوفيد-19" تغيرات سريعة وعميقة في هذا القطاع. وفي حين ترك الوباء تداعيات سلبية على أفراد وقطاعات وحتى اقتصادات، لكنه كان العامل الرئيسي والمحفز للتغييرات التي شوهدت في سوق الإسكان مؤخرًا ولكن بصورة غير مباشرة. وينبع هذا التأثير غير المباشر من أمرين، الأول: سياسة "العمل من المنزل" التي جاءت في سياق محاولات مكافحة انتشار الوباء، والتي كانت سببًا رئيسيًا في تفكير الناس للاتجاه لشراء منازل ذات مساحات أكبر وتفاصيل أكثر مرونة. أما الأمر الآخر، فيتمثل في التدابير المالية والنقدية التي تم اتخاذها لمواجهة تداعيات الفيروس على اقتصادات العالم - التي يُقدر صندوق النقد أنها تبلغ نحو 19.5 تريليون دولار- بالنظر إلى خفض تكاليف الاقتراض لمستويات قياسية متدنية. ومع الإعلانات الأخيرة بشأن تطوير لقاحات فعالة في منع انتقال عدوى الوباء، فإن عودة الحياة إلى طبيعتها قد تعني أن الأمور ستنقلب رأسًا على عقب مرة أخرى في سوق الإسكان. التغيير السريع والعميق ويشير تقرير حديث صادر عن شركة المحاماة الدولية "ويذرز" أن الوباء أثبت أنه بمثابة محفز للتغيير السريع والعميق في الطريقة التي يعيش بها الأفراد ويستخدمون المباني. ويسلط التقرير الضوء على الاتجاهات التي تشير إلى نهج جديد تمامًا في طريقة تصميم المباني السكنية والتجارية والاجتماعية، بمعنى تطويرها بما يُلبي احتياجاتنا المتغيرة في عالم ما بعد "كوفيد-19". ويعتقد الخبراء أن ثورة العمل من المنزل ستغير الأماكن التي يختارها الأفراد؛ بحيث يجب أن يكونوا قادرين على العيش والعمل والتسوق والتواصل الاجتماعي وممارسة التمارين الرياضية في بيئة مميزة ومتعددة الأغراض. ويقول الرئيس التنفيذي في وحدة أعمال ويذرز "جيريمي ويكهام" إن العالم يتنافس في مجال العقارات الخاص بالشركة مع التحدي المتمثل في تلبية الطلبيات الجديدة، وهذا يوفر فرصًا غير عادية للمستثمرين والمطورين الأكثر ابتكارًا وذكاءً. وكانت دراسة أجرتها الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين أظهرت أن الأمريكيين يقومون بشراء منازل دون رؤيتها في الواقع خلال تفشي وباء "كوفيد-19". لعبة الأسعار وعلى الصعيد الوطني في الولايات المتحدة، كانت أسعار المنازل عند أعلى مستوياتها مقارنة مع أيّ وقت مضى مدفوعة بالقفزة المفاجئة في الطلب نتيجة معدلات الرهن العقاري المنخفضة للغاية، والتي جاءت بالإضافة إلى هبوط تاريخي في مخزون المنازل المعروضة للبيع. لكن المناطق الحضرية الأعلى سعراً كانت تعاني من النقيض التام، حيث شهدت مدن مثل نيويورك وسان فرانسيسكو ارتفاع معدلات المنازل الشاغرة وانخفاض الإيجارات وأسعار البيع، حيث انتقل كثيرون من أولئك غير الملزمين بوظيفة تتطلب حضورهم لمقار العمل إلى الضواحي والمناطق الأقل كثافة سكانية. وتراجع معدل الفائدة على الرهن العقاري أدنى مستوى على الإطلاق للمرة الثانية عشرة هذا العام في شهر نوفمبر الجاري، ومع ذلك يقول اقتصاديون إن أخبار اللقاح يمكن أن تعكس هذا الاتجاه الهبوطي. وفي المملكة المتحدة، ارتفعت أسعار المنازل بنحو 4.7% خلال الاثني عشر شهراً المنتهية في سبتمبر الماضي، مسجلة أعلى مستوى على الإطلاق. فقاعة أخرى؟ تسبب الارتفاع السريع في أسعار المنازل داخل الولايات المتحدة وغيرها من الاقتصادات الكبرى، في الحديث عن فقاعة عقارية مرة أخرى مثل تلك التي ساعدت في إثارة الأزمة المالية العالمية منذ أكثر من عقد. وكانت الفقاعة السابقة تفجرت لأسباب مالية وليس لأسباب تتعلق بالإسكان، حيث أدى التعثر في سداد الرهون العقارية إلى انهيار جزء كبير من النظام المالي معه. ويمكن تفسير التقييمات المرتفعة اليوم من خلال معدلات الفائدة المنخفضة، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى توقع حدوث عملية تصحيح، بحيث تتراجع أسعار المنازل على مدى بضع سنوات مع وجود اختلافات بين المناطق. اللقاح قد يقلب الموازين ومع وجود لقاحات محتملة ضد وباء "كوفيد-19" تلوح في الأفق، يمكن أن تشهد العقارات في المدن الكبرى حالة من التحول. ويرى "ريتشارد سميث" الرئيس التنفيذي لمؤسسة "ستدي أوف سايكلز" أنه في حين أن التطعيم على نطاق واسع لا يزال أمراً بعيد المنال، إلا أن الأخبار وحدها علامة جيدة على أن تعافي العقارات في المدن سوف يستمر. وتشير الرئيسة التنفيذية لشركة "دوجلاس إليمان" للعقارات "دوتي هيرمان" إلى أن حالة عدم اليقين التي سادت في الأشهر الأخيرة تركت بصمة على المشترين وخاصةً أولئك الذين لديهم دخل أعلى. وتضيف "دوتي هيرمان": "لقد جعل الفيروس المنزل في غاية الأهمية، سوف يستمر العمل من المنزل بطريقة ما، لن يكون العمل من المنزل فقط ولكن المزيج بين المنزل والمكتب".

مشاركة :