المصالح المتضاربة تعرقل وصول الاتحاد الأوروبي إلى استجابة مالية مشتركة للركود

  • 12/4/2020
  • 21:09
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تواجه محاولة الاتحاد الأوروبي من أجل التوصل إلى استجابة مالية مشتركة للركود الناجم عن جائحة فيروس كورونا المستجد، معوقات من دولتين مثيرتين للشغب، هما المجر وبولندا، اللتان تقاومان الجهود المبذولة لربط صرف أموال الطوارئ بالالتزام بسيادة القانون، وتعدان الأمر تدخلا غير قانوني في شؤونهما الداخلية. لكن حتى لو تمكنت بروكسل من التوصل إلى حل وسط بشأن هذه المسألة السياسية، فسيعاود سؤال مالي عميق الظهور مجددا بشأن حزمة "الجيل القادم للاتحاد الأوروبي" التي تبلغ قيمتها 750 مليار يورو "900 مليار دولار" وهو: كيف يمكن التأكد من أن الدول المستفيدة ستنفق الأموال بالشكل الملائم؟ وبحسب "الألمانية"، أوضح الكاتب الإيطالي فرديناندو جيوجليانو في تحليل نشرته وكالة "بلومبيرج" للأنباء أن إيطاليا، على سبيل المثال، تكافح من أجل وضع خطة متماسكة لكيفية استخدام حصتها من المنح والقروض المتاحة، وهناك مخاطرة من أن يتم تبديد جزء كبير منها في مشاريع غير مفيدة. وقاومت "الدول المقتصدة"، وبينها هولندا والنمسا، إنشاء هذه الأداة المالية المشتركة. وقد تجد هذه الدول قريبا أن رؤيتها كانت مبررة. وقام الاتحاد الأوروبي بقفزة ثقة أو مغامرة بإنشاء صندوق التعافي من تداعيات كورونا. ومن حيث المبدأ، يتعين على المفوضية الأوروبية التأكد من أن الحكومات ستوجه الأموال نحو المشاريع التي تخدم أولويات مثل تعزيز الإنتاجية ومكافحة التغير المناخي. ويرى جيوجليانو أنه من الناحية العملية، ستكافح بروكسل لحرمان الدول الأعضاء من الحصص المخصصة لها إذا استخدمتها بشكل مختلف، نظرا إلى أن الساسة الوطنيين سيعترضون ببساطة ويتهمون "المسؤولين الأوروبيين" بأنهم يجوعون شعوبهم. ويمكن للمفوضية أن تحاول ممارسة ضغوط، لكن سيتعين عليها أن تأمل في أن تفعل حكومات الدول الأعضاء الشيء الصحيح. وتبرهن إيطاليا بالفعل على كيف يمكن أن تسوء هذه العملية، حيث لا يمكن لشركاء الحكومة الائتلافية، حركة خمس نجوم الشعبوية، والديمقراطيين، الاتفاق على من سيتولى مسؤولية تخصيص الأموال. ومن المقرر أن تتلقى إيطاليا 209 مليارات يورو في شكل منح وقروض من الاتحاد الأوروبي، ويرى الحزبان أن هذه الأموال تمثل فرصة غير مسبوقة لترسيخ قواعد قوتهما في البلاد من خلال ضخ الأموال في الأماكن الصحيحة. وفي إطار مساع لإدارة المصالح المتضاربة، تبحث الحكومة الإيطالية تشكيل فريق عمل يضم ما يصل إلى 300 مسؤول، من عدة وزارات. ولسوء الحظ، لا تعد البيروقراطية الإيطالية دائما رمزا للكفاءة، لذلك هناك خطر حقيقي من سوء الإدارة. ولا يساعد الاتحاد الأوروبي كثيرا. ويؤجل النزاع بشأن سيادة القانون صرف الشريحة الأولى من الأموال حتى فصل الصيف المقبل، على الأقل. ويهدد هذا التأخير بإضعاف التعافي من صدمة وباء كورونا ومضاعفة الضرر الدائم الناجم عنه، حيث يتزايد عدد الشركات التي تتوقف عن العمل، ويفقد مزيد من العاطلين عن العمل مهاراتهم أو يصابون بالإحباط. ومع ذلك، لن يتم تقديم الخطط الوطنية للتعافي من الوباء إلى بروكسل حتى فصل الربيع، لذلك هناك وقت أمام إيطاليا لتعويض ما فقدته. وتكمن المشكلة في أن روما فقدت على ما يبدو أي إحساس بالهدف أو الاتجاه، حيث إن روبرتو جوالتيري وزير المالية الإيطالي منشغل في مواجهة الأزمة الاقتصادية، من خلال الكشف عن سلسلة من حزم الطوارئ لمساعدة المتضررين من عمليات الإغلاق الجديدة. وبالنظر إلى ما هو أبعد من الأزمة المباشرة، فإن أولويات الحكومة لتعزيز الاقتصاد على المدى الطويل ليست واضحة. ويبدو أن جوزيبي كونتي رئيس الوزراء قد انجرف بعيدا، كما يتضح من تراجع شعبيته. وفي الوقت الحالي، يحمي الاتحاد الأوروبي إيطاليا من المتاعب، فقد قام البنك المركزي الأوروبي بتوجيه مشترياته من الأصول للسندات الحكومية الإيطالية، ما ساعد على دفع عوائد البلاد إلى مستويات قياسية منخفضة. وعلقت بروكسل قواعدها المالية لهذا العام والعام المقبل، ما يسمح لإيطاليا بتسجيل عجز في الميزانية يتجاوز 10 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. ويبدو أن ألمانيا وفرنسا تصران على تفعيل صندوق التعافي من الوباء البالغة قيمته 750 مليار يورو، بغض النظر عن معارضة المجر وبولندا. وبحسب جيوجليانو، لا تستطيع إيطاليا أن تفترض أن هذا الموقف سيستمر إلى الأبد. ومع ذلك، فقد رأينا عددا من كبار الساسة الإيطاليين، وبينهم ريكاردو فراكارو، وكيل مجلس الوزراء الإيطالي الذي ينتمي لحركة خمس نجوم، وديفيد ساسولي، الرئيس الديمقراطي للبرلمان الأوروبي، يطرحون فكرة شطب الديون التي حدثت خلال الوباء. ورد عديد من مسؤولي البنك المركزي الأوروبي بأن إلغاء بعض حيازات البنك المركزي من الديون السيادية سيكون ضد المعاهدات الأوروبية، التي تمنعه من تسييل العجز. وعلى مدار أعوام، كانت إيطاليا تطالب جيرانها بالتضامن معها. ويعد صندوق مكافحة الركود الناجم عن وباء كورونا بمنزلة استجابة ملموسة لهذه الدعوات، في وقت هي في حاجة ماسة فيه إلى الدعم. وتحتاج روما الآن إلى إظهار قدرتها على إنفاق الأموال بشكل فعال وملائم، فليست مصداقيتها فحسب هي التي على المحك، إنما مستقبل الاتحاد الأوروبي برمته.

مشاركة :