المفاجآت الدراماتيكية المثيرة التي توالت فصولاً على المشهد الانتخابي الأميركي في الأيام الأخيرة، لم تزحزح بعد دونالد ترامب، البليونير المثير للجدل، عن صدارة قائمة المرشّحين للرئاسة الأميركية، بمعزل عما إذا كان سيخوض المنافسة كمرشّح للحزب الجمهوري أو كمرشح ثالث مستقلّ عن الحزبين التقليديين. فاستطلاعات الرأي على المستوى الوطني، لا تزال تظهر تفوّق ترامب على المرشحين الجمهوريين الآخرين، على رغم قساوة الهجمة الإعلامية المنظّمة التي تعرّض لها، خصوصاً مواجهته الإعلامية المفتوحة مع صديقه إمبراطور الإعلام روبرت مردوخ، ومذيعة «فوكس نيوز» مايغن كيلي، التي تحوّلت «أيقونة» إعلامية بعد اتهامها نجم تلفزيون الواقع بازدراء النساء ووصفهنّ بعبارات لا تليق برجل قد يصبح رئيساً للولايات المتحدة . نبش الملف النسائي الحافل لدونالد ترامب، دفع الرجل الى الرد واتهام «فوكس نيوز» بعدم الموضوعية والعمل وفق أجندة هدفها استبعاد ترشيحه من الحزب الجمهوري، فيما تسابق المرشحون الجمهوريون الـ16 للدفاع عن كيلي، خصوصاً بعد قول ترامب للـ «سي أن أن» في وصفه عدائية مذيعة الفوكس تجاهه خلال المناظرة، «إن الدماء كادت تخرج من عينيها ومن كل شي فيها». وهذه العبارة الأخيرة صعّدت الحملة الجمهورية على الرجل، الذي كان رفض التعهّد في أول المناظرة الجمهورية التي نالت أعلى نسبة مشاهدة في تاريخ الانتخابات الأميركية (25 مليون مشاهد)، بعدم الترشّح مستقلاً إذا لم ينل ترشيح الحزب الجمهوري. في جردة حساب الخاسرين والفائزين بعد المناظرة الجمهورية، والنتائج التي أسفرت عنها الحملات الإعلامية المتبادلة، بدا واضحاً أن خيار البليونير الغاضب على الطبقة السياسية في واشنطن وفي مؤسسة الحزب الجمهوري، هو الترشّح المستقل. فالمناظرة الكمين لم تفاجئ ترامب، وإن كان لا يتوقع هذا الاستهداف المباشر له من إعلام الحزب الجمهوري وسياسييه المتنفّذين. ويرى أن استبعاده لن يضير شعبيّته بشيء طالما أن التأييد الجمهوري له هو من خارج الهيئات الحزبية المركزية، بل من القواعد الشعبية الغاضبة من القيادة الجمهورية الحالية، وسياساتها التي فاقمت من أزمة الحزب المسؤولة عن وصول باراك أوباما الى البيت الأبيض، وغيّبت الجمهوريين عن القرار السياسي في واشنطن ثمانية أعوام. في المقابل، يرى أخصام ترامب الجمهوريين أن المناظرة الأخيرة وتداعياتها أخرجته من السباق الرئاسي، أقلّه السباق الجمهوري، وأن رجل الأعمال الثري لا يملك خطاباً سياسياً متزناً يجعله مؤهلاً لتمثيل الحزب وخوض المعركة ضد هيلاري كلينتون، المرشّحة المحتملة للحزب الديموقراطي، خصوصاً بعد تسليط الضوء على ملفّه النسائي وتعليقاته «المهينة «التي استهدفت الإعلامية مايغن كيلي. طبعاً، لا يجيب هؤلاء عن المخاوف من خسارة الجمهوريين كتلاً كبيرة من الأصوات ستصبّ في رصيد ترامب في حال خوضه الانتخابات كمرشح ثالث، ما يعني تسهيل مهمة الديموقراطيين في الفوز بالمعركة الرئاسية. على أن الجديد الذي طرأ على المشهد الانتخابي الجمهوري، هو بروز المرشحة كارلي فيورينا، وتقدّمها الكاسح في استطلاعات الرأي على ستة مرشحين جمهوريين خلال مناظرة فرعية على هامش مناظرة المرشحين الجمهوريين العشرة. وكأن الحملة الإعلامية المنظّمة لاستبعاد ترامب، وسحب أي تغطية جمهورية لترشيحه، واختيار مايغن كيلي لقيادة الدفاع عن حقوق المرأة الأميركية ومكافحة التمييز ضدها في الخطاب السياسي الذكوري، وكأن ذلك يندرج في سياق خطة انتخابية جمهورية تهدف الى خوض معركة الرئاسة ضد المرشحة الديموقراطية المحتملة هيلاري كلينتون، بمرشحة جمهورية هي كارلي فيورينا، ما يعني أن احتمالات أن تكون امرأة هي الرئيس المقبل للولايات المتحدة باتت أكثر ترجيحاً، وأن سيدة أميركية ستحكم البيت الأبيض بعد انتهاء ولاية باراك أوباما، أول رئيس أميركي من أصول أفريقية.
مشاركة :