العم سعيد ال بشر يحوَل منزله بنجران إلى متحف للتراث

  • 11/18/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تتميز المملكة بتراثها المتنوع والأصيل ، كونها مهدًا للحضارات وممرًا لطرق القوافل على مدى العصور، كما تعد امتدادًا وبُعدًا لإرث عميق بصفتها حاضنة وملتقى لعدد من الحضارات التي تعاقبت على أرضها وتوّجها الإسلام ، ولتربُّعها على مخزون كبير من المواقع التراثية والأثرية الممتد عمرها لآلاف السنين . وأشار عدد من المختصين أنه في فترة من الفترات كان البعض يعتقد أن المحافظة والتمسك بالتراث يعدُّ تخلفًا أو رجعية ، لكن هذا الفكر تغير في العالم بأكمله ، واصبح الاهتمام بالتراث سمة تتميز بها الشعوب وإشارة لتقدمها . وبهذا الخصوص زارت صحيفة " الحدث " احد المهتمين بالإرث الشعبي والتراث الوطني بمنطقة نجران والذي حوَل منزله الى معرض لجمع القطع الاثرية والتاريخية والتي يعود عمر البعض منها إلى مئات السنين ، انه العم " سعيد آل بشر " ذو الـ 80 عام وهو من مواليد منطقة نجران والذي قضى شبابه وحتى يومنا هذا في حب وغرس مفهوم حب التراث في نفوس من حوله وايضاً للزائرين لمنزله المتواضع الثمين بما يحتويه من تاريخ عظيم ومخزون تراثي كبير ، وتعود بعض ممتلكات معرضه لصور منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز " رحمه الله " وحتى زمننا هذا بقيادة ملك الحزم والعزم سلمان بن عبدالعزيز " حفظه الله " تحدثت صحيفة " الحدث " مع العم سعيد في منزله عن بداياته وذكرياته ، حيث أخذه حب التراث بعيداً عن الكثير من الهوايات والمشاغل الأخرى في هذه الحياة ، فقرر أن يولي جانب المحافظة على الموروث السعودي والنجراني خاصة جانبًا مهمًا في حياته ، حيث بدأ في حديثه بنبرة يملؤها الشوق والحنين للماضي الجميل ومغامراته اثناء شبابه من بداية الجنادرية الاولى الى وقتنا الحالي ، حيث عاصر التاريخ وشارك في الكثير من المعارض الداخلية والإقليمية وايضاً الدولية ، من ضمنها مشاركته في العديد من المعارض في فرنسا وفي أميركا في عام 1410هـ . احبّ العم سعيد جمع القطع الاثرية الخاصة بمنطقة نجران ، حيث اصبح يمتلك معرضه الخاص والعديد من القطع النادرة والصور التذكارية وايضاً بعض الملبوسات القديمة التي لا يزال يحرص أهالي منطقة نجران على تزيين أطفالهم بملبوسات التراث القديمة على الرغم من التقدم الحضاري في صناعة الملبوسات، انطلاقا من اهتمامهم الكبير بالحفاظ على الهوية الثقافية لأهالي المنطقة من خلال هذا الزي الذي توارثته الأجيال. تجولت " الحدث "برفقة العم " سعيد " في الطابق العلوي من منزله والذي خصصه ليكون المعرض التراثي الخاص به ، والذي يقضي الكثير من وقته فيه ، حيث اطلعنا في البداية بأدوات الزراعة قديماً وأدوات حرث الارض مع شرح منه عن تاريخ زراعة البُر وتاريخ الزراعة بشكل عام في نجران إلى العصور القديمة ، حيث كانت التربة الزراعية الخصبة ، والمناخ المعتدل ، والمياه الوفيرة نتيجة الأمطار والابار وهي من العوامل الرئيسية للمقومات الزراعية والأهمية الجغرافية التي حققتها نجران كواحدة من أهم واحات الطريق ومدن القوافل على طريق البخور القديم ، وقد ظلت المنطقة على مميزاتها المناخية والجغرافية حتى يومنا هذا ، وما زال أهلها مع تقدم الوقت وحداثة الحياة يهتمون بالجانب الزراعي ، وبإنتاج المحاصيل . ومن ثم انتقلنا والعم " سعيد " الى مجسمات ترتدي الزي النجراني النسائي قديمًا ، وقد كان للمرأة النجرانية لمسة حضارية أصيلة ظهرت في لباسها وفي حليّها الذي يتميز بنقوش الفضة بشكل يوحي باهتمام المجتمع بالمرأة وباهتمام المرأة بزينتها وجمالها حيث كانت المرأة النجرانية قديماً تلبس الثوب ( المكمم ) وهو ثوب يتميز باتساعه واتساع أكمامه وله تطريز خاص يحيط بالصدر وعلى الخصر، وكانت تلبس على رأسها ( الخيط ) أو ما يُسمى بـ( القطابة ) والخيط مصنوع من الصوف ومغزول يربط به الرأس بشكل لولبي متزن ، ويوضع فيه بعض الحلي والحلقات الفضية ، وتميزت صناعة الحلي في نجران أكثر من غيرها بالتركيز على الجانب الفني والجمالي . وانتقلنا ايضاً الى تصفح لوحات الصور التي تزينت بها جدران المعرض ويعود البعض منها الى مشاركته في بعض المهرجانات في المملكة العربية السعودية وخارجها ، وايضًا لبعض العملات وبنادق الرماية وبغض التراثيات والقطع القديمة التي تميزت بطابع يُظهر طبيعة منطقة نجران وصور للأراضي الزراعية قديماً وتوضح استخدام الخامات المستمدة من خيراتها فمنها ما يعتمد على سعف النخيل ، كصناعة الخصف والحبال ومن أبرزها الأدوات المنزلية مثل الدرجة ، المهجان ، المطرح ، الزنبيل ، والمكنسة ، ومنها ما يصنع من الأخشاب والحجارة والفخار مثل المدهن ، البرمة ، التنور، الزير، القدح ، الصاع ، الدارج ، الموجاة ، ونجارة الصحاف والشرح ، وكذا احتوت على صناعات معدنية مثل صناعة الأسلحة القديمة الخنجر، الجنبية ، إصلاح البنادق ، وصقل الجنابي والسيوف . ويضيف العم " سعيد " في نهاية جولتنا قائلاً : نلت الكثير من الشهادات والإشادات ممن تشرفت بالعمل معهم في سبيل إبراز التراث النجراني ، وحصدت من خلال هذه المشاركات التي قمت بها الكثير من الجوائز التي أعتز بها وتدفعني للمواصلة على هذا النهج في ظل الثقافة المتزايدة بأهمية التراث ، ومؤخرًا تم تكريمه على يد سمو أمير منطقة نجران الأمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد " حفظه الله " الذي أثنى على جهوده في إبراز تراث منطقة نجران والمملكة بشكل عام .

مشاركة :