تحقيق إخباري: اللبنانيون يستخدمون الحطب للتدفئة للحد من الإنفاق وسط الأزمة الاقتصادية

  • 11/20/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يقضي نوفل بو هدير الرجل البالغ من العمر 60 سنة، ساعتين على الأقل يوميا مع ابنه في جمع الحطب في "نيحا" إحدى بلدات مرتفعات قضاء الشوف في جبل لبنان، لتأمين وقود التدفئة لمكافحة برد فصل الخريف في لبنان. وقال بو هدير لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن "سعر وقود الديزل أصبح باهظا في ضوء تدهور الوضع الاقتصادي الحالي، لذا يتعين علينا الاعتماد على الحطب وهو أقل تكلفة من الديزل". ويوضح بو هدير الذي يعمل جزارا أن الأعمال في محله قد شهدت أخيرا تراجعا قارب نسبة 70 في المئة بسبب تراجع القدرة الشرائية وتدهور العملة الوطنية وأنه بات يمضي وقتا أطول في غرفة منزله الشتوية مع ولديه حول مدفأة الحطب طلبا للدفء من برد جبال لبنان القارس. ويعاني لبنان من تدهور اقتصادي ومعيشي حاد في ظل أزمة مالية تتزامن مع شح في العملة الاجنبية وتقييد المصارف لسحوبات الودائع وسط توقف الحكومة عن سداد الديون الخارجية والداخلية في إطار إعادة هيكلة للدين الذي يتجاوز 92 مليار دولار. وأدى هذا الوضع إلى اقفال عدد كبير من المؤسسات وتسريح عشرات آلاف العاملين وتصاعد البطالة مع ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة تتجاوز 90 في المئة. ويلجأ معظم اللبنانيين حاليا إلى الحطب كوسيلة للتدفئة وسط الأزمة الاقتصادية الحالية حيث بالكاد يستطيع الناس تأمين احتياجاتهم الغذائية بينما يحاولون تخفيض نفقاتهم بما في ذلك بعض الضروريات مثل الديزل الذي يستخدم أيضا لتشغيل مولد الكهرباء بسبب تقنين التيار الكهربائي المتواصل منذ عشرات السنين. ويبلغ سعر صفيحة الديزل من 20 لترا في لبنان حوالي 15 ألف ليرة لبنانية (ما يعادل دولارين أمريكيين بسعر السوق الموازية) في وقت يعيش فيه بعض الناس بأقل من هذا المبلغ بشكل يومي ذلك أن نصف اللبنانيين قد أصبحوا فقراء، وفقا للبنك الدولي. ويدعم مصرف لبنان المركزي حاليا واردات الأدوية والقمح والوقود، لكن المصرف كان أعلن في وقت سابق عن خطة لإلغاء الدعم مع نهاية هذا العام عن المواد الأساسية بسبب نقص احتياطيات النقد الأجنبي في البلاد. وشجع ذلك القادرين ماديا على تخزين كميات كبيرة من الديزل مما أدى إلى حدوث بعض النقص في السوق مما أدى إلى ارتفاع أسعار الديزل في بعض الحالات أو عدم وجود السلعة في السوق المحلية. وقال المتحدث باسم شركات توزيع المحروقات في لبنان فادي أبو شقرا لوكالة أنباء (شينخوا) إن 60 في المئة من الناس اليوم لا يستطيعون شراء 20 لترا من الديزل، محذرا من خطة مصرف لبنان لرفع الدعم عن الوقود. وأضاف "إذا ألغى المصرف المركزي الدعم، فسوف يصبح الوضع أسوأ وسيصبح المزيد من الناس غير قادرين على شراء الديزل وتأمين احتياجاتهم للتدفئة". في غضون ذلك، حذر ناصر ياسين ، أستاذ السياسة والتخطيط في الجامعة الأمريكية في بيروت ، من أن سعر 20 لترا من الديزل سيرتفع إلى 45 ألف ليرة إذا قرر المصرف المركزي إلغاء الدعم. وقال "لن تتمكن معظم العائلات في لبنان من الاستمرار في نفس أنماط الاستهلاك المرتبطة باستخدام الوقود"، مضيفا أن الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط المنخفض، خاصة تلك الموجودة في الريف ، ستتأثر أكثر من البعض الآخر، وسيصبحون في حالة "فقر الطاقة" وهي ظاهرة عدم القدرة على الحصول على الطاقة للتدفئة والانارة والطبخ. وشدد على ضرورة تأمين قسائم وقود الديزل للعائلات المصنفة على أنها ضعيفة وفقيرة خاصة في المناطق الجبلية. وأشار ياسين إلى أن الحل الآخر يتمثل في توسيع البرامج الشتوية التي تقدمها المنظمات الدولية للاجئين وبعض منظمات المجتمع المضيف. ومن المتوقع أن يشهد لبنان شتاء قويا وقد يشتد البرد فيه خلال العام 2021، كما أوضح خبير الأرصاد الجوية إيلي خنيصر. وقال خنيصر لـ(شينخوا) إن موجات الحر الشديدة التي شهدها الصيف تدل على أن البلاد ستمر بشتاء شديد البرودة هذا العام بعدما مرت 8 موجات حرارية عبر لبنان في الصيف الماضي. ورجح أن يكون هذا الشتاء باردا وقد تصل درجة الحرارة إلى 10 درجات تحت الصفر في مناطق تقع على ارتفاع 1000 إلى 1200 متر فوق مستوى سطح البحر.

مشاركة :