تجوب الدبابات الإماراتية المناطق الصخرية بجنوب اليمن، بينما تحلق طائرات الأباتشي التابعة للتحالف بقيادة السعودية التي تطلق عليها وسائل الإعلام المحلية الجنية السوداء في سمائها لتساعد المقاتلين الموالين للحكومة على التقدم في مواجهة المقاتلين الحوثيين المتحالفين مع إيران. وساعدت الأسلحة المتقدمة التي نشرتها دول الخليج العربية المقاتلين المحليين على التقدم إلى أراض يسيطر عليها الحوثيون، مما غير دفة الأمور في الحرب المرتبطة بصراع إقليمي. لكن بعض اليمنيين يخشون الآن من أن رغبة التحالف في تسديد ضربة ميدانية حاسمة قد تقضي على فرص التوصل إلى تسوية، يمكن أن تتيح جمع شتات البلد الممزق وتجنب العاصمة صنعاء مواجهة مدمرة. وأوضح محمد العواضي وهو صاحب متجر عطارة صغير في صنعاء الذي تحدث الى رويترز وهو يمضغ أوراق القات الخضراء: كل سكان المدينة خائفون من وصول الحرب إلى هنا. الناس تخزن المواد الغذائية وآخرون هربوا إلى الأرياف.ومضى يقول صنعاء مليئة بالمسلحين الحوثيين المنتشرين في كل مكان. وقال رياض ياسين وزير الخارجية اليمني إن الحرب قد تنتهي قريبا بالسقوط العنيف لزعيم الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح. وأضاف ياسين: بالنسبة للمخلوع صالح أؤكد أنه يعيش حالة بائسة وأعتقد أنه إما أن يهرب إلى دولة خارجية أو أنه يلقى نفس مصير القذافي، بمعنى يقتل في أحد الجحور أو الأقبية. فيما يتعلق بعبدالملك الحوثي فأعتقد أنه سيهرب إلى إيران أو سيلجأ إلى منطقة جبلية سيحولها لبؤرة قتال. ونحى صالح والحوثيون سنوات من العداء جانبا ليشكلوا تحالفاً لم يكن ليخطر ببال فسيطروا على العاصمة في سبتمبر، ثم تقدموا صوب مدينة عدن بجنوب البلاد في مارس وهو ما أدى الى التدخل العسكري الذي قادته السعودية بمئات الضربات الجوية. وخشيت المملكة من أن تؤدي العلاقات بين الحوثيين وطهران إلى أن تقع جارتها الجنوبية تحت النفوذ الإيراني، لكن الحوثيين ينفون أن يكون ولاؤهم للجمهورية الإسلامية ويقولون إنهم يحاولون إنقاذ اليمن من الجهاديين والإمبريالية الغربية. ولم يطرأ تغير يذكر على خطوط المعركة بعد اندلاع الحرب في 26 مارس، لكن السعودية والإمارات استغلتا الوقت في تدريب وتسليح المقاتلين الجنوبيين الموالين للحكومة التي يوجد مقرها في الرياض، والذين نجحوا في إخراج الحوثيين من عدن الشهر الماضي. وعلى الرغم من إحراز تقدم صوب العاصمة على ثلاث جبهات، فإن المعارضة ربما تواجه صعوبة أكبر في السيطرة على معقل جماعة الحوثي بشمال البلاد. وقال دبلوماسي في الخليج مهتم بالشأن اليمني لـ رويترز إن هناك حاجة لضمان ألا تتطور قوة دفع عسكرية طائشة تتجاهل المخاطر الواضحة للمضي قدما. وأضاف الهدف العسكري للتحالف وهو إعادة التوازن على الأرض، بحيث يمكن استئناف المحادثات السياسية حين تكون الحكومة في موقع قوة تحقق. وبالتالي فإن من المهم تحويل قوة الدفع العسكرية الى قوة دفع سياسية. بالنسبة لدول الخليج العربية الغاضبة من دور ايران في حربين لهما أبعاد طائفية في سورية والعراق، فإن تحقيق مكاسب في اليمن يثبت أنها قادرة على مواجهة عدوتها اللدود على الرغم من توصل حليفتها الولايات المتحدة الى اتفاق نووي مع الجمهورية الإسلامية الشهر الماضي. وكتب انور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي على صفحته على موقع تويتر هذا الشهر نجاح التحالف العربي الذي تقوده السعودية يغير كثيراً من الأدوات السياسية بالمنطقة. قدرتنا على التأثير على العالم باتت الآن ملموسة. وأضاف عند المقارنة بأزمات أخرى في الآونة الأخيرة.العرب يمسكون بزمام الأمور. وظهر فجأة فرع لتنظيم الدولة الإسلامية المتشدد في اليمن، ونفذ تفجيرات استهدفت الشيعة وهو ما أثار شبح العنف الدموي بين الجماعات الدينية الذي ظل لفترة طويلة احتمالا بعيدًا. ونتيجة للقتال ضد الحوثيين على مدى شهور وحد مقاتلون من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب فرع القاعدة في اليمن، وهو أخطر أجنحة التنظيم المتطرف على مستوى العالم، صفوفهم مع رجال قبائل في أجزاء نائية ووعرة من البلاد وهو ما يعزز شرعية المتشددين ويتيح لهم الفرصة للتخطيط لشن هجمات على الغرب. في الوقت نفسه فإن سكان عدن، التي لحقت بها أضرار بالغة نتيجة قصف الحوثيين يقولون إنهم مازالوا يواجهون صعوبات كبيرة بسبب نقص الكهرباء. وتجوب فصائل مسلحة مختلفة الشوارع في غياب الشرطة والحكومة، وقد يؤثر فراغ السلطة والغموض السياسي على تقدمها شمالاً. وقال المسؤول اليمني الكبير راجح بادي لـ رويترز مستوى الأضرار والاحتياجات الانسانية مرتفع جدا في المناطق المحررة. الحوثيون وصالح دمروا الدولة اليمنية والتحدي في الوقت الحالي أكبر من قدراتنا، وإن كنا نعمل مع شركائنا الخليجيين لمواجهته. وأضاف بادي أن الحكومة التي تمارس عملها من الرياض، تبذل جهوداً دبلوماسية لتجنب مواجهة نهائية، ولكن بينما تواصل القوات الموالية للحكومة تقدمها يمكن أن يقتنع الحوثيون بالتراجع، وهو أمر على درجة من الأهمية بحيث يمكن أن يحدد مصير البلاد وقدرة دول الخليج على إحلال السلام فيه. وقال: نأمل أن يستوعب الحوثيون وصالح الدروس من خسائرهم وينسحبوا... كلما اضطروا للتراجع زادت التنازلات التي سيكون لديهم استعداد لتقديمها.
مشاركة :