تحقيق إخباري: امرأة سورية تستخدم الحطب في عملها كوسيلة للتغلب على أزمة الغاز المنزلي

  • 6/23/2021
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

السويداء، سوريا 22 يونيو 2021 (شينخوا) أم شوقي امرأة في الخامسة والسبعين من عمرها لم تمنعها تلك السنوات من الاستمرار في العمل، وترفض الاستسلام لكل الصعوبات التي تعترض سبل حياتها، وتصر على إيجاد البدائل المناسبة لكي تنتج بعضا من المال الذي يسد الرمق، وتثبت للآخرين بأنها قادرة على العمل. وتستيقظ أم شوقي يوميا عند الساعة الخامسة فجرا يوميا وتقوم بتحضير موقد الحطب استعداد لمجيء تاجر الحليب الذي يجلب لها مادة الحليب بشكل يومي من الريف الشرقي لمحافظة السويداء (جنوب سوريا)، لتقوم هي بغليه على مادة الحطب كوسيلة بديلة عن الغاز المنزلي الذي بات من الصعب على اية عائلة تأمينه إلا من خلال رسالة نصية تأته من خلال شركة المحروقات التابعة للحكومة كل أكثر من شهر مرة واحدة ليحصل على أسطوانة واحدة فقط. وقالت ام شوقي التي ارتدت الزي الشعبي الأسود اللون لطائفة الموحدين المسلمين الدروز في السويداء، بكل ثقة لوكالة أنباء (شينخوا) "العمل يصقل البدن ويقويه، والعمل بالنسبة لي هو عبادة"، مؤكدة أنها اختارت استخدام الحطب كوسيلة كبديلة للاستمرار في العمل. وتابعت تقول "استيقظ يوميا عند الفجر، اطعم الدجاج أولا، ثم اجلب عيدان الحطب قرب الموقد النار وبعدها بقليل يأتي أبو حسام الحلاب ومعه مادة الحليب ، أقوم بتصفية الحليب من الشوائب ووضعه في قدر كبير على نار الحطب الذي احضرته وانتظر بقربه إلى أن يغلي الحليب"، لافتة إلى أن التعامل مع النار يحتاج إلى حذر شديد، مبينة أن شرارة الحطب ممكن أن تتطاير وتشعل حرائق لهذا تضع قدرا من الماء بجنابها، حسبما قالت. ويتخلل هذا الوقت قيام المرأة السبعينية ببيع بعض المنتجات التي تنتجها من مادة الحليب ، للجيران وسط حالة من البهجة والفرح التي ترتسم على وجوه الزبائن الذين قالوا إن "المنتجات التي تصنعها الخالة أم شوقي لا يعلو عليها". وأضافت أم شوقي وهي تمشي ببطء شديد بسبب تقدمها بالعمر "منذ نشوب أزمة الغاز والوقود في سوريا قررت أن استخدم الحطب كوسيلة للتدفئة وللطهي، وفي فصل الصيف يقوم اولادي بجلب الحطب من الغابة القريبة من منزلنا، وهذا الشيء حقق لي الاستمرارية في العمل"، مؤكدة أنها خلال العامين الماضيين لم تنقطع من العمل يوما واحدا. وأشارت أم شوقي إلى أنها تستمتع وهي تستخدم الحطب، وتشعر بالراحة وهي تراقب منظر السنة اللهب وهي تتطاير من جانبي القدر الذي تغلي به الحليب، موضحا أنها تقوم بطهي بعض الأطمعة على نار الحطب ايضا. وقالت إن "اسطونة الغاز لا تكفي البيت أكثر من شهر، ومن الصعب أن تحصل على أسطوانة إضافية، بسبب الأزمة التي تشهدها البلاد، فكان لا بد من البحث عن البدائل، فكان استخدم الحطب هو الخيار الامثل لي". يشار إلى أن سوريا تعاني من ازمة وقود خانقة من الشتاء الماضي بسبب خروج حقول النفط عن سيطرة الدولة السورية، والعقوبات التي تفرضها الدول الغربية على سوريا وتمنع وصول التوريدات النفطية اليها، الأمر الذي ترك اثارا سلبية على مختلف القطاعات الإنتاجية في سوريا. وام شوقي التي تسكن مع أولادها الثلاثة، رفضت أن تتقاعد وتجلس في المنزل ، بعد أن تركت مهنة الخياطة التي مارستها قرابة الـ 25 عاما ، ففكرت بمشروع صغير يجعلها تعمل ولكن في منزلها دون ان تخرج وتحقق رغبتها الجامحة للعمل. وقالت أم شوقي "عملت في مهنة الخياطة لمدة 25 عاما، وكنت أفصل جهاز العروس ، وهو عبارة بدلة عربي مطرزة تخص الزي الشعبي لاهالي محافظة السويداء ، ويحتاج هذا الى مهارة وخبرة كبيرتين ، وانا اعتدت على العمل ، وبات العمل هوية بالنسبة لي ، فقررت أن اجلب حليب واصنع منه اللبن والجبن والسمن العربي (البلدي)، على اصوله"، مؤكدة أن الجلوس في المنزل دون عمل يشكل لها "رعبا كبيرا"، ويجعلها تستلم للمرض. ويحظى انتاجها بسمعة طيبة في الحي الذي تقطن بها، والكل يفضل أن يشتري من عندها كل ما تصنعه من لبن وجبن وغيره من المنتجات، والبعض ينتظر أياما حتى يحصل على ما يريد. وأبدت ام سليم (53 عاما)، وهي تحمل بيدها سطل معدني تريد شراء اللبن الرائب، اعجابها بأم شوقي ، قائلة عنها إنها "امرأة مكافحة، ترفض أن تتكل على أبنائها، وتريد أن تأكل لقمتها بالحلال"، مشيرة إلى أن منتجاتها "شهية ، وغير مغشوشة ، وفيها نكهة خاصة". وما تزال أم شوقي تستخدم الميزان القديم، ذو الكفتين، ودائما كفة الزبون هي الراجحة، لأن البيع يجب أن يكون سمحا، حسب قولها.

مشاركة :