كيفية غسل الجنابة مع وجود جرح في الجسم.. غسل الجنابة فرض بإجماع المسلمين، قال تعالى: «وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ» (سورة المائدة: 6)، وذكر الفقهاء أنه إذا كان غُسل موضع هذا الجرح يؤدي إلى حصول ضرر أو تباطؤ البرء، فالواجب على المريض أن يمسحه، فإن كان ذلك يضر أيضًا، فيضع المريض عليه لصوقًا ويمسح عليه، ولا يجوز له ترك غسل الموضع الذي يستطيع المرض غسله دون خوف الضرر، فإن كان غسله أو المسح عليه أو المسح على ما وضع عليه من لصوق يحصل به الضرر، فالمريض يغسل الصحيح من بدنه ويتيمم عن هذا الجرح.والأصل أنّه في غسل الجنابة لا بدّ من تعميم جميع الجسد بالماء ولكن إن كان بالجسد جرح بحيث يتأذى الشخص بملامسة الماء أو قد يتأخر البرء والشفاء فإنّه يغسل جميع الجسد إلاّ محل الإصابة، والأفضل أن يتيمم بدلًا عن الجزء المصاب خروجًا من خلاف الشافعية إن أمكنه ذلك.طريقة غسل العضو المجروح في الغسل الواجب فإذا كان عضو من أعضاء الغسل به جرح، فقد فصّل أهل العلم كيفية التعامل مع هذا العضو على التفصيل الآتي:-الجرح ونحوه إما أن يكون مكشوفا، أو مستورًا.-فإن كان مكشوفًا فالواجب غسله بالماء، فإن تعذر فالمسح، فإن تعذر المسح فالتيمم، وهذا على الترتيب.-وإن كان مستورًا بما يسوغ ستره به، فليس فيه إلا المسح فقط، فإن أضره المسح مع كونه مستورًا، فيعدل إلى التيمم، كما لو كان مكشوفًا، هذا ما ذكره الفقهاء رحمهم الله في هذه المسألة.كيفيّة الغسل من الجنابةالغسل من الجنابة واجبٌ بإجماع العلماء، وله صفتان: الأولى الصفة الكاملة، والثّانية صفة الإجزاء، وفيما يأتي بيانٌ للصفتيّن: الغسل ذو الصّفة المجزئة: وهو أن يقوم المسلم بأداء الواجبات فقط في غسله، بحيث ينوي الغسل، ثمّ يقوم بتعميم الماء على بدنه كلّه، مع القيام بالمضمضة والاستنشاق، فإن قام بفعل ذلك فإنّ غسله صحيحٌ ولا بأس فيه. الغسل من الجنابة ذو الصّفة الكاملة: وهو أن يقوم المسلم في غسله بأداء الواجبات والسّنن معًا، وفيما يأتي ذكر خطوات الغسل الكامل بالترتيب:-النيّة: وذلك أن ينوي المسلم الطّهارة من الحدث. -التّسمية: وهي أن يقول المسلم "بسم الله الرّحمن الرّحيم".-غسل الكفيّن ثلاث مرّات؛ والسّبب في ذلك أنّ الكفيّن هما أداة غرف الماء.-غسل الفرج باليد اليسرى؛ وذلك لأنّ الفرج هو موضع الجنابة، فبغسله يتخلّص المسلم من الأذى والأوساخ العالقة به.-تنظيف اليد اليسرى ثمّ تدليكها بشدّة؛ وذلك للقيام بالتّخلص ممّا علق بها من أوساخٍ خلال غسل الفرج، وتطهيرها بالماء والصّابون، فهو يقوم مقام التّراب. -الوضوء: ويكون الوضوء هنا مثل الوضوء للصّلاة وضوءًا كاملاُ لا نقص فيه، ولا يلزم إعادة الوضوء بعد الانتهاء من الاغتسال من الجنابة من أجل أداء الصّلاة، فالقيام بذلك أثناء الاغتسال يجزئ ويكفي، ولا داعي لإعادته، أمّا إذا تمّ مسّ الفرج أو الذّكر فإنّه يجب إعادة الوضوء؛ وذلك بسبب وقوع الحدث الطّارئ.-غسل القدمين: وهناك اختلافٌ في وقت غسل القدمين، بحيث هل يكون مع الوضوء؟ أم يتمّ تأخيره إلى ما بعد الاغتسال؟ والظاهر في الأحاديث المروية ورود الكيفيّتين عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فكلاهما ثابتتان في سنته الشريفة، واستحب الجهور تأخير غسلهما بعد الانتهاء من الاغتسال، لكن بما أن كلا الطريقتين وردت في سنة النبي عليه الصلاة والسلام، فلا بأس أن يأتي المسلم بإحداهما تارة، وبالأخرى تارةً أخرى، فيغسل قدميه مع الوضوء، وفي مرات أخرى يؤخر غسلهما إلى آخر الاغتسال.-تعميم الماء في أصول الشّعر من خلال إدخال أصابعه بينهم، والقيام بالتّخليل إن كان الشّعر كثيفًا؛ حتّى يصل الماء إلى منبته. -إدارة الماء على الرّأس ثلاث مرّات بعد الانتهاء من تخليل الماء لأصول الشّعر.-إفاضة الماء وتعميمها على سائر الجسد مرّةً واحدة، ومن السّنة أن يدلّك بدنه، ويبدأ بالجهة اليمنى ثمّ الجهة اليسرى.الأعمال المحرم فعلها على الجُنبهناك عدد من الأعمال التي يحرم على الجنب القيام بها، ومن هذه الأعمال ما يأتي: أداء الصّلوات كافّة، ويشمل ذلك أداء سجدة التّلاوة، قال تعالى: «وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا».- طواف المسلم حول الكعبة المشرّفة، حتّى لو كان ذلك الطّواف تطوّعًا ونفلًا؛ وذلك لأنّ الطّواف يعدّ من الصّلاة. - مسّ القرآن الكريم، قال تعالى: «لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ».- قراءة القرآن الكريم وتلاوته، وهذا ما قال به جمهور المذاهب الأربعة، أمّا لو كانت النّية ليست القراءة إنّما من أجل الدّعاء، أو الثّناء، أو الذّكر، أو التّعلم، فإنّه يجوز ذلك، ومن الأمثلة على الدّعاء قيام المسلم بتلاوة قوله تعالى عندما يهمّ بالرّكوب: «سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَـذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ* وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ» وأن يردّد المسلم قوله تعالى: «إِنَّا لِلَّـهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ» عندما تحلّ به مصيبة وخاصّةً مصيبة الموت، ومن الأمثلة على الذّكر تلاوة سورة الإخلاص، وآية الكرسي.- دخول المسجد، والاعتكاف فيه، أمّا المرور به فلا بأس فيه عند الشافعية والحنابلة، ومنعه الحنفية والمالكية إلا بالتيمم، ودليل ذلك قوله تعالى: «وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ».- القيام بحمل القرآن الكريم، إلّا إذا دعت ضرورة ملحّة لذلك، ومن هذه الضّرورات: حمله إن كان بالأمتعة، ويكون القصد حمل الأمتعة، أو الخوف عليه من السرقة، أو الخوف من أن يجيء عليه شيءٌ من نجاسةٍ أو نحوها.الأعمال المستحبّ فعلها للجنب الأعمال التي يُستحبّ ويُباح للجنب القيام بها، ومن هذه الأعمال ما يأتي:- ذكر الله -عز وجل- وتسبيحه، وحمده، والتّوجه إليه بالدّعاء، ففي روايةٍ للسّيدة عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: «كانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ علَى كُلِّ أحْيَانِهِ»- غسل الفرج، والوضوء كالوضوء للصّلاة، وذلك إذا أراد المسلم تناول الطّعام، أو الشّراب، أو الذّهاب للنّوم، أو إعادة الوطء مرّةً أخرى، وهذا قول الجمهور من الشّافعيّة، والحنابلة، وقولٌ عند المالكيّة. أن يستيقظ المسلم في الصّباح صائمًا، وذلك قبل أن يغتسل. - إلقاء الخطبة في يوم الجمعة جائز للجنب مع الكراهة عند المالكية، وظاهر مذهب الحنفية، وفي وجه عند الشافعية والحنابلة، وقال بمنعه ابن قدامة ووجه آخر عن الشافعية والحنابلة، لأن الطهارة من الجنابة شرط، فلا تصح الخطبة بدونها.الأغسال المستحبّةتتعدّد الأسباب التي يكون الغسل فيها مستحبًّا للمسلم، ومنها:- الاغتسال عند قيام المسلم بالإحرام، فيستحبّ أن يغتسل وقت ذلك كما كان يفعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. الاغتسال في كلّ أسبوعٍ مرّة، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «حَقٌّ لِلَّهِ علَى كُلِّ مُسْلِمٍ أنْ يَغْتَسِلَ في كُلِّ سَبْعَةِ أيَّامٍ، يَغْسِلُ رَأْسَهُ وجَسَدَهُ».-الاغتسال في الأيّام التي يجتمع فيها النّاس، ومنها أيّام العيدين. دخول المسلم إلى مكّة المكرّمة. اغتسال المسلم في يوم الجمعة. غسل من غسّل الميت. اغتسال الكافر حين إسلامه.هل الاستحمام يغني عن الغسل من الجنابةالاغتسال يأتي بمعنى سيلان المياه عند الفقهاء، ومعناه فى الشرع "سيلان المياه على البدن بنيه محدده، ومن شروط صحة غسل الجنابة أن يغطي الماء كل أعضاء الجسد وأن يتخلل الماء الشعر حتى يصل إلى الجذور، أما غير ذلك فلا يجوز لأنه إخلال بشروط الغسل، يُفَضَّل في غسل الجسد أن يغسل الجانب الأيمن أولًا ثم يتبعه بالأيسر؛ وذلك لما رواه البخاري عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: "كُنَّا إِذَا أَصَابَتْ إِحْدَانَا جَنَابَةٌ، أَخَذَتْ بِيَدَيْهَا ثَلاَثًا فَوْقَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تَأْخُذُ بِيَدِهَا عَلَى شِقِّهَا الأَيْمَنِ، وَبِيَدِهَا الأُخْرَى عَلَى شِقِّهَا الأَيْسَرِ". ثم سابعًا وأخيرًا غسل الرجلينشروط ماء الاغتسال من الجنابةما دام أن الماء لم يتغيَّرْ لونه أو طعمه أو ريحه تغيرًا يمنع من تسميته ماءً ولم تقع فيه نجاسة فإنه يَصِحُّ التطهر به، أما الوضوء قبل الاغتسال فإنه سُنَّةٌ وليس فرضًا، بمعنى أن فعل الوضوء قبل الغسل فيه ثواب، ولكن تركه لا يفسد الغسل ولا يبطل صحته، فإذا نوى الإنسان رفع الحدث الأكبر والأصغر، أو أنه يغتسل ليصلي، كفاه غسله عن الوضوء.
مشاركة :