للتراث الشعبي السعودي مذاق خاص تمتزج فيه الأصالة بالحداثة، ويفوح منه عبق الماضي وسحر التاريخ. ويعد التراث الشعبي فيالسعودية أحد ركائز الهوية الوطنية فهو الوعاء الذي تستمد منه عقيدتها وتقاليدها وقيمها الأصيلة ولغتها وأفكارها. وقد تميزت منطقة نجران بتراثها الشعبي العريق الذي تميز بالملبوسات والحلي وأدوات الزراعه وكذالك الأواني المنزلية القديمة والعديد منانواع البنادق التي كانت تستخدم انا ذاك . وقد حضرت صحيفة ” الرأي ” والتقت بأحد المهتمين بالتراث الوطني والأرث الشعبي بمنطقة “نجران ” والذي حول منزلة الى معرض لجمعالقطع الاثرية والتاريخية والتي يعود عمر البعض من هذه القطع الى مئاة السنين ، انه العم” سعيد آل بشر ” ، ذو الـ 80 عام من مواليدمنطقة نجران والذي قضى شبابه وحتى يومنا هذا في حب وغرس مفهوم حب التراث في نفوس من حوله وايضاً للزائرين لمنزلة المتواضعولاكنه ثمين وجميل بما يحتويه من تاريخ عظيم ومخزون تراثي كبير وبنفس الوقت مبسط ، وتعود بعض ممتلكات معرضه لصور لايام الملكعبدالعزيز ” رحمه الله ” وحتى ملك الحزم والعزم سلمان بن عبدالعزيز ” حفظه الله “ تحدثت صحيفة ” الرأي ” والعم سعيد في منزلة عن بداياته وذكرياته ، حيث أخذه حب التراث بعيدا عن الكثير من الهوايات والمشاغل الأخرىفي هذه الحياة، فقرر أن يولي جانب المحافظة على الموروث السعودي والنجراني خاصة جانبا مهما في حياته ، حيث عاصر التاريخ وشاركفي الكثير من المعارض الداخلية والإقليمية وايضاً الدولية ، شارك في العديد من المعارض في فرنساء وفي أميركا في عام 1410 للهجرية ،احبّ العم سعيد جمع القطع الاثرية الخاصة بمنطقة نجران ، حيث اصبح يمتلك معرضه الخاص والعديد من القطع النادره والصورالتذكارية التي يعود تاريخ التقاط بعضها الى مئاة السنين ، وايضاً بعض الملبوسات القديمه حيث يحرص آهالي منطقة نجران على تزيينأطفالهم بملبوسات التراث القديمة على الرغم من التقدم الحضاري في صناعة الملبوسات، انطلاقا من اهتمامهم الكبير بالحفاظ على الهويةالثقافية لأهالي المنطقة من خلال هذا الزي الذي توارثته الأجيال. تجولت ” الرأي “برفقة العم ” سعيد ” في ارجاء فنائه العلوي في منزله المتواضع والذي خصصه ليكون المعرض التراثي الخاص به ،وليقضي الكثير من وقته فيه ، حيث اطلعنا في البداية بادوات الزراعة قديماً وادوات حرث الارض مع شرح منه عن تاريخ زراعة البُر وتاريخالزراعة بشكل عام في نجران إلى العصور القديمة، حيث كانت التربة الزراعية الخصبة، والمناخ المعتدل، والمياه الوفيرة “الأمطار والآبار” منالعوامل الرئيسة للمقومات الزراعية والأهمية الجغرافية التي حققتها نجران كواحدة من أهم واحات الطريق ومدن القوافل على طريق البخورالقديم، وقد ظلت المنطقة على مميزاتها المناخية والجغرافية حتى يومنا هذا، وما زال أهلها مع تقدم الوقت وحداثة الحياة يهتمون بالجانبالزراعي، وبإنتاج المحاصيل . ومن ثم انتقلنا والعم ” سعيد ” الى مجسمات ترتدي الزي النجراني النسائي قديماً ، وقد كان للمرأة النجرانية لمسة حضارية أصيلة ظهرتفي لباسها وفي حليّها الذي يتميز بنقوش الفضة بشكل يوحي باهتمام المجتمع بالمرأة وباهتمام المرأة بزينتها وجمالها حيث كانت المرأةالنجرانية قديماً تلبس الثوب(المكمم) وهو ثوب يتميز باتساعه واتساع أكمامه وله تطريز خاص يحيط بالصدر وعلى الخصر, وكانت تلبس علىرأسها (الخيط) أو ما يُسمى بـ(القطابة) والخيط مصنوع من الصوف ومغزول يربط به الرأس بشكل لولبي متزن ، ويوضع فيه بعض الحليوالحلقات الفضية ، وتميزت صناعة الحلي في نجران أكثر من غيرها بالتركيز على الجانب الفني والجمالي . وانتقلنا ايضاً الى تصفح لوحات الصور التي تزينت بها جدران المعرض ويعود البعض منها الى مشاركته في بعض المهرجانات في المملكةالعربية السعودية وخارجها ، وايضاء لبعض العملات وبنادق الرماية وايضاً تراثيات وقطع قديمه تميزت بطابع مميز يُظهر طبيعة منطقةنجران وصور للإراضي الزراعية قديماً وتوضح استخدام الخامات المستمدة من خيراتها فمنها ما يعتمد على سعف النخيل، كصناعةالخصف والحبال ومن أبرزها الأدوات المنزلية مثل الدرجة، المهجان، المطرح، الزنبيل، والمكنسة، ومنها ما يصنع من الأخشاب والحجارةوالفخار مثل المدهن، البرمة، التنور، الزير، القدح، الصاع، الدارج، الموجاه، ونجارة الصحاف والشرح، وكذا احتوت على صناعات معدنيةمثل صناعة الأسلحة القديمة الخنجر، الجنبية، إصلاح البنادق ، وصقل الجنابي والسيوف . ويضيف العم ” سعيد ” في نهاية جولتنا ، نلت الكثير من الشهادات والإشادات ممن تشرفت بالعمل معهم في سبيل إبراز التراث النجراني ،وحصدت من خلال هذه المشاركات التي قمت بها الكثير من الجوائز التي أعتز بها وتدفعني للمواصلة على هذا النهج في ظل الثقافةالمتزايدة بأهمية التراث ، حيث تسلم على يد سمو أمير منطقة نجران ” حفظه الله ” تكريم كما أثنى سموه على جهوده في إبراز تراث منطقةنجران والمملكة بشكل عام .
مشاركة :