بيرتولت بريشت.. الشاعر الذي يلي غوته في الأهمية

  • 11/30/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بيرتولت بريشت، المعروف أيضاً في العالم العربي بـ "بريخت"، هو أحد أكثر الشخصيات تأثيراً في المسرح العالمي، فلقد تعدت شهرته حدود بلده ألمانيا، حتى يمكن القول إن معظم الحركات المسرحية الحديثة خرجت من تحت عباءته. تأثير بيرتولت بريشت تعدى ألمانيا إلى مختلف أنحاء العالم منذ أيام شبابه كان بيرتولت بريشت، والمعروف في العالم العربي بـ "بريخت"، مقتنعاً أنه سيصبح ثاني أكبر شاعر ومفكر في ألمانيا. فقد صرح لحبيبته وقت الدراسة: "سوف آتي بعد غوتة مباشرة". لكن جنون العظمة الشبابي هذا لم يكن مخالفاً للواقع، فقد وجدت أعماله طريقها إلى كل مسرح وكل كتاب مدرسي وحتى إلى شاشة التلفزيون. دراسة صدرت منذ سنوات لجمعية البحوث الاجتماعية Gewis كشفت أن بريشت (1898 – 1956) أضحى مجهولاً لدى الألمان. ففي تكليف من مجلة بوشر Bücher تم طرح أسئلة حول بريشت على أكثر من ألف رجل وامرأة صرح 42 بالمئة منهم أنهم لم يسبق لهم قراءة أو مشاهدة أي من أعماله. ولم يكن لدى الأغلبية العظمى منهم أدنى فكرة أن بريشت أسس واحداً من أكثر المسارح شهرة في العالم وهو مسرح "برلينر أنسامبل" في العاصمة برلين. واستنتج رئيس تحرير مجلة بوشر كونراد ليشكا على أساس نتائج الدراسة أن "بريشت أصبح من الماضي وبكل بساطة". "الابن العاق" لماذا لا يريد إذاً تلاميذ المعلم الكبير بريشت، الذي انشغل أدبه بمواضيع كثيرة من بينها الظلم السياسي والطغيان والرياء الاجتماعي، أن يسمعوا عنه؟ أثناء حياته كان هذا الأديب المعروف بتأييده الكامل للشيوعية يكرم أو بالأكثر يهان حسب إيديولوجية المحيطين به. وخلال الحرب الباردة تمت مقاطعته من قبل بعض الأدباء في ألمانيا الغربية كونه "شيوعي وملحد" على حد قولهم. وحتى علاقته بمسقط رأسه مدينة اوغسبورغ كانت خالية من الدفء. وهكذا قرر الانتقال إلى ميونيخ حيث لم يجد الترحيب الذي كان يتوقعه. وقد وصفه كورت جيورج كيزينغر السياسي الألماني ومستشار جمهورية ألمانيا الاتحادية السابق بـ"ابن المدينة الكبير، لكنه ابن عاق". وفي الدوائر الشيوعية أيضاً كان الاستقبال بارداً لهذا الشيوعي المتحمس. "لم يكن هناك تفهم لمسرح بريشت القصصي أو اهتمام به في موسكو"، يقول راينهولد يارتسكي كاتب سيرة بريشت. وعلى الرغم من آرائه المتطرفة نجا من منفى سوفيتي". ورغم دعمه الكامل لمشروع الشيوعية فقد حافظ على ابتعاده عن الدوائر الحاكمة في الدول الذي تبنته. الكتب المدرسية لم تجعله محبوباً؟ لكن إرجاع شهرة بريشت إلى أسباب سياسية فقط يعد تبسيطاً شديداً للأمور، فقد أظهرت نتيجة أخرى للدراسة أن 55 بالمئة من المشاركين في الدراسة توجب عليهم قراءة عمل لبريشت في المدرسة. وقد أدى عدم حبهم لذلك العمل إلى ابتعادهم عن قراءة أعمال أخرى له. وهذا ما طرح تساؤلات عديدة مثل: هل يتم فرض بريشت في وقت مبكر للغاية؟ هل يتم تقديمه بطريقه خاطئة؟ بروفيسور يان كنوبف رئيس قسم "بيرتولت بريشت" في جامعة كارلسروهه يرى أن تلك الدراسة لا تبعث على القلق. فبريشت معروف بطرق مختلفة عن غوتة وتوماس مان. فقد استقرت أقواله في اللغة الدارجة دون أن نعلم: "أولاً يأتي الطعام وبعد ذلك الأخلاق". "من يكافح يمكن أن يخسر، ولكن من لا يكافح فقد خسر بالفعل". في مناطق أخرى في العالم يحظى بريشت بشهرة كبيرة. وقد سجلت أعماله نجاحاً ساحقاً في جنوب أفريقيا على سبيل المثال كما يقول البروفيسور شتيفان بروكمان ناشر كتاب بريشت السنوي الذي تصدره جامعة كارنجي-ملون ببتسبورج. ويضيف أن بريشت يتم تكريمه في بيرو وتشيلي والكثير من دول شرق أوروبا أكثر بكثير من موطنه ألمانيا. "فتأثيره على المسرح البرازيلي على سبيل المثال كبير إلى حد لا يمكن قياسه". يرى بروفيسور بوكمان أن بريشت يصيب عصب الزمن في المجتمعات المتواجدة في مرحلة انتقالية حالياً بجمله الثورية والسياسية وأساليبه الجمالية. لهذا تم تقديم عروض مسرحية كثيرة لأعماله في الأعوام اللاحقة لسنة 1968 بعد ثورة الطلبة في ألمانيا. من الواضح أن المجتمعات الغربية المرفهة لا تخاطبها أعمال بريشت اليوم. رغم ذلك يرى بروكمان أن برشيت من أكثر مسرحيي القرن العشرين تأثيراً وأهمية على الإطلاق في مختلف أنحاء العالم.

مشاركة :