المراهقون هم أكثر فئة معاناة من الملل والتأفف،خاصة في اشهرالأجازات في فصل الصيف، والمعروف أن الملل إن سيطر على الإنسان بعامة فقد الرغبة في العمل والعطاء والإنجاز، فدمر نفسه وضاعت ذاته، وموضوعنا ؛ أن وقت الفراغ لدى المراهق يضيع هباء..ساعات كانت أو يوما كاملا ، و من الصعب عليه - وحده- استغلاله، وهنا يأتي دور الآباء. معنا الدكتورة ماجدة مصطفى الأستاذة بكلية أصول التربية بحلوان للتوضيحيرتبط الملل غالباً بكثرة أوقات فراغ المراهق؛ وهذا يرجع إلى طبيعته وقدرته على معرفة ذاته، ما يسعده وما يسبب له الملل، إلى جانب أسلوب تربيته بالمنزل، ونظرة الوالدين لمرحلة المراهقةعلامات الإحساس بملل وقت الفراغ تظهر جسدياً على الشاب في شكل خمول وتكاسل ورغبة في العزلة، ولكن العلامات النفسية والعاطفية والاجتماعية غير ملحوظة، ورغم ذلك هي التي تسبب المشاكل في علاقة الأسرة بابنهاأكثر ما يحتاجه المراهق أمام هذه المشكلة هو: المسامرة ووقوف الوالدين بجانبه خلال الصعوبات التي تواجهه، بل عليهم أن يشرحوا لابنهم المراهق مدى إدراكهم لصعوبة مرحلة المراهقة ومشاكلها التي يمر بهاالوقت ثمينٌ في حياة كل إنسان، ولذلك على المراهق أن يستغلّ كلّ دقيقة من حياته ويستفيد من أوقات فراغه؛ فإذا استغلّ الفراغ أفضل استغلالٍ، ومارس فيه العديد من الأنشطة المفيدة، وتدرّب على المهارات التي تقوّي شخصيّته، حقّق الكثير من الفوائد.أولاً: يُعطي استغلال وقت الفراغ شعوراً عالياً للمراهق بالثقة بالنفس، وأنّه قادرٌ على الإنجاز والعطاء في أيّ وقت، فيُقدّر ذاته، وترتفع معنويّاتهثانيا: يستطيع المراهق في وقت فراغه أن يكشِف عن هواياته، وأهمّ الأنشطة المُحبَّبة لديه، والتي يرغب في تطويرها والاستمتاع بهاثالثا: المعروف أن شخصية الفرد تظهر وتتضح معالمها في أوقات فراغه والأنشطة التي يُمارسها؛ فيُقدّر ذاته، ويعبّر عنها بالطرق التي يراها مناسبةًرابعا: يُتيح الوقت الطويل- الأجازات- الفرصة للمراهق لتعلُّم مهاراتٍ عديدةٍ قد لا يجدها في ساعات دراسته الطويلة، وبهذا يُحقّق الذات ويُنمّيها بشكلٍ إيجابيّخامسا: وقت الفراغ يُظهر التحدّي الحقيقيّ عند المراهق؛ وتتضح قدرته باستغلاله لأوقاته جميعها ، حتّى أوقات الفراغ لديه تكون محسوبةً بدقّةٍ، ويستغلّها فيما هو مفيدٌ له، ولطموحه وتطلّعاته المستقبليّةسادسا: عند استغلال المراهق لوقته؛ فإنّه سيجد الوقت الكافي للراحة والاسترخاء بشكلٍ منظّم، وتحسين العلاقات الاجتماعيّة من خلال الأنشطة الجماعيّة التي تهدف إلى الترويح عن النفس، والتّرفيهأخيرا: استغلال المراهق لوقت الفراغ بشكل جيد ومفيد، يُخفّف ضغوطات الدراسة المتواصل، ويُجدّد النشاط والحيويّة؛ لمواصلة ساعاتٍ جديدةٍ من الدراسة أو العمل الشاقّعلى الآباء عدم ترك الابن حتى يصل إلى مرحلة الفراغ الباعث الأول للملل، بمحاربته وتفادي الروتين الحياتي إن أمكن، وملء أوقات الفراغ بالجديد كل يوم؛ بتغيير ديكور غرفته كل فترة، ومشاهدة أفلام جديدة وهادفة معاً.ما المانع من الذهاب لتناول وجبة ما بأحد المطاعم، قضاء عطلة نهاية الأسبوع في مكان مبتكر، دفع الابن للاستيقاظ مبكراً ولعب رياضته المفضلة ليصبح نهاره نشيطاً، أن يطلب منه المساعدة في العمل خارج المنزل أو بداخله إن أمكن.وقت الفراغ يدفع المراهق إلى الكثير من التصرفات الخاطئة؛ مثل التعاطي والتدخين ومشاركة أصحاب السوء أفعالهم، كما أنه يزيد من رفض المراهق وتمرده على أوامر الوالدين في الإصلاح وحسن التنشئة.شغل الوقت ثقافياً: ويكون بزيارة المتاحف، المسرح، قراءة القصص الكتب والروايات، مشاهدة الأفلام العالمية الشائعة، مع مناقشته فيما يفعل وإتاحة الفرصة للابن لتقديم وجهة نظره فيما يقرأ ويشاهد.شغل الوقت رياضياً: ويبدأ بالالتحاق بأحد النوادي الرياضية، ومحاولة ممارسة لعبة محببة للابن مع المواظبة من جانب الأهل على تشجيع الابن على الالتزام بساعات التدريب الجمعي، بعد ذلك الأثر سيكون مفيداً وجذاباً للابن نفسياً وجسمياً واجتماعيا.أمام إحساس المراهق بالفراغ والملل ومع قدرته على كيفية الاستفادة من وقت فراغه على الأم أن تدفعه لكتابة مذكرات يومية لتصبح مساحته - أو مساحتها- الخاصة تعبر فيها بمنتهى الصراحة عن نفسها ومشاعرها المختلطة.مع تقنيات الجوال الحديثة يمكن للابن التصوير والاحتفاظ بالصور؛ مما يسبب له سعادة غامرة تخرجه من مشاعر الضيق والقلق والملل، أن يجرب الغناء، وتتعلم الفتاة المراهقة الطبخ أو التطريز، أو التريكو.الفراغ العاطفي أكثر ما يؤثر على الصحة النفسية للمراهق ويشعره بالملل الذي يتطور إلى كآبة وحزن وتشاؤم وشرود ذهني، وأحلام يقظة، إضافة إلى رغبته في الانعزال والانجرار إلى بعض الآفات الاجتماعية.إن لم يسع الوالدان بجدية إلى تهيئة الابن المراهق لكيفية استغلال وقت فراغه، وإبعاده عن الأضرار النفسية والاجتماعية والدراسية التي تتبع هذه الحالة فسيغرق الابن في مشاكل وعادات وأصحاب سوء لن يحمد عقباهم.المراهقة مرحلة جديدة وهامة في حياة الابن، أشبه بالولادة الجديدة. فإن لم يتعود على عادات صحية وتربوية سليمة فسيفقد الكثير من المواصفات التي تؤثر عليه مستقبلاً في جميع مناحي حياته.
مشاركة :