أكدت البارونة فيليبا ستراود، عضو مجلس اللوردات البريطانية والرئيس التنفيذي لمؤسسة «ليغاتوم» البريطانية للأبحاث الاقتصادية والاجتماعية، أن الإمارات قطعت أشواطاً طويلة في رحلتها صوب الازدهار والرخاء، وأنها الآن مهيأة لمواصلة الرحلة بمزيد من النجاح. وقالت في حوار صحافي لـ «البيان الاقتصادي» للتعقيب على أداء الإمارات في «مؤشر الازدهار العالمي 2020»، والذي أصدرته «ليغاتوم» الأسبوع الماضي، إن الإمارات شهدت زيادة هائلة في مستويات الازدهار على مدى العِقد الأخير، وفاق أداؤها على المؤشر متوسط التحسن العالمي خلال الفترة نفسها. وثمة مؤشرات فرعية بعينها هي التي قادت هذا التحسن الهائل في الإمارات. وأضافت: «استطاعت الإمارات خلال العِقد الأخير تكوين رأسمال اجتماعي قوي انعكس في منح مؤسساتها الاجتماعية دَفعَة ملحوظة خلال الفترة ذاتها». وإلى نص الحوار: أداء الإمارات ما تقييمك لأداء الإمارات على المؤشر منذ تدشينه؟ قبل تفشي جائحة «كوفيد 19»، شهدت الإمارات زيادة هائلة في مستويات الازدهار على مدى العِقد الأخير. لقد فاق أداء الإمارات على المؤشر متوسط التحسن العالمي خلال الفترة نفسها. وثمة مؤشرات فرعية بعينها هي التي قادت هذا التحسن الهائل في الإمارات. فعلى سبيل المثال، قفزت الإمارات تسعة مراكز على المؤشر الفرعي الخاص جودة الظروف المُتَاحة للشركات والمشروعات التجارية، فصارت الــ 20 عالمياً في إصدار هذا العام. ويُعد هذا المؤشر الفرعي بمثابة المعيار الذي يرصد مدى انفتاح الاقتصاد. وكذلك، قفزت الإمارات هذا العام إلى المركز الــ 21 عالمياً على المؤشر الفرعي الخاص بجودة الأسواق وسهولة الوصول إليها. وباتت الإمارات هذا العام في المركز الــ 29 عالمياً على المؤشر الفرعي لبيئة الاستثمار، كما صُنفت في المركز الــ 37 عالمياً على المؤشر الفرعي الذي يرصد الجودة الاقتصادية، مُسجلة تحسناً على المؤشر قوامه 18 مركزاً على مدار العِقد الماضي. وحققت الإمارات أيضاً تحسناً كبيراً في قطاعي الصحة والتعليم. وعلاوة على ما سبق، استطاعت الإمارات خلال العِقد الأخير تكوين رأسمال اجتماعي قوي انعكس في منح مؤسساتها الاجتماعية دفعة ملحوظة خلال الفترة ذاتها. عالم الأعمال ما أسباب هذا التقييم؟ باتت الإمارات الآن في موضع يتيح لها الانطلاق بنجاح في عالم الأعمال التجارية. ويمكننا القول إن بيئة العمل التجاري في الإمارات الآن في أفضل أحوالها. وثمة عناصر رئيسية للنجاح تتوافر الآن في هذه البيئة، ومن أهمها حماية العقود التجارية والملكية الفكرية، وأيضاً حماية المستثمرين وتخفيف الكثير من الأعباء التنظيمية التي كانت تُثقل كواهلهم. ويكفي للتدليل على ذلك قول إن كثافة الأعمال التجارية الجديدة في الإمارات حالياً بلغت ضعف ما كانت عليه في عام 2010، بينما ارتفع عدد طلبات استصدار التراخيص لممارسة الأعمال التجارية بقيمة 8 أضعاف في غضون العِقد الماضي. وفي ظل توافر ظروف كهذه، يزدهر العمل التجاري وتتألق الشركات. وثمة عامل آخر مُشجع للغاية في بيئة العمل التجاري بالإمارات، وهو تحسن قدرة الشركات العاملة بالدولة على الوصول إلى التمويل، وتخلصها من الكثير من القيود التي كانت تحد من قدراتها على استقطاب الاستثمارات الدولية في السابق. وثمة تطورات أخرى شديدة الأهمية لا يُمكن إغفالها في هذا الشأن، وهي أن الإمارات عزّزت بنيتها التحتية وشبكة اتصالاتها بصورة هائلة خلال السنوات الأخيرة. أوراق رابحة كيف ترين آفاق الإمارات على المؤشر خلال السنوات المقبلة؟ لقد شيّدت الإمارات مؤسسات حكومية قوية يمكن البناء عليها في مواصلة مسيرة الدولة صوب الازدهار بعد أن قطعت فيها بالفعل أشواطاً طويلة ناجحة. وتمتلك الإمارات أوراقا رابحة عدة تؤهلها لتحقيق المزيد من الازدهار، وفي مقدمتها اقتصادها القوي. وتحتاج الإمارات كي تُعزّز تقدمها على المؤشر خلال السنوات المقبلة إلى بناء مجتمع شامل يربطه بالحكومة عقد اجتماعي يحمي الحريات الأساسية. بجانب «مؤشر الازدهار العالمي»، تُصدر «ليغاتوم» «مؤشر الانفتاح الاقتصادي»، فكيف ترين بدءاً الإمارات على هذا المؤشر؟ من الضرورة بمكان أن تمتلك كل دولة اقتصاداً مفتوحاً وحوكمة قوية لتحقيق رفاهية اقتصادية واجتماعية تستمر لعقود طويلة. ولطالما أظهرت لنا أبحاثنا ودراساتنا أن الدول المنفتحة اقتصادياً أكثر إنتاجية. وعليه، أرى أن تصنيف الإمارات في المركز الأول إقليمياً والــ 30 عالمياً على آخر إصدار حتى الآن من «مؤشر الانفتاح الاقتصادي»، وهو إصدار العام الماضي، هو أمر شديد الإيجابية ويعكس مكانة جيدة للإمارات في عالم الاقتصادات المفتوحة. ما تقييمك لتجربة الإمارات في النهضة الاقتصادية، بشكل عام؟ تؤدي الإمارات على نحو جيد في عديد من القطاعات، وأحرزت تقدماً هائلاً في مسيرة نهضتها الاقتصادية. حركة عالمية ما رسالة مؤسسة «ليغاتوم» وخلفية تأسيسها؟ تعد مؤسسة «ليغاتوم» منتدياً فكرياً يعمل من أجل تأسيس حركة عالمية يقودها أناس مؤمنون بأهمية إيجاد طرق لنقل الفقراء من سكان هذا العالم إلى حالة الرخاء، وذلك بإحداث تحول حقيقي في المجتمعات الفقيرة. وتسعى المؤسسة التي يقع مقرها الرئيسي في لندن إلى خلق قيادات حكومية قادرة على التصدي للتحديات التي يواجهها العالم اليوم، وتزويدها برؤى واضحة تساعدها في ذلك. وتؤدي «ليغاتوم» هذه الرسالة من خلال إعداد قادة عالميين يمتلكون الشخصية القوية ـ الأخلاقيات السليمة، الحلول العملية والأدوات العصرية التي تُمكنهم من بناء مجتمعات مزدهرة. لماذا أطلقت «ليغاتوم» «مؤشر الازدهار العالمي»؟ وما هو مفهومه وآليات إصداره؟ أطلقت «ليغاتوم» «مؤشر الازدهار العالمي» في عام تأسيسها نفسه، وهو 2007، ليرصد الأوضاع المؤسسية، الاقتصادية والاجتماعية في 167 دولة حول العالم. وصممت «ليغاتوم» المؤشر ليكون بمثابة أداة تحولية يستخدمها قادة الدول لتزويدهم بإطار شامل من السياسات والاستراتيجيات العملية الناجحة التي تتيح لهم نقل الفقراء والمهمشين في شعوبهم من حالة الفقر إلى حالة الازدهار. أعمال تجارية قالت فيليبا ستراود: «طورنا المؤشر كأداة عملية تساعد الحكام والحكومات في تحديد الإجراءات المطلوب اتخاذها لتعزيز مستويات الازدهار في الدول التي يحكمونها. وثمة عدد من القادة السياسيين وصُناع القرار حول العالم يستخدمون المؤشر ليساعدهم في صياغة أولوياتهم وتحديد المجالات والقطاعات الاقتصادية التي تحتاج مزيداً من العمل لتحقيق الازدهار والرخاء. كما أن قادة الأعمال يستخدمون المُؤشر للوقوف على التغييرات التي يحتاجون إلى إحداثها لتحسين مناخ الأعمال التجارية في الدول التي ينشطون بها، كما يستخدمه رجال الأعمال الخيرية والمتصدقون لإرشادهم إلى القطاعات التي يتعين عليهم التركيز عليها في أنشطتهم الخيرية، ويعتمد عليه الباحثون في تقييم الأنماط التنموية السائدة في مختلف دول العالم. وأخيراً، يستخدم رجال الصحافة والإعلام نتائج المؤشر في محاسبة الحكومات على أدائها وتحميلها المسؤولية عن أي تراجع في مستويات ازدهار الشعوب. تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :