يمضي معظم الناس راهناً أكثر من نصف يومهم في وضعية الجلوس (بدءاً من مشاهدة التلفزيون، وصولاً إلى العمل أمام حاسوب). وتميل هذه المدة إلى الزيادة مع التقدم في السن، وتراجع نطاق الحركة. قد ينعكس الجلوس المطول بشدة على الوضع الصحي أيضاً. نُشرت دراسة في "حوليات الطب الباطني"، وشملت نحو 8 آلاف شخص راشد في عُمر الخامسة والأربعين وما فوق، وقد اكتشفت رابطاً مباشراً بين مدة الجلوس وزيادة مخاطر الوفاة المبكرة. سيكون تكثيف حركة الجسم أفضل حل للجلوس المطول، لكن تزيد صعوبة هذه الخطوة، بسبب أسلوب الحياة المعاصر الذي بات مبنياً على قلة الحركة، كونه يؤدي إلى إضعاف العضلات وتصلب المفاصل. هل تبحث عن أفضل التمارين لمجابهة آثار الجلوس وتكثيف الحركة؟ يكمن الحل بكل بساطة في تمارين القرفصاء. يقول أندري سوبوتا، معالج فيزيائي في مركز سبولدينغ لإعادة التأهيل التابع لجامعة هارفارد: "تُعد وضعية القرفصاء تمريناً ممتازاً، لأنها تُنشط عدداً كبيراً من العظام والمفاصل دفعة واحدة، منها الورك والركبة والقدم والكاحل، فضلا عن عضلات الفخذ والعضلات الألوية والعضلات القابضة للورك وأوتار المأبض وربلة الساق. كذلك، قد تساهم تمارين القرفصاء في تقوية أسفل الجسم والحفاظ على قوته، ما يُسهل عليك القيام بمختلف الحركات ويساعدك على متابعة التحرك". تُعتبر القرفصاء أيضاً من أكثر الحركات فاعلية، بما أنها تشبه نشاطات يومية كثيرة، مثل: الوقوف والجلوس ودخول السيارة والخروج منها. اتخذ الوضعية المناسبة يرفض الكثيرون تمارين القرفصاء، لأنهم يظنون أن هذه الحركة صعبة أو مؤلمة جداً. لكن ستكون هذه التمارين سهلة عند تطبيقها بشكل صحيح، وتتعدد الطرق التي تجعلها آمنة وفاعلة بالنسبة إلى معظم الناس. ثمة نوعان أساسيان من القرفصاء: الوضعية الحيادية والوضعية العريضة. حين تختار الوضعية التي تريدها، احرص على شد قدميك إلى الأمام بالشكل المناسب. ستساعدك هذه الحركة على حماية وركيك وركبتيك، وستمنحك قاعدة صلبة لتنفيذ حركة القرفصاء بسلاسة. انظر أمامك وارفع صدرك، وثبّت كعب قدميك على الأرض، ثم ادفع وركَيك ومؤخرتك نحو الخلف وانخفض لاتخاذ وضعية القرفصاء. احرص على إبقاء ركبتيك فوق مستوى كاحليك طوال الوقت. مدّد ذراعيك بشكل مستقيم على طول كتفيك للحفاظ على توازنك. حافظ على استقامة ظهرك وخفّض جذع جسمك قدر الإمكان، شرط أن تبقى الوضعية مريحة، أو إلى أن يصبح فخذاك موازيَين للأرض (يمكنك أن تتدرب أمام مرآة لمراقبة حركتك). حافظ على هذه الوضعية لثانية أو ثانيتين، ثم اضغط على الأرض بكعب قدميك وقف مجدداً. يقول سوبوتا: "يجب أن تحافظ على إيقاع طبيعي أثناء النزول والنهوض، بما يتماشى مع وتيرة تنفسك، ما يعني أن تشهق أثناء النزول وتزفر أثناء النهوض". ثمة وضعيتان أساسيتان يمكن اتخاذهما عند القيام بحركات القرفصاء: الحيادية والعريضة. 1. الوضعية الحيادية: يجب أن تفتح قدميك بعرض كتفيك، وتشدّ أصابع قدميك إلى الأمام. 2. الوضعية العريضة: افتح قدميك بما يفوق عرض كتفيك ووجّههما نحو الخارج، بزاوية 45 درجة، بما يشبه وضعية مصارع السومو. غالباً ما تشكِّل هذه الوضعية ركيزة مثالية للمبتدئين وللأشخاص الذين يعانون مشاكل جسدية. تكون هذه الوضعية أقصر من غيرها، ما يعني أنك لن تضطر للنزول بالقدر نفسه، وبالتالي ستكون الحركة أكثر سهولة. تكيّف مع قدرات جسمك! أوقف التمرين دوماً إذا شعرت بأي ألم وقم بالتعديلات اللازمة، مثل عدم النزول بشكل فائق، أو الحفاظ على وضعية القرفصاء لوقت أقصر، أو تقليص عدد التمارين التي تقوم بها دفعة واحدة. إذا بدت لك تمارين القرفصاء التقليدية المبنية على وزن الجسم صعبة أكثر من اللزوم، ابدأ حركة القرفصاء، انطلاقاً من وضعية الجلوس على كرسي ثم قف. مع كل حركة قرفصاء، حاول أن تتابع الاحتكاك بالكرسي لأقصر وقت ممكن. قد تساعدك هذه الخطوة على زيادة قوتك وقدرة تحمّلك تدريجياً، كي تتمكن من الانتقال إلى تمارين القرفصاء الكاملة. يمكنك أن تقوم بحركات القرفصاء أيضاً، تزامناً مع الإمساك بمنضدة لتخفيف أي شكل من الضغط وتحسين مستوى التوازن. يقضي خيار آخر بتنفيذ حركات القرفصاء استناداً إلى الجدار. في هذه الحالة، يجب أن تضع كرة مطاطية بين ظهرك وجدار ناعم. ستحصل بهذه الطريقة على دعم إضافي، من خلال دفع جسمك على الكرة فيما تنهض وتنزل، ما يساعدك على القيام بحركة قرفصاء كاملة والحفاظ على الوضعية لوقت أطول. هل تريد تحدياً إضافياً؟ احمل أثقال دمبل أو كيتل بيل على جنبَي جسمك، أو ضع كرة تدريب على مستوى الصدر. يمكنك أن تغيِّر إيقاع التمرين أيضاً، فتُخصص ثلاث ثوانٍ كاملة لبلوغ أدنى وضعية ممكنة من القرفصاء قبل أن تتوقف للحظات ثم تنهض كالعادة. يقضي تمرين نموذجي بإتمام ثلاث مجموعات من 10 حركات قرفصاء، وأخذ استراحة بين كل مجموعة وأخرى. أضف هذه الحركات إلى جدولك الرياضي الاعتيادي، أو طبّقها بكل بساطة في أي وقت من اليوم لأخذ استراحة من الجلوس.
مشاركة :