أثبتت الأيام أن الأزمة الليبية أكثر تعقيداً من أن تحل بمثل هذه البساطة، فرغم تعدد مسارات الحوارات والخروج باتفاقات حول خارطة الطريق المستقبلية، إلا أن مركب الحل دائماً يتوقف عند المنتصف، حيث لم نلمس أدنى درجات التقدم نحو واقع أفضل، بل على العكس عودة التجاذبات السياسية.تقف ليبيا اليوم أمام حائط مسدود، فالتسوية الشاملة، ومعالجة الأزمة، دائماً تنتهيان في غياب النوايا الحسنة، حيث تم الاتفاق على تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، دون الاتفاق على أسماء الشخصيات التي ستقود المرحلة الانتقالية، وتقود الساحة زمرة من المتطلعين إلى السلطة بأي ثمن بالولاء للخارج لا للوطن، ففشل الجولة الثانية من حوار تونس، كان مرتقباً بالنظر لوجود شخصيات لا تريد مصلحة البلاد وإنما مصلحة الخارج. لذلك فقد كان من الأجدر أولاً قبل بدء أي حوار تحصينه من تجاذبات الأجندات الأجنبية التي لا تريد الخير للبلاد، حيث إنها تستثمر في الخلافات لنهب مقدرات البلاد. فالارتجالية والعشوائية الحاضرة في اختيار الشخصيات أشد دليلاً على غياب الشفافية في تسوية الأزمة الليبية. على مدى سنين، والكل يدعو للحوار بين الليبيين الفرقاء من أجل إيجاد حلول لكل المشكلات، لكن الإشكال الحقيقي يتمثل في انعدام الثقة بين الأطراف الليبية وغياب المناخ الأخوي الملائم، الذي يساعد على مواجهة الخلافات وتقديم تنازلات، على الرغم من أن الجميع ذاقوا ويلات الحرب ولا يريدونها مرة أخرى، ولكن هناك محاولات لإرضاء الأشخاص على حساب الوطن، وهو ما سيمثل خسارة محققة للدولة وللجميع. وغني عن القول إن الليبيين وحدهم قادرون على تغيير معادلة الواقع وقلب موازين الخطط الخبيثة، إذا ما وضعوا مصلحة البلاد فوق كل الاعتبارات، ورفضوا أي تصور للتقسيم بدعوى البحث عن تهدئة الأوضاع، عندئذٍ سيتم إيجاد مخرج مقبول للأزمة واستعادة الدولة من الفاسدين الذين أضاعوا البلاد.طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :