عندما تنتفخ الأوهام! - سعد الحميدين

  • 8/19/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

الأوهام التي تجيء نتيجة إيحاء تلقته الذات من مقتنص متربص بها عرف نقاط الضعف التي يمكن من خلالها أن يوحي لها بأن طريقاً معبداً يمكن أن يوصلها إلى غايتها في الحياة دون عناء، ويؤهلها إلى أمور أخروية لا يعلمها إلا الله، تكون هذه الأوهام بمثابة خطوة أولى إلى تغييب الإرادة الخاصة وتذويبها في بحيرة الإغراءات المتأتية من الوعود المصطنعة من أناس احترفوا عملية التسلل إلى بعض العقول بعد فحص وتدقيق ومن ثم اللجوء إلى الروحانيات لكي تكون مدخلاً سهلاً لجر النفس المتجاوبة معها إلى أتون الأحداث المتشكلة من الفوضى في تداخلات الحياة بالديانات دون معرفة بأصول الديانات والتعمق فيها، وإنما التمويه على الآخرين بأن من يتحدث باسم الدين يتوجب أن يؤخذ كلامه دون مراجعة، متناسين أن للدين علماءه وفقهاءه الذين تعمقوا ودرسوا أصوله وقواعده وعرَّفوا الحلال والحرام وما بينهما من الأمور المشتبهات منقطعين للشرح والتدليل في عمل خالص لوجه الله لكونهم علماء من المتعمقين في المسائل الدينية ويعملون ما وصلت إليه معارفهم في توجيه وإرشاد الأمة نحو صلاحها وأمنها ونمائها الذي يمكِّن الإنسان من العيش في طمأنينة وهو يعمل لدنياه وآخرته، وقد تخصص كثيرون من العلماء في المسائل التي يجب أن يعرفها المسلم وفتحوا قلوبهم لمن يسأل مستفتياً، أو مستفسراً عن أمر من أموره الدينية، فيجد الإجابات القائمة على الكتاب والسنة. ولكن ما ظهر في وقتنا الراهن وماحدث فيه من وسائل اتصال وإعلام فتعددت المنابر وصار التنافس بين هذه الوسائل في كسب أسماء اخترعت برامج توحي في ظاهرها بأنها تهتم بالتثقيف والإرشاد الديني ولكنها في الواقع تتوجه إلى الأوهام وغرسها في عقول مَنْ هم في سن الطفولة أو المراهقة، والمراهقة العمرية تتبعها مراهقة فكرية تستحوذ على عقول البسطاء والسذج، وهم المادة الخام التي تكون دوماً ًزاداً لوقود الفتنة التي تأججت بسبب المتناقضات والتداخلات وما يعمل له الأعداء من حبائل لاصطياد المغرر بهم بعد أن أوهموهم بآمال لا يمكن تحقيقها لأن هناك من يقف أمامها بعمق المعرفة وما يتوجب أن يحمي إنسان الوطن من الوقوع تحت تأثير الآخر الذي وجد من ينفذ ما يملى عليه من عدوه دون أن يعرف أنه عدوه، أو أنه يتجاهل أنه عدوه لكونه قد حشا عقله بالوعود الوهمية الكاذبة، والتاريخ سجل على طول مسيرته مثل هذه الحركات التي حدثت وكم جلبت من المصائب والنكبات حتى صارت بعض الدول من الأمة العربية والإسلامية كحقل تجارب لما يراد منه أن يفرق ولا يجمع، وأن يشتت ولا يوحد، وقد صار، ولكن بروز التصديات التي يرشد إليها العلماء، والوقفات الصامدة لحماة الأمن الباذلين أنفسهم وحيواتهم في سبيل حماية الوطن وقد كانوا نموذجاً وطنياً يصد كل مراوغ وباغ ومحاول تفريق أو تفتيت، ومع هذا هناك ممن يحملون في قلوبهم الحقد والكراهية ومن يعمل على التغرير بالصغار والكبار بالوسائل العديدة التي من شأنها تشويه صورة الإسلام والمسلمين والعرب ويجدون بكل أسف من يكون أداة طيعة في أيديهم ويعمل مايراد منه دون محاسبة نفسه ومراجعتها إنه إنما يعمل ضد نفسه وأهله وذويه ووطنه الحاضن للجميع، فأصبحت بعض الأصابع تلعب حتى أوصلت إلى انتهاك حرمات بيوت الله وقتل النفس البريئة دون ذنب، وقد حذر علماء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها من مغبة الفتن وأن من يعمل بها هو من حمل توجيهات أعداء الإسلام والعروبة الساعين إلى تشويه صورتها، وهي أحقاد تكونت عند من يريدون الشر ولا يوجهون للخير. لقد جسد الحقيقة سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ المفتي العام ورئيس هيئة كبار العلماء في قوله: "إن ذلك المنتحر الذي فسد عقله وزاغ قلبه، لم يبال بحياته، فضحى بها وبحياة غيره، وجميعها أنفس حرم الله قتلها، أو الاعتداء عليها، فيتّم بذلك أطفالاً، وأشقى آباء، في سبيل الشيطان الذي سلّمه عقله فأفسده وغيره، فبات والعياذ بالله منقاداً للضلالات والغوايات دون تفكير أو تدبر". فلولا الغوايات وتورم الأوهام ما أقدم إنسان على نسف مصلين يؤدون فرضاً دينياً في بيت من بيوت الله، وقد ذكر إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح بن حميد صورة التغييب وغسيل العقول بقوله: "إن استخدام المساجد للترويع والقتل إنما هو دليل على ضعفهم وعجزهم، ولو كانوا قادرين على الوصول إلى الأماكن المحصنة لما تأخروا ولكنهم أضعف وأعجز من ذلك" وأشار إلى أن لهم إعلامهم الخاص الذي لبّس على الناس دينهم وخلط على الشباب مفهومهم بادعاءات ملفقة، وأكاذيب مزورة، فداعش مفسدة مستبيحة للدماء، مؤيدة من جهات دولية وإقليمة لا يخفى هذا على ذوي البصيرة. وقد شارك في إدانة تلك الأعمال التخريبية عدد كبير من العلماء في الداخل والخارج موضحين بأنها تتوجه لتشويه صورة الإسلام. وحقيقة الأمر أن هناك من يعمل بكل جهد من أجل الفتنة من أعداء الوطن المتشرف بالحرمين الشريفين وخدمتهما من قادته الذين يتشرفون بلقب (خادم الحرمين الشريفين) وكلهم يعمل بكل جهد وجد في التوسعات التي تسهل على الحجاج والمعتمرين والزائرين أداء المناسك بكل سهولة ويسر، وقانا الله شر الفتن ماظهر منها وما بطن.

مشاركة :